رياضة

مسابقات الفئات العمرية هشة وغير ملبية … هل ستكون موضع اهتمام القائمين على اللعبة في المرحلة القادمة؟

| مهند الحسني

إذا كنتم على عجلة من أمركم يا عشاق السلة السورية فاعبروا فوق هذه المقدمة إلى خلاصة الكلام، وستكتشفون حينها أن لا المكتب التنفيذي، ولا طريف قوطرش ولا حتى عنتر بن شداد قادر على تطوير سلتنا الوطنية، أو إخراجها من ضياعها في ظل الواقع الحالي الذي تعيشه.

بصراحة وبعيداً عن المجاملة دعونا نعترف بأننا ابتلينا بواقع رياضي مرير، جلدنا أنفسنا بالتكهنات والتأملات كثيراً، نضحك على أنفسنا وعلى الآخرين، والحصيلة اليوم كما كانت في الأمس، وكما ستكون لاحقاً لا شيء، حتى بتنا نخجل من محاولات زرع الثقة والتفاؤل في نفوس الآخرين، ونخجل من تدفق حماستنا مع حروفنا، ولو أن الصفحات ترضى لونها الأبيض لأوقفنا إراقة حبرنا عليها، ولأوقفنا أي حديث عن رياضتنا لأنه لا أحد يقرأ، ولا أحد يسمع، ولا أحد يأبه بحقيقة مشاعرنا المحبة والصادقة، ومع ذلك نعترف أن فوزاً معيناً لمنتخب أو لناد معين في بطولة رسمية، أو دورة ودية سيعيدنا إلى حماقتنا فنحرق الحروف من جديد، ونحن نشد على يدي من فاز، والحقيقة أننا نسهم بشكل أو بآخر بالإبقاء على تخلفنا الرياضي، وإن كان محور الحدث والاهتمام هو كرة السلة التي مازالت تفتقد أبسط بديهيات اللعبة الحديثة لأسباب بات الكل يعرفها ويتحدث عنها من دون أن يخطو خطوة واحدة تجاه فعل التغيير.

الهرم المقلوب

من سنوات طويلة نادينا بضرورة إعادة النظر بمفاصل كرة السلة، والعمل على توجيه الأندية من أجل أن تعيد النظر في عملية بناء اللعبة على أسس علمية حديثة، لكن الموضوع تطور بمنحى مختلف وبدلاً من السعي وتأمين المناخات الملائمة لفرق القواعد واعتبارها هي اللبنة الأساسية لفريق المستقبل، راحت الأندية تصب جل اهتمامها بفرق الرجال، ووضعت كل ميزانيات النادي تحت تصرفها جراء توقيع عقود اللاعبين والمدربين الذين باتوا ينعمون بكل الأعاطي على حساب الفرق الصغيرة ومدربيها، تصوروا بأن ما يتقاضاه مدرب لفرق القواعد في أحد الأندية لا يتعدى أجرة يوم واحد من عقد لاعب بفريق الرجال، إضافة إلى عدم تلبية احتياجات هذه الفرق من كرات وألبسة ومكافآت مالية بسيطة، وهذا الواقع من شأنه ألا يسهم في خلق جيل سلوي واعد للمستقبل، فكيف نريد أن تكون عملية البناء صحيحة وسليمة ونحن على هذه الدرجة من الاستخفاف بقواعد اللعبة وبنظام مسابقاتها الذي بات لا يلبي طموحات جميع الأندية ولا يمكن أن يفرز لاعبين متميزين في المستقبل.

البنى التحتية

مازالت مشكلة غياب الصالات التدريبية تؤرق القائمين على أمور اللعبة في جميع الأندية، حيث باتت الأندية تلهث وراء جرعة تدريبية هنا وهناك لفرقها، ففرق الرجال تحظى بكل ما لذ وطاب وتجري مرانها في صالة الفيحاء الرئيسية ونتحدث هنا عن أندية العاصمة وما يجري فيها، أما باقي الفرق فلها ثلاث حصص أسبوعية ولمدة ساعة ونصف الساعة فقط في صالة الفيحاء الفرعية وفي أغلب الأحيان تم تخصيص نصف ملعب لكل فريق بحيث يتمرن اللاعبون على سلة واحدة، فكيف سيطبق مدربو هذه الفرق أفكارهم التكتيكية، وكيف سيسمح لهم هذا الوقت الضيق بمنح اللاعبين أبجديات كرة السلة الحديثة والمتطورة، وكيف وسيتمكن اللاعب الناشىء من ممارسة اللعبة ورفع مهارته في هذا الوقت الضيق، وكيف وكيف إلى ما شاء اللـه من دون أن نجد أي حلول جذرية وناجعة لهذه المشكلة التي مضت عليها سنوات طويلة وتعاقبت عليها قيادات أشبعتنا بكثير من الوعود والشعارات البالية والواهية، وأبرمت صفقات كبيرة لردم هذه الفجوة غير أنها كانت من أجل المنفعة الشخصية فقط، وكل ذلك يحصل على مرأى ومسمع القيادات العليا، ومع ذلك لم نر أي تحرك جدي أو أية محاسبة للمقصرين والمفسدين الذين ما زالوا يصولون ويجولون من دون رقيب أو حسيب.

حقائق وليست أوهاماً

إذا كان تطور لعبة كرة السلة سيبدأ من القواعد، فإن المعطيات الموجودة على مستوى دوري الناشئين والناشئات في الفترات السابقة والحالية غير مطمئنة أبداً، وخصوصاً طريقة التعاطي مع تفاصيل البطولات الخاصة بتلك الفرق، فبعيداً عن المستويات الفنية الطابقية والتي تركت أكثر من إشارة استفهام، فإن اهتمام اتحاد السلة بهذه البطولات كان منصباً على طريقة توزيع أجور التحكيم والمراقبات، واسترضاء هذا وذاك، وتسهيل أمور بعض الحكام المدللين ناهيك عن سلق هذه المسابقات بطريقة غريبة عجيبة بعيداً عن أي فائدة فنية تذكر.

لكن بالمقابل لا يمكن أن نلقي باللوم على اتحاد السلة ونحمله كامل المسؤولية، فلو توافرت أمامه الصالات والإمكانات المتاحة لأقام أفضل المسابقات وأقواها لتلك الفرق، لكن ما باليد حيله فالإمكانات في تراجع بعد حالة التضخم المالي في البلاد، والأندية باتت شبه عاجزة عن تأمين موارد فرق الرجال بشكل صحيح فكيف سيكون مصير فرق القواعد، لذلك يقيم الاتحاد ويضغط ويسلق مباريات جدول دوري الفئات العمرية بهذه الطريقة، فابتداء من سلق البطولة وضغطها، وأحياناً وكما جرى في الموسم الماضي يقيم مباراتين في وقت واحد وعلى ملعبين متجاورين، وانتقالاً لعدم وجود ساعات توقيت أو لوحة تسجيل حيث اضطر أحد المراقبين في إحدى المباريات إلى التوقيت عبر موبايله الخاص نظراً لتعطل لوحة التسجيل أثناء سير إحدى المباريات، هذه الفوضى كانت لها آثار سلبية على أداء اللاعبين واللاعبات، وأدت إلى حدوث أخطاء غير مقصودة بسبب تداخل تفاصيل المباريات مع بعضها، حيث توقفت إحدى اللاعبات لأن الحكم أطلق صافرته لتكتشف بعدما ضاعت منها الكرة أن الصافرة جاءت من الملعب الثاني الذي لا يبعد أكثر من أربعة أمتار عنها، ولاعبة أخرى تسمع مدربها يطالبها بالتمرير فإذا بها تكتشف بأنه مدرب آخر من الملعب المجاور.

هواجس

أما أعضاء لجنة الحكام الرئيسية، فيبدو أن هاجسهم الوحيد هو مراقبة المباريات لا غير، وأن يجلسوا في المباراة الثانية كحكام طاولة، فتحولت الطاولة إلى مضافة للحكام الذين لا تنطبق عليهم شروط التحكيم، فهذا ابن أحد المتنفذين باللجنة، وذاك محسوب على أحد العاملين باللجنة الفنية، طبعاً كل ذلك يحصل تحت حجج نقص الحكام وصمت مطبق من اتحاد السلة.

خلاصة

العارفون بتفاصيل اللعبة وأحد خبراء اللعبة أشار إلى أن اللاعب في هذه الفئة العمرية بحاجة إلى أن يلعب بالموسم الواحد نحو خمسين مباراة كي ينضج فكره السلوي وترتفع مهاراته ويلعب كرة سلة حديثة، غير أن اتحاد السلة وحسب الإمكانات المتاحة له وبدلاً من أن يعزز ويزيد عدد مباريات البطولة قام باختزالها بطريقة سلق المباريات حتى أضحت البطولات بلا طعم ولا رائحة ولا فائدة وكأنها أداء واجب لا أكثر، والمطلوب من لجنة المسابقات أن تعيد النظر في روزنامتها، وتولي هذه الفئات العمرية جل اهتمامها لأن بناء السلة على السكة الصحيحة يبدأ من القاعدة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن