من دفتر الوطن

لشو الحكي؟!

| عصام داري

عندما لا أجد موضوعاً مهماً أكتب عنه، أو عندما أعجز عن التعبير عن موضوع أو مشكلة ما، ألجأ للأغاني، أستمد منها بعض العزاء وأتمنى أن تعبر هي نيابة عن معاناتي ومعاناة مئات الآلاف من الناس أمثالي، ولكن.. هل نحن ناس فعلاً أم هناك خطأ يحتاج إلى إعادة ضبط المصنع؟

ما علينا، اليوم اخترت أغنية للسيدة الرائعة فيروز التي لم تترك هي والرحابنة أي موضوع إلا وتطرقت إليه، واخترت أغنية «لشو الحكي.. طالل علينا قمر» لأن هذه الأغنية تعبر عن حالنا نحن معشر الصحفيين في هذا الهزيع الأخير من العمر.

«لشو الحكي» إذا كانت كتاباتنا غير مقروءة، وحتى لو كانت مقروءة فهي غير مهمة، وطبعاً غير مؤثرة.

ومرة أخرى أعود إلى أغنية أخرى للسيدة فيروز تقول كلماتها: «كتبنا وما كتبنا ويا خسارة ما كتبنا» وفعلاً خسارة الحبر والورق والوقت المهدور، فلا حياة لمن تنادي.

قد تسألوني عن سبب غضبي وثورتي واتهامي لأصحاب الجواب والقرار بأنهم لا يقرؤون ولا يجيبون ولا يهتمون، وأجيب: أعطوني مثالاً واحداً كان لكلمات الصحفي تأثير في هؤلاء، أو أن المقالات حركت المياه الراكدة وأدت إلى حل مشكلة واحدة من مشاكل الناس، وكم هي كثيرة وكبيرة.

آخر المشاكل التي جاءت بتوقيع وزارة الصحة -عافاها اللـه من كل مرض أو عارض- فقد رفعت هذه الوزارة أسعار الأدوية بنسب تتراوح بين سبعين ومئة بالمئة، متناسية أن رواتب وأجور المواطنين وخاصة المتقاعدين، صارت غير كافية لشراء الأدوية فقط من دون النظر للطعام والشراب والمواصلات والاتصالات والمدارس، وطبعاً لا مجال للحديث عن الملبس، فأسعار الملابس أغلى من الأدوية واللحوم والسمك، تصوروا أنني لا أستطيع شراء حتى الكافيار والسلمون!!

المهم أن رفع أسعار الأدوية سيسهم في زيادة أوجاع المجتمع، فالمواطن غير قادر أصلاً على الذهاب إلى الطبيب فكيف سيشتري الأدوية؟

لو يخبرنا السيد وزير الصحة ونقيب الصيادلة وأصحاب مصانع الأدوية الوطنية على أي أساس رُفعت أسعار الأدوية، وهل تجهل كل الجهات المعنية بهذا الرفع حال المواطن المزري؟

سمعت بأن معظم دول العالم- وخاصة دول الغرب الاستعماري- تقدم خدمات طبية مميزة لمواطنيها بما فيها العمليات الجراحية الصعبة والمعقدة، وثمن الأدوية وسوى ذلك، فهل سمعت وزارة الصحة والحكومة الرشيدة بهذا الأمر، أم إن ما سمعته هراء وأكاذيب لا أساس لها من الصحة وهدفها التشويش على إنجازاتنا التي يحسدنا عليها العالم أجمع؟

ما دور الدولة تجاه المواطن وصحته وما الضمان الصحي الذي يتحدث عنه بعض المسؤولين والصحفيين؟

المشكلة أن الحكومة تسابق التجار في رفع الأسعار، وتخضع لمطالبهم من دون النظر إلى انعكاسات قراراتها على أصحاب الدخل المحدود والمهدود، والأدوية مثال واحد، وخاصة أن الغلاء صار السمة الرئيسية في بلدنا، من الأغذية والمواد التموينية وصولاً لباقة البقدونس والكزبرة والفجل والبطاطا، و.. كل شيء.

المهم أيضاً أن المواطن هو الخاسر الأول والوحيد في هذه المعادلة الغريبة والعجيبة.

أنا شخصياً أخذت قراراً لا رجعة عنه وهو أنني لن أمرض بعد اليوم مهما كانت النتائج.

و.. لشو الحكي؟.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن