بات من الواضح ووفقاً للمعطيات على الأرض مشاركة عدة فصائل، أبرزها حركتا حماس والجهاد الإسلامي الفلسطينيتان، والجماعة الإسلامية و«سرايا المقاومة» اللبنانيتان، في المعارك التي يديرها وتشرف عليها المقاومة ممثلة في حزب الله اللبناني ضد إسرائيل في الجنوب اللبناني.
وبات واضحاً أن هذه المعطيات ماثلة للعيان في ظل حالة التصعيد التي اتسم بها الوضع في الحدود الشمالية الإسرائيلية خلال الساعات الماضية.
ويشير تحليل مضمون بعض التقارير السياسية المنشورة أخيراً إلى أن المقاومة تقوم بالنقاط التالية:
1- السماح للفصائل بالتحرك وفقا لمنهجية استراتيجية مدروسة.
2- يحدد لها أماكن تحركها وإطلاقها للصواريخ على إسرائيل.
3- أن تتم هذه الضربات وفقاً لتقديرات استراتيجية تضعها المقاومة بزعامة وتخطيط حزب الله.
وبات من الواضح في ضوء كل هذا أن يقدم الحزب على إشراك أحزاب أخرى منضوية في «محور الممانعة» بالعمليات العسكرية في مرحلة مقبلة من القتال.
وتسعى المقاومة اللبنانية من خلال هذه الاستراتيجية، إلى إمساك أكبر قدر من الأوراق تحضيراً للمرحلة المقبلة وتحديداً بعد انتهاء الحرب في غزة، حيث تصبح مهمة إعادة الاستقرار إلى الحدود اللبنانية مستحقة، وخاصة في ظل وجود عدد من التطورات في منتهى الدقة ومنها:
1- مطالبة حركة حماس من المقاومة اللبنانية بالتدخل عسكرياً في المواجهة ضد إسرائيل من أجل تخفيف الضربات على غزة.
2- مشاركة الحوثيين في القتال، وهو ما له الكثير من الانعكاسات الاستراتيجية المهمة وخاصة ما يتعلق بحرية الحركة في منطقة باب المندب والبحر الأحمر.
يبدو أن المقاومة تسعى من خلال مبدأ «فتح الحدود» للفصائل الأخرى للعمل العسكري، إلى استباق كل الأطروحات الممكنة حول التهدئة، بما في ذلك إقامة منطقة عازلة جنوب نهر الليطاني، وسحب «قوات الرضوان» والعتاد الثقيل إلى ما وراء النهر.
لقد بات من الواضح أن الرسالة الأساسية لعناصر المقاومة هو أن الحدود ستكون مفتوحة أمام جهات عدة، حيث لن يكون أحد قادراً على ضبطها، وبالتالي لن يكون بالإمكان الحديث عن اتفاق لضبط الحدود كما جرى منذ 2006 حتى 2023.
وتشير بعض التقديرات الاستراتيجية إلى إن السيناريو الأفضل هو العودة إلى معادلة ما قبل أحداث 7 تشرين الأول الماضي، باعتبار أن المقاومة ممثلة في حزب الله هي الوحيدة القادرة على تطبيق ذلك، حتى في حال كانت تلك العودة مرتبطة بمفاوضات دولية حول إنهاء كل القضايا الحدودية بين لبنان وإسرائيل، بما في ذلك النقاط 13 ومسألة مزارع شبعا.
وهكذا أصبح بإمكان المقاومة ممثلة في حزب الله، التعهد في مرحلة لاحقة، بإبعاد الفصائل الأخرى عن الحدود، غير أن السؤال المطروح حالياً: هل هذه هي قوة حزب الله الأساسية، وهو الحزب الذي استطاع منازلة إسرائيل في العديد من المواجهات وخاض ضدها الكثير من التحديات وكبدها من قبل خسائر فادحة؟
سؤال صعب في ظل التداعيات الحاصلة على الساحة، وخاصة مع:
1- الأزمات التي تعصف بلبنان حالياً على الصعيد الاقتصادي.
2- من شأن الحرب أن تعمق هذه الأزمات.
3- طلبت بعض الدول من حزب الله عدم الخوض الآن في أي من المواجهات مع إسرائيل والتوقف عن دفع البلاد في اتجاه الحرب في ظل دقة الموقف الحاصل الآن.
عموما بات من الواضح من خلال ما سبق أن هناك الكثير من التحديات التي تواجه حزب الله، وهي التحديات التي تمنعه من وقت لآخر من الدخول في مواجهة تصعيدية مع إسرائيل، الأمر الذي يزيد من حساسية الموقف السياسي حالياً ودقته، وخاصة مع تواصل تداعيات حرب غزة بلا توقف.
كاتب صحفي مصري مقيم في لندن