رياضة

لهذه الأسباب خسرت سلة الوحدة أمام الجلاء والأزمة المالية تعود مجدداً

| مهند الحسني

لم يكن أشد المتشائمين بسلة رجال نادي الوحدة يتوقع أن يكون ختام مشوارها في مرحلة الذهاب من دوري سلة المحترفين قاتماً وضبابياً، بعدما مني بخسارة غير متوقعة أمام فريق الجلاء الذي نكن له كل التقدير والاحترام الرائع الذي خلط أوراق المنافسة في خريطة كرة السلة السورية، واستفرد بلقب الحصان الأسود لهذه المرحلة، كيف لا ونحن نشاهد التناغم الكبير بين اللاعبين والإدارة المتقنة من مدرب الفريق الشاب عبود شكور والدعم الجماهيري المميز للوقوف خلف الفريق، كل ما سبق يكتب صفحة تاريخية في مسيرة النادي الذي فرض نفسه رقماً صعباً قارع الكبار من جديد وأسقط الأهلي في الأولى وهزم الوحدة في الثانية.

خسارة غير متوقعة

ليس هذا هو فريق الوحدة الذي ظهر منذ بداية الدوري بأدائه الجماعي والمنسجم، وليس هو فريق الوحدة الذي يلعب بحماسة وتصميم كبيرين على تحقيق الفوز، بعدما ظهر أمام فريق الجلاء وخاصة في الشوط الثاني من عمر المباراة بلا روح وبلا شخصية وبدا لاعبوه يفتقدون أبجديات كرة السلة الحديثة، فقدم أسوأ عروضه فردياً وجماعياً، وحتى هدافه اللاعب الأميركي جومارو براون ضاع كما ضاع الفريق ولم تتمكن مهاراته الفنية الجميلة أن تنقذ الفريق من خسارة قاسية، ولم يحسن مدرب الفريق اللبناني مروان خليل أن يعيد الفريق لتوازنه الطبيعي، فجاءت تبديلاته متسرعة وغير ناجعة في تقليص الفارق، الأمر الذي منح فريق الجلاء فرصة التقدم وتوسيع الفارق وكان له ما أراد على حساب تواضع مستوى فريق الوحدة.

لا نتحدث هنا عن خسارة بمعناها الرياضي لإيماننا بأن الرياضة فوز وخسارة، فلو كانت خسارة الفريق أمام الجلاء نتيجة اختلاف موازين القوى بين الفريقين وأفضلية الجلاء الفني، لكنا وجدنا الكثير من المبررات، لكنها أتت نتيجة مشكلة إدارية بحتة أضعفت جهود اللاعبين، فالفريق الذي خسر أمام الجلاء هو نفسه حقق ستة انتصارات هذا الموسم على أقوى الأندية بأداء مشرف ورائع.

وهذا الأداء المتواضع لم يأت من عبث وإنما جاء نتيجة تراكم الكثير من الأخطاء التي ساهمت في تعكير صفو الفريق، فسقطت آخر أوراق التوت عن عورة الإدارة المرتبكة لنادي الوحدة، فبعد إخفاق ملف لعبة كرة القدم ونجاته من الهبوط الموسم الماضي في الرمق الأخير من عمر الدوري، ها هو اليوم يعاني الأمرين في تحقيق الفوز على فرق لا تجاريه رغم تدعيمه بأفضل اللاعبين المتميزين بعقود خيالية، على الرغم من تفوق كرة السلة ونيلها لقب بطولة الدوري الموسم الماضي وصدارتها لدوري الرجال والسيدات هذا الدوري حتى الآن، غير أن الكوارث المالية أطلت برأسها بقوة على واقع اللعبة بعد إخفاق إدارة النادي في توفير حالة الاستقرار المالي والإداري المطلوبين للفريق، كيف لا وبعض اللاعبين لم يقبضوا مستحقاتهم المالية منذ عدة شهور وخاصة اللاعبين الأجانب الذين هددوا بعدم السفر إلى حلب لملاقاة الجلاء.

أسئلة بلا إجابات

ثمة أسئلة مازالت تؤرق الكثيرين من عشاق ومحبي النادي، كيف يمكن أن ينجح الفريق في اللعب بدوري المحترفين والإدارة عاجزة عن مواجهة فشلها المالي، وكيف يمكن أن يستمر الفريق في المنافسة على اللقب وقرارات الإدارة تتخذ بطريقة عشوائية وفق الأهواء والمصالح والتوجهات الشللية، وكيف ينهض الفريق ويدخل ميدان المنافسة الحقيقية من دون أي مطبات أو منغصات والإدارة تصفق لرقص المدرب أمام الجماهير فيما تقف صامتة أمام خساراته المؤلمة أداء ونتيجة أمام الرياضي اللبناني في بطولة غرب آسيا وصل.

مخطئ من يظن أن خسارة فريق الوحدة أمام الجلاء سببها مدرب أو إخفاق لاعب في القيام بواجبه داخل الملعب، وواهم من يصفق ويبرئ الإدارة في ما آل إليه وضع الفريق بعد مشوار حافل بالانتصارات هذا الموسم ليجد نفسه من جديد أمام المشكلة ذاتها والتي يتعلق جلها بعدم قدرة الإدارة على تأمين مستحقات اللاعبين المالية، الأمر الذي جعل اللاعبين في حيرة من أمرهم، وما زاد في قلقهم سياسة الإدارة في استرضاء اللاعبين من خلال مسلسل الوعود الواهية التي لم تعد تنطلي على لاعب في فئة الأشبال، إضافة إلى خلق أعذار كانت بمثابة شماعة لتعليق الفشل عليها، وبدلاً من معالجة مشاكل الفريق وإيجاد الحلول المناسبة وتوفير بيئة مستقرة للاعبيه والسعي لتأمين مستحقاتهم المالية، زادت قرارات الإدارة هماً إضافياً على اللاعبين المستائين من عدم قبض رواتبهم، وقد تكرر تصريحهم بهذه المشكلة وتأثيرها عليهم سراً وعلانية، ووصل الأمر للتهديد بالامتناع عن الذهاب إلى المباريات أكثر من مرتين على أقل تقدير في الفترات السابقة، وكان حينها كبش الفداء في المرة الأولى كابتن الفريق علاء إدلبي الذي ألبسته إدارة النادي تقصيرها ومشاكلها وحملته ضريبة قراراتها المتخبطة.

أما في المرة الثانية وبعد إخفاق الإدارة في الوفاء بوعودها للاعبين وبعد إعلانهم الجماعي عن عدم استعدادهم للعب ما لم يتسلموا مستحقاتهم المالية المتراكمة منذ أربعة أشهر، فلم يكن هناك كبش فداء هذه المرة لأن الإدارة بحاجة لانتصارات كرة السلة للتغطية على نتائج كرة القدم التي شهدت واحداً من أسوأ مواسمها عبر تاريخ النادي منذ تأسيسه بعد أن وصل الفريق لحد هاوية إلى مصاف أندية الدرجة الثانية من دون أن تكون هناك حلول جذرية وناجعة للواقع المالي للنادي.

وثمة أسئلة مازال عشاق النادي لا يجدون لها إجابات، فإذا كانت الإدارة عاجزة عن توفير رواتب اللاعبين، فكيف يمكن لها اتخاذ قرارات تصب في مصلحة كرة السلة والعمل على تطويرها، وكيف ستتمتع بالقدرة على تقديم متطلبات الحد الأدنى للمنافسة في المواسم المقبلة، وإذا كانت القرارات تتخذ وفق أهواء شريحة من الجماهير تسعى الإدارة لاسترضائهم مرة بالإطاحة بالمدرب وأخرى بالتضحية بكابتن الفريق، ومرات ومراتٍ بإجراءات غير مدروسة لتكون المحصلة تراجعاً مهولاً في كرة السلة على صعيد فريقي الرجال والسيدات ومستقبلاً لا يبشر بالخير على مستوى فرق القواعد أيضاً إن بقيت الأمور على حالها من دون حلول، لكن الإدارة قادرة على إعادة الأجواء المستقرة للعبة بجميع مفاصلها لأن أي تهاون في معالجة هذه المشكلة قد تتفاقم أكثر إلى أن تصل إلى وضع يصعب حله.

خلاصة

أيها السادة نادي الوحدة وسلته ليسا بخير وإدارته الحالية قادت دفته نحو الهاوية وسقطت في جميع الاختبارات التي واجهتها.

اليوم وليس غداً لابد من وقفة محاسبة لمن دمر صرح دمشق الرياضي، ولمن يعبث بمقدرات رياضة أهم أندية العاصمة، ووقف أعمال لاستنفاد سمعة نادي الوحدة وتاريخه وتحويله لمنصة خطابية انتخابية على حساب لاعبيه وفرقه وتاريخه، ورجاء كفى استهتاراً باسم النادي وتاريخه ومستقبله.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن