المازوت في السوق السوداء متوافر … «حماية المستهلك» لـ«الوطن»: الحكومة تتساهل في ذلك لأنها تعرف أنها مقصرة
| جلنار العلي
في الوقت الذي تحاول فيه الحكومة محاربة السوق السوداء وتنظيم الضبوط وفرض الغرامات المالية بحق تجّارها، تخلق قلة كميات المازوت المنزلي المخصصة سوقاً جديدة، فعلى سبيل المثال لا الحصر، وصل سعر ليتر مازوت التدفئة في السوق السوداء إلى 15 ألف ليرة، في حين السعر المدعوم 2000 ليرة فقط، حيث يضطر المواطنون لبيع مخصصاتهم المدعومة بأسعار مرتفعة نتيجة عدم كفايتها أكثر من شهر واحد بأحسن الأحوال، فيمتنعون عن شراء مدفأة أو تركيبها في حال توافرها بسبب قلة هذه الكميات، ونظراً لعدم قدرتهم على شراء المزيد منها عند نفادها.
أمين سر جمعية حماية المستهلك عبد الرزاق حبزه، بين في تصريح خاص لـ«الوطن» أن ما يسمى دعم المواطنين بالمحروقات انخفضت مخصصاته بمازوت التدفئة من 200 ليتر بشكل تدريجي، وصولاً إلى 100 ليتر على شكل دفعتين، إلا أنه لا يتم توزيع سوى دفعة واحدة سنوياً بمقدار 50 ليتراً فقط، لافتاً إلى أنه في العام الماضي لم تتجاوز نسبة توزيع الدفعة الأولى أكثر من 40 بالمئة، في حين وصلت خلال العام الحالي إلى نحو 35 بالمئة.
في السياق، أكد حبزه أن المواطن يواجه معاناة حقيقية في الحصول على الكميات المدعومة، من حيث اضطراره عند وصول رسالة الاستلام، للذهاب للموزع الذي يكون في الكثير من الأحيان بعيداً عن مكان السكن، أي إنه يحتاج إلى وسيلة نقل للذهاب والإياب، ما يشكل تكلفة إضافية بالنسبة له، ناهيك عن مسألة التلاعب بالكميات من الموزعين، إضافة إلى تقاضي أسعار تفوق الأسعار المعتمدة من الحكومة، وبالتالي يكون هذا الدعم عبئاً على المواطن وليس مساعداً له.
ورأى حبزه أن كل العوامل السابقة، تجعل المواطن إما يلجأ إلى الشراء من السوق السوداء بسعر 15 ألف ليرة لليتر الواحد، علماً أن هذا السعر مرشّح للارتفاع في حال تزايد انخفاض درجات الحرارة، أو بيع مخصصاته لتوفير مبالغ مادية تسمح له بشراء وسيلة تدفئة أقل تكلفة وأكثر ديمومة، كالحطب والغاز والكحول وغير ذلك من المواد، ما خلق تداولاً للمادة بين المواطنين بطريقة غير شرعية.
وفي السياق، أكد حبزه أن الاتجار بالمواد المقننة أمرٌ لا يمكن ضبطه من وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، علماً أن ذلك يعد مخالفاً وفقاً للمرسوم رقم 8 لعام 2021، لافتاً إلى أن الحكومة تتساهل في ذلك، لأنها على دراية كاملة بتقصيرها، لذا فإن الحل الوحيد لضبط هذه السوق هو زيادة المخصصات وتوزيع 100 ليتر سنوياً للعائلة الواحدة كأقل تقدير، مؤكداً أن قلة الكميات الموزعة تخلق سلسلة كاملة من المشكلات ابتداء من السوق السوداء وصولاً إلى تأزم الأوضاع الصحية للمواطنين نتيجة أمراض الرشح وغير ذلك، ما يؤدي إلى زيادة الطلب على الأدوية في ظل قلة الكميات، وبالتالي ارتفاع أسعارها.
إلى ذلك، أكد حبزه أن جمعية حماية المستهلك تقوم بشكل دائم بمخاطبة وزارتي التجارة الداخلية والنفط لزيادة الكميات، لكن لا تلقى هذه المطالب آذاناً مصغية.