قضايا وآراء

«تجديد أميركا»: وجود قوات أميركية في سورية والعراق عار

| تحسين حلبي

بعد عدوان الولايات المتحدة على سورية في أيلول عام 2014 ونشر قوات أميركية في المنطقة الشمالية الشرقية الحدودية السورية وفي العراق، بحجة محاربة إرهاب داعش، أصبحت كل من سورية والعراق في حالة حرب دفاعية مشروعة ضد الولايات المتحدة التي انتهكت كل مواثيق الأمم المتحدة بعدوانها على السيادتين السورية العراقية، وثبت بطلان الزعم الأميركي بمحاربة الإرهاب بعد هزيمة الجيش العربي السوري والعراقي وحلفائهما لكل مجموعات داعش وتحرير الأراضي من سيطرتها في عام 2018.

تقرير المفتش العام لوزارة الدفاع الأميركية الصادر في 30 أيلول الماضي، والمنشور في موقع المفتش العام في التاسع من شهر تشرين الثاني الماضي، أكد أن قواعد ومجموعات داعش تم تدميرها وإنهاء وجودها الفاعل قبل خمس سنوات، ولم يعد هناك مبرر لانتشار القوات الأميركية في مناطق سورية وعراقية، ومع تطور جرائم حرب العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ومشاركة اليمن في إسناد المقاومة الفلسطينية عن طريق ملاحقة السفن البحرية الإسرائيلية عبر البحر الأحمر ومجابهة القوات البحرية الأميركية للبحرية اليمنية، تصبح الدول الثلاث في حالة حرب من الناحية العملية ضد الولايات المتحدة وهو ما لم يحدث في السابق مع ثلاث دول عربية دفعة واحدة. يبدو أن المعارضة لهذا العدوان الأميركي بدأت تزداد داخل الولايات المتحدة وتحذر من تفاقم الأخطار على القوات الأميركية وخاصة في أعقاب الحرب الوحشية الإسرائيلية على قطاع غزة، ففي 23 تشرين الثاني الماضي كشف نائب رئيس «مركز تجديد أميركا» دان كالدويل وهو ضابط متقاعد من قوات المارينز وشارك في الحرب على العراق في مقال نشرته مجلة «ذي أميركان كونسيرفاتيف» تحت عنوان «عار أميركا القومي في سورية والعراق»، جاء فيه أن الرئيس الأميركي جو «بايدين ما زال يتجاهل مضاعفات سياسته ضد سورية والعراق وإيران وخاصة بعد إصابة أكثر من سبعين جندياً أميركيا نتيجة العمليات التي تشنها فصائل مقاومة مدعومة من هذه الدول ضد الوحدات العسكرية الأميركية منذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة».

ويحذر كالدويل أن «وجود القوات الأميركية في تلك المناطق بعد انتهاء صلاحية المبرر بمحاربة داعش التي لم يعد لها وجود مؤثر، لن تخدم أمن الولايات المتحدة»، ويذكر أن داعش لم تعد تستهدف بعملياتها إلا الجيش الغربي السوري والعراقي وهذا ما يخدم المصلحة الأميركية.

لكن الحقيقة التي تظهر جلية من بقاء هذه القوات هي أن واشنطن بدأت تستخدم بقايا داعش مع ميليشيات «قوات سورية الديمقراطية – قسد» ذات القيادة الكردية المتعاملة معها، وكل من يمكن أن تجنده من مرتزقة، لشن العمليات الإرهابية على الجيش العربي السوري والعراقي في تلك المناطق التي تنتشر فيها وحدات عسكرية أميركية، وبهذه الطريقة تسعى واشنطن إلى توسيع عدوانها على سورية والعراق بمجموعات إرهابية لتحقيق هدفها المركزي وهو تقسيم مناطق السيطرة والنفوذ الأميركي شمال سورية بطريقة أميركية – إسرائيلية مكشوفة، وقد اعتادت السياسة الأميركية على استخدام مجموعات القاعدة وداعش الإرهابية ضد كل أعدائها بطرق سرية وهو ما فعلته ضد سورية والعراق منذ انسحاب قواتها من العراق عام 2012، وكذلك منذ عدوانها على سورية عام 2014 عندما بدأ الاجتياح الإرهابي لمجموعات داعش والقاعدة على مناطق في شمال سورية والعراق، ويضيف كالدويل أن «أكثر الأبعاد خطورة على أميركا في ظل استمرار وجودها هناك هو أن تتسع وتتكثف عمليات المقاومة ضد القوات الأميركية وتنضم إليها بشكل مباشر سورية والعراق وإيران فتشتد جبهة الحرب على إسرائيل من جنوب لبنان وتتسع الحرب فتشمل مناطق في الخليج فتجد واشنطن نفسها أمام حربين واسعتين إقليميتين دولياً وخاصة من روسيا وساحة الحرب في أوكرانيا»، ولذلك يرى كالدويل أن «الحل الوحيد لمنع هذه المضاعفات هو الانسحاب من سورية والعراق بهدف إعطاء الأولوية للمحافظة على حياة الجنود الأميركيين والمصالح الأميركية وهذا من شأنه تخفيض التوتر مع إيران وإزالة القلق المتصاعد على حياة القوات الأميركية في كل المنطقة».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن