اقتصادالأخبار البارزة

عرنوس يترأس اجتماعات الدورة الخامسة عشرة للجنة العليا المشتركة السورية الإيرانية في طهران … اتفاقيات مشتركة في المصارف والصناعة والثقافة وتفاهمات ضريبية وجمركية وتوقيع ملحق اتفاقية التجارة الحرة السورية الإيرانية

| هناء غانم - رامز محفوظ

بدأت أمس في العاصمة الإيرانية طهران اجتماعات الدورة الخامسة عشرة للجنة العليا المشتركة السورية الإيرانية برئاسة المهندس حسين عرنوس رئيس مجلس الوزراء والدكتور محمد مخبر النائب الأول للرئيس الإيراني وبحضور وفد اقتصادي من البلدين لبحث علاقات التعاون الثنائي والمواضيع المتعلقة باتفاقية التعاون الاقتصادي المشترك وسبل تعزيز التبادل التجاري. وأكد الجانبان ضرورة تسريع إجراءات تنفيذ التفاهمات وفق جداول زمنية محددة وزيادة التبادل التجاري وفتح آفاق جديدة للتعاون بين مصارف البلدين، والاستفادة من الخبرات المشتركة في هذا المجال.

وبدأت أولى هذه الاجتماعات في قصر سعد أباد في العاصمة طهران حيث استعرض الجانبان آفاق التعاون المشتركة وتفعيلها على أرض الواقع بما يلبي احتياجات ومتطلبات الوضع الراهن، وشملت المباحثات مجالات التعاون في قطاع الطاقة والمشتقات النفطية والنقل والصناعة خصوصاً الجرارات والإطارات والبطاريات، والنقل والسياحة وتعزيز التبادل التجاري وضرورة تفعيل دور قطاع الأعمال في البلدين وإقامة شراكات استثمارية وإنتاجية بما يخدم مصلحة البلدين والشعبين الصديقين.

وأدان الجانبان العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة وجرائم الحرب التي يرتكبها بحق الأهالي هناك، مؤكدين ضرورة إيقاف العدوان ومحاسبة المسؤولين الإسرائيليين عن الجرائم التي يرتكبونها بحق الإنسانية والبشرية.

وأكد عرنوس حرص الحكومة السورية على تطوير العلاقات الثنائية في مختلف المجالات، وأهمية وضع جميع الاتفاقيات والتفاهمات الموقعة بين البلدين حيز التنفيذ الفعلي وفق برامج وجداول زمنية محددة تنعكس بشكل مباشر على اقتصاد البلدين والمواطنين فيهما.

وأضاف رئيس الوزراء: إن للشركات الإيرانية الأولوية في المشاركة بإعادة الإعمار في سورية، مؤكداً أن العلاقات بين سورية وإيران تاريخية متجذرة، وأن الشعب السوري لن ينسى مواقف إيران، معرباً عن الشكر لإيران قيادة وحكومة وشعباً لوقوفها إلى جانب سورية في مواجهة الحرب الإرهابية والإجراءات الاقتصادية القسرية أحادية الجانب.

وأضاف عرنوس: لقد شكلت المباحثات والتفاهمات التي تمت في دمشق بين السيد الرئيس بشار الأسد والرئيس إبراهيم رئيسي خلال شهر أيار المنصرم عتبة مهمة ومفصلية على صعيد تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين، ولاسيما في جانبها الاقتصادي، وبشكل خاص في المجالات التي اتسمت بصفة الأولوية على صعيد السرعة في التنفيذ، حيث تمّ اتخاذ خطوات عملية وإيجابية خلال عدة أشهر فقط في العديد من المجالات لم يتم إحراز ما يماثلها سابقاً على مدى سنوات من المفاوضات والمباحثات التي تمّت في المجالات ذاتها، ما عكس الحس العالي بالمسؤولية لدى الجهات المعنية من كلا البلدين لتنفيذ توجيهات الرئيسين.

بعد توقف 4 سنوات

وبين عرنوس أنه تنعقد اليوم اجتماعات الدورة الخامسة عشرة للجنة العليا المشتركة السورية – الإيرانية والتي لم تعقد منذ عام 2019، وأنّ محضر اجتماعات هذه الدورة سيتضمن أهم ما تم التوصل إليه في العديد من القطاعات ولاسيما تلك التي تترقبها الأوساط التجارية والاقتصادية في كل من البلدين، ومنها تأسيس البنك المشترك، وتطوير التعاون في المجال المصرفي من خلال تحديد آليات التعامل بالعملات المحلية، بما يساعد على تنمية التعاون الاقتصادي، وتطوير اتفاقية التجارة الحرة الموقّعة بين البلدين عام 2011 بما يسهم في تعزيز حجم التجارة البينية ولاسيما فيما يتعلق بتأمين مستلزمات العملية الإنتاجية والمشاريع الاستثمارية، وتأسيس شركتي التأمين، والاتفاق على وضع خريطة طريق للتعاون المشترك وصيغ هذا التعاون وآلياته في مجال الطاقة الكهربائية، وتسهيل التعاون في المجال السياحي، والاتفاق على آليات لتطوير التعاون بين البلدين في مجموعة من المجالات الأخرى كالصناعة والزراعة والإسكان والضرائب والرسوم والصحة والتعليم وتوطين التقنيات الحديثة وتدريب الكوادر.

حيّز التنفيذ الفعلي

وشدد رئيس مجلس الوزراء على ضرورة أن يتم وضع جميع الوثائق التي سيتم توقيعها حيّز التنفيذ الفعلي في أقرب وقت ممكن، وتفعيلها إلى جانب الوثائق الأخرى الموقّعة سابقاً بالشكل الأمثل الذي يحقق الهدف من توقيعها، مضيفاً: لتكون غايتنا الإنجاز والعمل بشكل حقيقي وليست مجرد التوقيع على الوثائق والتي تفقد أهميتها إذا لم نجعلها بوصلتنا نحو تحقيق أهدافنا المشتركة.

من جهته قال محمد مخبر رئيس الجانب الإيراني في اللجنة العليا المشتركة السورية الإيرانية إن سورية انتصرت على الإرهاب وإن إيران مستمرة في تقديم كل الدعم لها، ونحن مصممون على تحقيق نقلة نوعية في العلاقات الاقتصادية والمساهمة في تحسين الواقع الاقتصادي في سورية، مشيراً إلى أهمية تطوير المشاريع المشتركة وإقامة مشاريع جديدة في مختلف القطاعات والدفع بالعلاقات الثنائية إلى الأمام.

وقدم الوزراء المشاركون من الطرفين كل في اختصاصه عرضاً لمراحل تقدم العلاقات بين البلدين والإجراءات المتخذة لتذليل أي صعوبات تعيق التعاون الثنائي.

توقيع 6 اتفاقيات

وتمخضت الزيارة بداية بالتوقيع على بروتوكول 6 وثائق في مختلف المجالات أبرزها ملحق اتفاقية التجارة الحرة السورية الإيرانية الموقعة بين البلدين في 2011 والصناعة والتحويلات المصرفية والثقافية كما وقع الجانبان مذكرات تفاهم للتعاون بين مصرف سورية المركزي والمصرف المركزي الإيراني ومذكرات تفاهم ضريبية وجمركية وأخرى في مجال السياحة والتعاون في مجال الآثار والمتاحف والرياضة، بالإضافة للتوقيع على إضافة مذكرة تفاهم بين مكتبة الأسد في سورية ومنظمة الوثائق والمكتبة الوطنية في إيران.

مصرف مشترك

وخلال الزيارة بحث حاكم مصرف سورية المركزي الدكتور محمد عصام هزيمة مع محافظ البنك المركزي الإيراني الدكتور محمد رضا فريزين بمشاركة وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية الدكتور محمد سامر الخليل عدداً من محاور التعاون المالي والمصرفي بين البلدين.

وجرت أيضاً مناقشة إيجاد وتمتين العلاقات المصرفية بين البلدين التي ستعتبر خدمة للحركة التجارية المستقبلية بين التجار السوريين والإيرانيين، والخطوات المتخذة فيما يتعلق بالمصرف المشترك المزمع إنشاؤه في سورية.

وتم خلال الاجتماع الاتفاق على تشكيل لجنة فنية لمتابعة جميع الأعمال بين المصرف المركزي الإيراني والمصرف المركزي السوري، على أن تكون هناك لجنة عمل دائمة تجتمع بشكل دوري لتذليل كل الصعوبات والعوائق الموجودة حالياً أو التي يمكن أن تظهر لتعزيز وتمتين التعاون المصرفي. كما تناول البحث إيجاد آليات فعالة للتبادل التجاري بالعملات المحلية بين البلدين.

حان وقت القطاف

«يبدو أن الوقت قد حان لقطف ثمار التعاون السوري – الإيراني» حسب ما أكده قطاع الأعمال خلال اجتماعاته في العاصمة الإيرانية طهران مؤكداً أن هناك اتفاقيات أصبحت في دائرة التنفيذ وتتعلق بمجالات تعاون مهمة من شأنها أن تدفع التعاون الاقتصادي والاستثماري في كل القطاعات نحو الأمام، والأهم أن ما يجري العمل عليه اليوم سيؤدي إلى رفع مستوى العلاقات الاقتصادية لما يطمح إليه البلدان.

الاستفادة من التجارب الإيرانية

جورج داود خازن غرفة صناعة دمشق وريفها وممثل الغرفة في الوفد السوري أكد في تصريح لـ«الوطن» أنه تم الاتفاق على تعزيز التعاون المشترك للقطاع الخاص في سورية وإيران في المجالات الصناعية لافتاً إلى وجود العديد من المجالات للتعاون المشترك. وأضاف داود: تقدمنا باسم الصناعيين بدعوى للشركاء الإيرانيين لترميم المعامل وللتأسيس لإقامة شركات صناعية بخطوط إنتاج وإقامة معامل مشتركة والارتقاء بالتكامل الصناعي الذي سيسهم في إزالة العوائق أمام الشراكة بين البلدين. مشيراً إلى أن الإنتاج هو قاطرة النمو وعلينا الاستفادة من السوق الإيرانية وجعلها محطة للترويج للبضائع السورية موضحاً حاجة القطاع الصناعي السوري إلى ما تمتلكه إيران من صناعات متطورة وبحوث العلمية وإلى ضرورة تبادل التجارب والتقنيات الناجحة لدى الجانبين وكل ما من شأنه الدفع بعملية النمو وتحقيق القيم المضافة بين البلدين بما يساعد على النهوض وتوفير فرص العمل والتشغيل في سورية.

وأشار داود إلى أهمية التشاركية في القطاع الصناعي وإقامة المعامل والمصانع بهدف الترويج للمنتج السوري والسماح لجميع البضائع بالدخول إلى السوق الإيرانية والأسواق المجاورة، لافتاً إلى أن اللقاءات مع الوفد الإيراني كشفت عن وجود نية حقيقية واستعداد كامل للتعاون مع الجانب السوري ولاسيما في إقامة شركات ومصانع مشتركة.

الغرفة المشتركة

وتزامناً مع انعقاد اللقاء الحكومي، قامت الغرفة السورية الإيرانية المشتركة بعقد لقاء في مبنى اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة والمناجم في إيران مع رئيس غرفة تجارة إيران حسين سلاح ورزي وأعضاء مجلس الإدارة ومع رئيس الغرفة التجارية الإيرانية السورية عن الجانب الإيراني كيوان كاشفي وأعضاء مجلس الإدارة، حيث ضم الوفد السوري رئيس اتحاد غرف التجارة السورية محمد أبو الهدى اللحام ورئيس الغرفة التجارية السورية الإيرانية المشتركة فهد درويش ورئيس اتحاد غرف الزراعة السورية محمد كشتو إضافة لعضو اتحاد غرف الصناعة السورية حيان الأصفر وخازن غرفة صناعة دمشق وريفها جورج داوود.

وفي بداية اللقاء وصف رئيس غرفة تجارة إيران الزيارة بأنها جاءت في توقيت مهم، معرباً عن سروره لما وصلت إليه سورية من تعافٍ اقتصادي خلال فترة قصيرة رغم العقوبات الجائرة المفروضة عليها، مؤكداً عمق العلاقات بين البلدين ووجود قواسم مشتركة ثقافية وتاريخية ودينية بين البلدين وأشاد بالدور الفعال الذي قامت به الغرفة التجارية السورية الإيرانية المشتركة خلال الأعوام السابقة، لافتاً إلى أن حجم التبادل التجاري بين سورية وإيران خجول والسبب في ذلك عدم وضع الاتفاقيات حيز التنفيذ، موضحاً بأنه مع تنفيذ الاتفاقيات الموقعة بين البلدين سيكون هناك طفرة في حجم التبادل التجاري.

نحتاج إلى موادكم الأولية

وأكد ورزي أن السبب الرئيس لانخفاض حجم التبادل المالي بين البلدين العقوبات المفروضة على البلدين واليوم أصبح الوقت مناسباً لإيجاد حلول لهذه العقوبات وتجاوزها، لافتاً إلى أن مهمة القطاع الخاص اليوم تقديم المقترحات والخطوات العملية لحكومتي البلدين، موضحاً بأن الغرفة الإيرانية عليها العمل لتحقيق توازن في ميزان التبادل التجاري بين سورية وإيران من خلال تشجيع التجار الإيرانيين على استيراد المواد الأولية الموجودة في سورية واللازمة لصناعاتهم.

وبيّن أنه من الممكن الوصول إلى حجم تبادل تجاري يقدر بمليار دولار خلال وقت قصير جداً وذلك في ظل وجود الرغبة والإرادة لدى الطرفين عن طريق تأسيس الشركات المشتركة المتخصصة.

بالتوازي أكد رئيس الغرفة التجارية الإيرانية السورية المشتركة كيوان كاشفي أن تولي حسين اكبري منصب السفير الإيراني في سورية والذي يملك خبرة كافية في العلاقات السورية الإيرانية أدى إلى حصول تطور ملحوظ في حجم التبادل التجاري بين البلدين كما سهل العديد من العقبات الموجودة، مؤكداً أن قسم كبير من البضائع الإيرانية تدخل إلى سورية عن طريق السوق العراقية نتيجة لوجود تسهيلات من الدول العربية، مبيناً أنه في حال وقّعت الاتفاقيات بين سورية وإيران سيصبح دخول البضائع من سورية إلى إيران بشكل مباشر وسيكون حجم التبادل التجاري أكبر.

حجم تجارة غير مسبوق

من جهته أكد رئيس اتحاد غرفة التجارة السورية محمد أبو الهدى اللحام أن وفد القطاع الخاص السوري يزور طهران من أجل تذليل العقبات الموجودة بخصوص التجارة بين البلدين وذلك بالتوازي مع وجود رغبة شديدة من قبل تجار البلدين للتعاون المشترك، لافتاً إلى أنه في حال تم إيجاد حل للعقبات والمشكلات الموجودة سيكون حجم التجارة بين البلدين غير مسبوق.

بدوره أكد رئيس الغرفة التجارية السورية الإيرانية المشتركة فهد درويش أن هذه الزيارة تختلف عن سابقاتها من الزيارات لاقترانها مع زيارة رئيس الوزراء السوري حسين عرنوس لإيران يرافقه وزير الاقتصاد محمد سامر الخليل مع الفريق الحكومي الفني وعدد كبير من الوزراء السوريين.

وتطرق درويش خلال اللقاء إلى ما قامت به الغرفة التجارية السورية الإيرانية المشتركة خلال العام الماضي والمقترحات التي قدمتها لتذليل العقبات الاقتصادية التي تواجه التبادل التجاري على صعيد القطاع الخاص بين البلدين، مبيناً أنه يجب الخروج من حالة الاجتماعات واللقاءات الدورية إلى تنفيذ خطوات عملية على أرض الواقع من خلال البدء بتأسيس شركات مشتركة مختصة بمجالات الطاقة والصناعة والزراعة والسياحة والتجارة وهدف الزيارة تنفيذ هذا المحور الأساسي والوصول إلى تأسيس شركات مشتركة.

وفي تصريح لـ«الوطن» بيّن درويش أن اللقاء بين الغرفة التجارية السورية الإيرانية المشتركة وغرف التجارة والزراعة والصناعة والمناجم في إيران عقد أمس بالتزامن مع توقيع الاتفاقيات بين الجمهورية العربية السورية والجمهورية الإيرانية وهذا اللقاء كان مهماً ومثمراً، مشدداً على ضرورة تطوير العمل الاقتصادي والعمل على تحسين الواقع الاقتصادي بين البلدين بأسرع وقت ممكن من خلال تنفيذ الاتفاقيات الموقعة وتفعيل الشراكة بين البلدين وتأسيس شركات مشتركة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن