اقتصاد

كيف تراجع إنتاج سهل الغاب؟ … خبير زراعي لـ«الوطن»: إلزام أفراد العائلة بدفع مبلغ كضمان لاستثمار أراضي الموروثين أو عرضها عبر المزاد

| حسن عبودي

يشكل سهل الغاب في محافظة حماة واحداً من أهم السلل الغذائية في البلاد كما هو معروف من الجميع وتحديداً المختصين، وحسب الأرقام الصادرة عن وزارة الزراعة فإن المساحة المزروعة سنوياً في الغاب من القمح نحو 50 ألف هكتار والنباتات الطبية والعطرية بمساحة 3500 هكتار والبطاطا الربيعية بمساحة 1200 هكتار والخضر الشتوية والصيفية بمساحة ثلاثة آلاف هكتار والبقوليات الغذائية بمساحة 2800 هكتار إضافة إلى زراعة نحو 1300 هكتار تبغ و1100 هكتار محاصيل علفية و2500 هكتار محاصيل زيتية.

ووفقاً لما قاله الباحث والخبير الزراعي الدكتور بسام السيد لـ«الوطن» فإن الإنتاج في هذه المنطقة بدأ بالتراجع في السنوات الأخيرة بنسب وأرقام متباينة فمثلاً: بلغت المساحات المزروعة من القمح في العام 2008 نحو 50 ألف هكتار نتج عنها نحو 172 ألف طن، على حين في العام 2018 أنتجت المساحة ذاتها نحو 106 آلاف طن من القمح.

أما القطن العضوي، فقد بلغت المساحة المزروعة منه 6 آلاف هكتار نتج عنها 20 ألف طن في العام 2008، على حين في العام 2018 كانت المساحة المزروعة من القطن 227 ألف هكتار نتج عنها 283 طناً، وذكر السيد هنا بأهمية القطن السوري الاقتصادية والإستراتيجية إذ تم استخدامه في كأس العالم لتصنيع ملابس المنتخبات المشاركة، لكونه من أجود الأقطان وأكثرها ملاءمة للصناعات النسيجية متسائلاً: لمَ يتم إهمال هذه الناحية؟

أما فيما يخص الشوندر السكري فقال السيد: إن إنتاج الغاب من الشوندر كان يساوي 25 بالمئة من إنتاج البلاد مجتمعة، إذ بلغت المساحات المزروعة في العام 2008 من الشوندر 6700 هكتار على حين بلغ الإنتاج منه 291 ألف طن، وفي العام 2018 كانت المساحة 117 هكتاراً بإنتاج قدره 4951 طناً.

هذا التراجع في الإنتاجية وفق السيد يعود لعدة أسباب لا بد من معالجتها وفي مقدمتها أحد القرارات الذي أثر سلبياً في الحالة النفسية للمزارعين في المنطقة والذي يلزم أفراد العائلة بدفع مبلغ نقدي كضمان لاستثمار أراضي الموروثين أو الغائبين وعرضها عبر المزاد وللتوضيح أكثر قال السيد: إذا كان أبو الأسرة متوفاً وله عدة أولاد سافروا جميعهم وبقي شخص واحد فهو مضطر أولاً لتقديم الثبوتيات أنه الموجود وأنه صاحب حق في استثمار الأرض، ومن ثم يتم طرح الأرض «حصة الإخوة» في المزاد العلني للاستثمار، وتتم المزايدة عليها من قبل المزارعين وقد لا يرسو المزاد على الشخص صاحب الحق من الإخوة، وتذهب الأرض لغيره كي يستثمرها، الأمر الذي ترك عاملاً نفسياً سلبياً لدى العديد من المزارعين ودفعهم للابتعاد عن الأرض، واصفاً الأمر بأنه غير منطقي، داعياً هنا لإعفاء الأقارب من الدرجة الأولى من هذا الأمر، وتطبيقه على أقارب الدرجة الثانية أو الثالثة بتخفيضات معينة حسب درجة القرابة.

واستغرب السيد من تكرار هذه العملية في كل عام، وتحميل المزارعين عناء جمع الأوراق والتواقيع، مع العلم أن هذه الأوراق تقدم سنوياً في المحافظة! عدا التأخر في تسليم ثمن المحاصيل للمزارعين، والنسبة البسيطة من التعويضات التي يتم منحها للمزارع من صندوق التخفيف من آثار الجفاف والكوارث الطبيعية، داعياً إلى رفع النسب التي قد لا تتجاوز الـ10 بالمئة من قيمة المحصول الحقيقية.

كما أوضح السيد أن عدم توافر حوامل الطاقة بالكمية الكافية للعمل، وقلة الأسمدة التي يحتاجها النبات كلها أثرت في إنتاجية الأرض، ناهيك عن أن المزارع لم يغير فكرته باستعمال الأسمدة المعدنية والتوجه نحو الأسمدة المذابة، فإن كل ذلك أدى لارتفاع تكاليف الإنتاج وبالأخص القمح، ما دفع المزارعين للتوجه نحو زراعات بسيطة هامشية مثل: الكمون، الجلبانة، اليانسون، حبة البركة وغيرها.

كذلك فإن من غير المنطقي أن تعاني منطقة خصبة، كانت بالأساس مسطحاً مائياً كبيراً قبل أن تتحول إلى أراضٍ زراعية لنقص في مياه الري، إذ قال السيد منذ عام 2021 كنا نطالب بإصلاح عنفات ضخ المياه في سد «القلعة A1»، ليعود ويساهم في تأمين مياه الري للمزروعات، عدا وجود زهرة النيل التي تستهلك كمية من مياه نهر العاصي، والتي تم توظيف مبالغ مالية كبيرة نوعاً ما وآليات ومعدات وغيرها للتخلص منها، على حين بالإمكان التخلص منها وتحويلها لمشروع إستراتيجي يخدم الحكومة عبر تحويلها إلى سماد فيرمي كومبوست، وبالتالي إعادة تدويرها بكلفة أقل.

وفي الختام ذكر السيد أن مساحة الغاب تبلغ نحو 80 ألف هكتار يزرع منها نحو النصف بالقمح والباقي بمحاصيل صيفية متنوعة وخضر، وفول الصويا، والذرة الصفراء التي يمكن زراعتها بكميات كبيرة واستخدامها كأعلاف كي تكون حلاً لمشاكل توافر الأعلاف، لكن هنا لا بد من توفير المجففات، وتقديم التعويضات في حال الخسارة لكونه محصولاً يتأثر بعوامل الطقس.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن