ثقافة وفن

عشرة أعوام على رحيل سليم كلاس … الفنان الأنيق وأحد أعمدة المسلسلات الشامية

| وائل العدس

قبل عشرة أعوام رحل عن دنيانا الفنان الدمشقي المعروف بأناقته وطيبته، إنه سليم كلاس الذي فارق الحياة عن عمر ناهز 77 عاماً تاركاً وراءه إرثاً فنياً لا يفنى في الإذاعة والتلفزيون والسينما والمسرح.

تميز بظهوره الأنيق بالطقم الرسمي وربطة العنق في إشارة إلى تخصيص المخرجين أدوار الرجل الثري والجميل في مختلف الأعمال التي أبدعها.

عُرف بصاحب الوجه الوسيم وكانت أغلبية إطلالاته على الشاشة الصغيرة تظهره رجلاً مرتاحاً، معتمداً على المال وجمال الوجه برغم تقدمه في السن.

الرجل المودرن

ولد الفنان الراحل في دمشق عام 1936، حصل على إجازة في التجارة من جامعة دمشق، لكن تغلبت مكنونات الموهبة الفنية داخله على مقدراته التجارية فتوجه إلى التمثيل العام 1970.

له مسيرة فنية طويلة تضمنت ما يقارب 200 عمل فني، بين السينما والإذاعة والمسرح والتلفزيون، وهو أب لستة أولاد وحائز إجازة من كلية الاقتصاد في جامعة دمشق.

بدأ حياته الفنية من خلال مشاركته مع مجموعة من الطلبة الجامعيين بتقديم عدد من الأعمال على المسرح، ثم عمل بالمسرح القومي لينتقل بعد ذلك إلى التلفزيون بعد تأسيسه بسنة واحدة وكانت أول مشاركة له من خلال تمثيلية «عشاء الوداع»، لتتوالى مشاركاته بعد ذلك.

وفي البدايات عمل كمذيع في التلفزيون، وقدّم عدداً من البرامج الأسبوعية واللقاءات الفنية والمسابقات الجماهيرية، كما عمل في فرق الفنون الشعبية والمسرحية، ويؤرخ الدور التلفزيوني الأول له في العام 1970 حينما شارك في مسلسل «حارة القصر» بإدارة المخرج علاء الدين كوكش وتأليف عادل أبو شنب، هذا العمل كان بداية لانطلاقته في عالم الدراما، لكن أحداً لم يتوقع أن يصبح فيما بعد من أشهر وجوه هذه الدراما، وأن تصل شهرته إلى الوطن العربي.

لكلاس بصمته الواضحة في الدراما السورية، ودرج على أداء الأدوار التقليدية للرجل الشرقي وأحياناً كثيرة دور التاجر السوري المعروف بشطارته التجارية، لكنه اشتهر خاصة بتقديمه البارع لشخصية «الحلاق» في أعمال البيئة الشامية، مثل «الخوالي» و«ليالي الصالحية»، و«أيام شامية»، حيث علق على الموضوع في أحد حواراته قائلاً: «بالنسبة لممثل في سني يناسبه الدور الثابت غير المتحرك فليس منطقياً أن آخذ دور (القبضاي) أو حامل السلاح، كما أن الأدوار الثابتة الأخرى وزعت على أشخاص يستحقونها فلم أر ظلماً لحق بي، وفي باب الحارة شاهدني الجمهور صاحب محل للنحاس وفي هذا تغير عما كان في السابق».

كلاس اعترف قبل وفاته أن معظم الكتّاب والمخرجين يتخيلونه بشخصية الرجل المودرن الذي يرتدي الطقم والكرافة، ويمثل دور المدير والمحافظ والمسؤول الكبير ورجل الأعمال وما شابه.. الأمر الذي أطره في تلك الأدوار على حين يتمنى أن يُجسد الشخصيات الشعبية والعادية كالعامل والفلاح والرجل البسيط والمسحوق وما شابه.

أعمال غنية ومتنوعة

شارك في بداياته بعدة مسرحيات منها «تاجر البندقية»، و«مكبث»، و«الاعترافات الكاذبة»، و«حفلة سمر من أجل 5 حزيران».

بينما يعتبر إحدى أهم شخصيات البرنامج الإذاعي الشهير «حكم العدالة» الذي كتبه المحامي هائل اليوسفي، إضافة إلى البرنامج الكوميدي «جزيرة المرح».

وافتتح إطلالاته على شاشات الفن السابع بفيلم «الصديقان» عام 1970 وألفه نهاد قلعي وأخرجه حسن الصيفي، قبل أن تتوالى مشاركاته السينمائية ليقدم 13 فيلماً، منها «المخدوعون» و«زواج بالإكراه» و«عودة حميدو» عام 1972، و«غراميات خاصة» و«هاوي مشاكل» 1974، و«الرأس» و«ليل الرجال» عام 1976، و«الزواج على الطريقة المحلية» عام 1978، و«الاتجاه المعاكس» 1975، و«قتل عن طريق التسلسل» 1982، و«ناجي العلي» 1992، و«شورت وفانلة وكاب» 2000، قبل أن يختمها بفيلم «ولاد العم» قبل أربعة أعوام من وفاته.

ويعتبر كلاس من أركان الأعمال الشامية الأساسية، فظهر في معظمها، أولها «أيام شامية» عام 1992، ثم «أبو كامل» بعدها بعام، إضافة إلى «حرب السنوات الأربع» و«حارة الملح» و«الطبيبة» و«قلوب دافئة» و«هجرة القلوب إلى القلوب» و«سكان الريح» و«العروس» و«أيام شامية» و«الأخوة» و«أبناء وأمهات» و«ابتسامة على شفاه جافة» و«جواهر» و«ثلوج الصيف» و«ليل المسافرين» و«الخوالي» و«تمر حنة» و«حمام القيشاني» و«الرحيل إلى الوجه الآخر» و«ليالي الصالحية» و«عشتار» و«عصر الجنون» و«الخياط الأبيض» و«حاجز الصمت» و«رجاها» و«الحور العين» و«أيام الولدنة» و«حسيبة» و«باب الحارة» و«بيت جدي» و«أولاد القيمرية» و«أهل الراية» و«الخط الأحمر» و«رجال الحسم» و«تحت المداس» و«آخر أيام الحب» و«الخبز الحرام» و«طالع الفضة» و«العشق الحرام» و«رجال العز» و«فرقة ناجي عطا الله» و«زمن البرغوت» و«حارة الطنابر» و«الأميمي» و«المفتاح» و«قمر شام».

كما يعد من مؤسسي سلسلة «مرايا»، فشارك في جميع أجزائها بدءاً من عام 1982، كما شارك بعدة أعمال كوميدية منها «يوميات مدير عام»، و«أبو المفهومية»، و«بطل من هذا الزمان»، و«صايعين ضايعين» و«بكرا أحلى» و«أنت عمري» و«البناء 22».

ومن أبرز أعماله الدرامية أيضاً «هجرة القلوب إلى القلوب»، و«الطبيبة»، و«جريمة من الذاكرة»، و«إخوة التراب»، و«رقصة الحبارى»، و«حاجز الصمت»، و«عصر الجنون»، و«بكرا أحلى»، و«الشبيهة»، و«المفتاح»، و«العشق الحرام»، و«سفر الحجارة»، و«رجاها»، و«الرحيل إلى الوجه الآخر»، و«تمر حنة».

موجة فنية جديدة

في أحد لقاءاته الصحفية تحدث كلاس عن موجة فنية جديدة: فقال: «كل شيء تغير في ظل الفضائيات التي تبنت الفن والدراما بشكل خاص، فمن حيث الموضوعات كنا في الماضي نصنع مسلسلات خيالية أو واقعية لكن عن عصور مضت فلا شيء رأيناه منها وبالتالي الارتجال يكون سهلاً ونسبة النجاح في العمل عالية، أما اليوم فإن أي حادثة تحدث في هذا المكان أو ذاك من العالم ترانا جسدناها في مسلسل بعد أن نكون تابعناها عبر الشاشات، وبالتالي يأتيك النص مكتوباً ربما بصورة مغايرة عما شاهدته عبر الشاشات وفي كلتا الحالتين تنخفض نسبة ارتجاليتك سواء بسبب النص المكتوب أم بالمشاهدات التلفزيونية».

وأضاف: «غير الموضوعات تغيرت الأدوات والأجواء التصويرية، فالكل يعلم أننا كنا نصور داخل استوديو في السابق ومنذ سنوات أخذنا في سورية على عاتقنا أن نصور في الطبيعة، حيث يجب أن يصور المشهد، فجعلنا من البلد كله استوديو على طريقة السينما، وكنا نصور بعدة كاميرات، واليوم بكاميرا واحدة، وكل هذا يعتبر تحدياً للذات والشخصية الدرامية للواقع الفني السوري ويجعلك تعيش أمام حالة مستجدة، ونحن وإن تفوقنا على أنفسنا بخصوصها نضع أمامنا المسألة المرحلية إذ نعتبر أنفسنا قد أنهينا مرحلة التحديث ونستعد للمرحلة الآتية التي يأتي بها المخرجون الشباب من خلال دراستهم في الغرب».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن