تدخل مدينة طرطوس القديمة مساراً جديداً ربما كان من المفترض أن يتم منذ سنين طويلة، وهو المسار الاستثماري والاقتصادي إضافة للسياحي الذي سيحقق مكانة جديدة للمدينة القديمة المطلة على البحر المتوسط مباشرة.
فمنذ عام 2021 انطلقت الفكرة بناء على تجربة محافظة حلب الرائدة بترميم أسواقها الأثرية المتضررة، وتدشين سوق حلب الأثري والاتفاقية التي تمت لترميم سوق الحبال، وبناء عليه شكلت لجنة للبدء بتجربة طرطوس القديمة وفيها ممثلون عن عدة جهات (مجلس مدينة طرطوس ومديريات الآثار والأوقاف والسياحة بالشراكة مع مؤسسة الأمانة السورية للتنمية).
وتم الاتفاق على البدء بوضع «وثيقة عمل» لوضع أساس لكل المحاور على أسس أكاديمية وفنية وعلمية صحيحة ولتكون خطة عمل مستمرة تشمل عمل كل الجهات المعنية.
رئيسة دائرة المدينة القديمة المهندسة ميرفت عثمان أوضحت لـ«الوطن» أنه منذ عام 2021 وإلى اليوم استطاع فريق العمل المكون من الأمانة السورية للتنمية ومجلس مدينة طرطوس بما فيه دائرة طرطوس القديمة ومديريات الآثار والسياحة والثقافة استكمال العمل على عدة محاور وهي المسار الاجتماعي والمسار الاقتصادي والمسار العمراني والثقافي، بكوادر متخصصة وإشراف هندسي كامل.
وأضافت: من حيث المسار الاجتماعي تم مسح المنطقة بالكامل وإقامة جلسات مطولة مع الأهالي وخلصنا إلى أنه مجتمع منفتح ومتعاون، باعتبار أن الأهم هو الحفاظ على سكان طرطوس القديمة للحفاظ على ذاكرة المكان وبصمته الاجتماعية الخاصة به، واليوم فريق العمل يعد ورشة عمل بعنوان «مرحلة تبني المجتمع الأهلي للمشروع» وهي الخطوة الأخيرة أمام البدء بالتنفيذ، لأن توفر شرط خدمة الأهالي هو الأساس وتمت إزالة تخوفهم من إخلاء المدينة.
أما بخصوص المسار الاقتصادي فهو متضمن المسار السياحي والخدمي الذي سينظم كيفية الاستثمار في طرطوس القديمة وترميمها وفق أولويات تبدأ بالبنية التحتية بحيث يتم إنشاء نفق خدمات لكل التمديدات اللازمة قبل رصف الطرقات وتأهيل واستثمار ساحات قبو عرفات والحمّام العثماني بحيث سيكون الاستثمار متوضعاً حول المدينة للمناطق المستملكة، على حين يكون استثمار أملاك القاطنين أمراً خاصاً بهم.
إضافة إلى المسار العمراني الذي شمل توثيق 95 بالمئة من المباني بمخططات جديدة شاملاً القلعة التي تبلغ مساحتها 4 هكتارات والمدينة التي تبلغ 20 هكتاراً مع الاهتمام ببرج الطاحونة والمتحف.
وترى عثمان أن عام 2024 سيكون عام الانطلاق بالتنفيذ بدءاً من تحديد الأولويات إلى التمويل اللازم بالتعاون مع الشركاء في مؤسسة الأمانة السورية للتنمية، وذلك وفق الإستراتيجية الموضوعة للانطلاق بمدينة قديمة جاذبة للسياحة الداخلية والخارجية بوجه جديد ينشر ثقافة الحرف التقليدية الموجودة في المدينة بمخطط تنظيمي استثماري ملائم للواقع.