ثقافة وفن

وقفات مع بعض الأجناس الأدبية بين الشعر والقصة القصيرة والمسرح… توجيه القراء نحو المحتوى القيم

| مصعب أيوب

بغية إنصاف الكاتب المجيد وتوجيه عيون واهتمام القارئ نحو الإبداع الحقيقي والكتب التي تستحق القراءة والاهتمام، قدم د. هيثم يحيى الخواجة دراسته التي أعدها تحت عنوان /مقاربات على مفاصل المعنى والإشراق/ متبعاً المنهج الوصفي في المقاربة بين الأعمال الإبداعية من دون أن يغفل دور المنهج التحليلي في دعمه.

أدب الأطفال

يضيء الخواجة في كتابه على مجموعة من الكتاب والرواد في ميادين الفن والثقافة المختلفة ومنها الشعر والرواية والقصة القصيرة والمسرح فيستهل الحديث عن شعر بيان الصفدي، مؤكداً أن شعر الأطفال يتصف بأنه فن يحمل ميزات مختلفة ومنها النغمة الدافئة والإيقاع الموسيقي الذي يحرك الوجدان والجوارح بما ينسجم مع الحركة، فيركز على أهمية هذا الفن وصعوبة ملاءمته مع عالم الطفل، كما يشير إلى أن الصفدي من أبرز من كتب للأطفال ومن أهم من أغنى المكتبة العربية بعدد كبير من الدواوين والأشعار بحيث أنه حقق أربعة أهداف في مؤلفاته / لغوي، تربوي، خلقي، ووجداني/ وهو ما لا يمكن تحقيقه بسهولة، فيبث الصفدي روح التفاؤل ويبعث على المثل العليا ويثير العواطف السامية بتوجهه إلى إحساس الطفل الرقيق والمرهف.

ويضيف أيضاً: إن الصفدي ركز على تحفيز خيال الطفل منطلقاً من الحركة واللعب، منتقياً جمله بعناية وأوزانه بدقة، فاستخدم الكلمات البسيطة الواضحة والعبارات السهلة الحفظ، ودمج بين التشويق والإثارة حتى غدت أشعاره لوحات فنية تتلألأ في فضاء عالم الطفل، وبات الصفدي يصنف أحد أبرز شعراء الطفل في العالم العربي.

أشعار ملونة لمحمد إدريس

يشير الخواجة إلى أن محمد إدريس ابتعد عن النمط التقليدي والكلاسيكي واتبع منهجاً حديثاً في الحوار والمونولوج الداخلي في تعامله مع المتلقي ليحقق معادلة الدمج بين الواقع والحلم، بحيث أنه لم يكتف بتقديم الجديد شكلاً فحسب، بل إضافة له شكلاً ومضموناً وهو ما واجهه من معارضة وعدم إعجاب في أحيان كثيرة بعد أن تخلى عن الوزن والعروض والإيقاع الخارجي، ولكن ذلك لم يثن من عزيمته، فقلما تجد شاعراً أو مبدعاً ليس لديه بعض الناقدين والرافضين، كما أن لديه معجبين ومحبين ومن البديهي أن يحظى احدهم بقبول عام.

وقد أشار الخواجة إلى أن إدريس ركز على أهمية قصيدة النثر في الإبداع مساهماً في تكريس دورها وتعزيزه، فهو يهتم بالعالم الخارجي المحسوس، إضافة إلى اهتمامه بالداخل وبوحه وأسراره وهواجسه، كما أن الحب يظل من أهم منجزات إدريس بحسب الخواجة لأنه بوصلة الشعوب للحياة الكريمة الآمنة، فيقول: أشتاق إليك

كما الحقول للمطر

كما النجوم للقمر

فمتى نلتقي؟

ياحبيبتي

ومتى ينقضي موسم السفر؟

صور فنية في شعر البارودي

ينطلق الشاعر وجيه البارودي من أساس ثقافي متين مستخدماً موهبته الشعرية وذكاءه الحاد، إضافة إلى ميله للحداثة والتجديد ونرى ذلك جلياً في /سيد العاشقين/.

وكذلك فإن من يقرأ شعره يمكنه أن يلمس روحه الفنية في تشكيل شعره مبتكراً صوراً وطروحات جديدة ومختاراً تركيبات فنية متمسكاً بناصية القيمتين الموسيقية والتصويرية.

تنزلت من سماء الوحي مائدة

على وجيه، فما عيسى بمنفرد

شغلت باللحظ عن أكل وعن كرم

فللصبابة معنى ليس في الدسم

جوعانة عين من يهوى فلا شبعت

من المحاسن عين العاشق النهم

أخلاق نبيلة

في قراءة للخواجة في مجموعة قصص لجمال قاسم السلومي حول أهمية القيم التربوية والأخلاقية يؤكد أن ترسيخها يعد من المهام الكبيرة التي تقع على عاتق مبدع أدب الطفل بأسلوب بعيد عن النصح والإرشاد والمخاطبة والمباشرة من خلال إفساح المجال للطفل لاختيار واستنباط القيم التربوية، فيستشهد الخواجة بقصص وحكايات للسلومي منها / من جد وجد، الأرنب والبستاني، رحلة الفأر نونو/ فيؤكد المؤلف على أن السلومي كرس اهتمامه لدمج القيم النبيلة والمعاني السامية والأخلاق الإيجابية في قصصه ليتلقاها الطفل ببساطة وسلاسة ويعتمدها في حياته.

مد وجزر

شهد المسرح العربي حالات عديدة من المد والجزر منذ خمسينيات القرن الماضي ولعل أهم أسبابها عدم تبلور المدارس المسرحية نقداً وتأليفاً وإخراجاً وتذبذب الواقع الاقتصادي والكثير من الأمور التي خلخلت علاقة المتلقي بالمسرح، فقد كانت مصر سباقة في هذا الميدان بحركة مسرحية قوية كان روادها كتاباً ومخرجين أصحاب دور فعال في النهوض بالفن على يد كثيرين مثل كرم مطاوع وسمير العصفوري ومحمود دياب ونجيب سرور وفاروق جويدة وغيرهم، كما برز في سورية رياض عصمت وممدوح عدوان ومصطفى الحلاج وعبد الفتاح قلعه جي وقد تبنى المسرح القومي والعمالي والمسرح الجامعي.

يهدف الكتاب إلى الابتعاد عن المغالاة وتوجيه الرأي الصواب ويدعمه بالأدلة، وقد ركز اهتمامه على الإبداع الحقيقي لينير على الإبداع الجميل ويبرز جوهره ومكنونه كما أنه حاول تثمين جهد الكاتب المجيد والوقوف على نقاط القوة والضعف في مؤلفاته، وقد ضم الفصل الثالث من الكتاب /نبضات مسرحية/ لبعض رواد المسرح العربي ومنهم أبو خليل القباني وبلال عبدالله وسلطان النيادي ومحمد العامري وسعيد سالم وإبراهيم سالم وغيرهم.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن