رياضة

مفارقات الدوري الكروي

| بسام جميدة

ندرك جيداً أن ما يجري من حراك ولغط وتنافس مثير وغير مثير، وما يحدث في الكواليس وعلى الملأ أحياناً، وكذلك الهياج الجماهيري وردات الفعل المعقولة واللا معقولة هي نتاج طبيعي لمنافسات كرة القدم في كل مكان، فهذه المجنونة بما تحمله من شجون قادرة أن تحرك كل مواقد الجمر وتجعلها تصل إلى حد اللهب، وهي جميلة بجنونها وأخطائها وعفويتها، ولكن عندما تصبح كل تلك الأمور التي تحدثنا عنها خارج الخطوط الحمراء وخارج النص المألوف لتصل إلى حد الفوضى فهذا غير مقبول مطلقاً حيث تتحول اللعبة التي يتسلى الملايين معها إلى نقمة ومصدر كدر للحياة التي نعيشها وهي في الأساس مكدرة جراء ما يجري حولنا من أمور شتى.

من أهم مفارقات الدوري التي لاتنم عن وعي كامل بماهية اللعبة ولا دورها ولا حدود العاملين فيها وعطائهم، أنه لا أحد يكون قانعاً بأي نتيجة يحرزها فريقه، والكل يبحث عن الفوز وبأي طريقة ولو كان فريقه دون المستوى، ولا أحد راض بالتحكيم والكل يعترض، والأغلبية تشتم وعبر وسائل التواصل الاجتماعي وبأسماء وهمية للأسف، وترفع من هذا وتحط من قدر ذاك وبأساليب قذرة، كما أن كل المدربين يلقون باللوم على كل من يريدون ولا يلومون أنفسهم أو لاعبيهم عندما يخسرون، ولم أسمع منذ سنوات تصريحاً عقلانياً لمدرب يتحدث فيه عن أسباب الخسارة أو عن كيفية الفوز الذي حققه وأغلبية الكلام مكرر ولايدلل على احترافية في العمل التدريبي ما يزيد الطين بلة ويدفع الجماهير للهيجان أكثر، ونفس هذه الجماهير التي تنادي بالمدرب بعد أسابيع تطالب بتغييره، فلا استقرار ولا منهجية في العمل، ناهيك عما يتم في إدارات الأندية من عمل ارتجالي غايته فقط تحقيق الفوز في المباريات وبأي طريقة وأي شكل كي تستمر لأطول فترة ممكنة داخل جدران النادي.

للأسف مثل دوري كهذا يسير بلا ضوابط لن يفرز أي مستوى أو قيم كروية كما في كل دول العالم لأن الارتجالية هي السائدة.

بعد كل هذه العقود من السنوات مازال دورينا دون الطموح بكل مفرداته، وبالأمس عندما كنا نتغنى بالحضور الجماهيري كحالة فريدة ومميزة للأندية السورية رغم كل المعاناة الاقتصادية التي لا يمكن تجاهلها نتمنى من هذه الجماهير أن تستمر بألقها وألا تنصاع للفوضى التي يحاول البعض افتعالها، وإن كانت بعض القرارات الكروية سواء التحكيمية أم الانضباطية أو الإدارية لا تعجب البعض ولا تنصف البعض الآخر، فهي يجب ألا تكون مفسدة للمتعة التي نريدها، والعودة لمسببات الفوضى وإفساد متعة اللعبة يحتاجان لوقفة متأنية مع الذات، وبكل صراحة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن