الأمم المتحدة رجحت أن عدد الضحايا في القطاع أكبر من المعلن بعدة مرات … «رايتس ووتش»: إسرائيل تستخدم تجويع المدنيين سلاح حرب في غزة
| وكالات
توقع وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث أن يكون عدد الضحايا في قطاع غزة أعلى بكثير من البيانات التي يتم نشرها حالياً، في حين ذكرت منظمة «هيومن رايتس ووتش»، أمس الإثنين، أن إسرائيل تستخدم تجويع المدنيين سلاحاً في قطاع غزة، ما يشكل جريمة حرب، مطالبة حكومة الاحتلال الإسرائيلي بالتوقف عن ذلك ورفع حصارها عن غزة.
وحسب وكالة «تاس»، قال غريفيث، في حديث لصحيفة «فايننشال تايمز»: «لا يزال حتى الآن عدد القتلى تحت الأنقاض مجهولاً في قطاع غزة»، مضيفاً: بات المرض والجوع السبب الرئيس للموت والحرمان في القطاع الفلسطيني الذي يشهد حالياً كارثة إنسانية.
وتابع: عدد الوفيات بسبب الأمراض قد يكون أعلى بعدة مرات من عدد القتلى الناجم عن العمليات العسكرية والغارات الجوية، لكن الإحصائيات يمكن أن تتغير بشكل جذري بمجرد إزالة الأنقاض.
وأفادت أحدث حصيلة لعدد الضحايا الفلسطينيين باستشهاد أكثر من 19400 شخص خلال العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، في حين أكدت وزارة الصحة الفلسطينية، أن 70 بالمئة من ضحايا القصف الإسرائيلي، هم من النساء والأطفال.
على خط موازٍ، ذكرت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أمس أن إسرائيل تستخدم تجويع المدنيين سلاحاً في قطاع غزة، ما يشكل جريمة حرب، مطالبة حكومة الاحتلال الإسرائيلي بالتوقف عن ذلك ورفع حصارها عن غزة، وأكدت أن جيش الاحتلال يتعمّد منع إيصال المياه والغذاء والوقود، ويُعرقل المساعدات الإنسانية لغزة، ويجرّف المناطق الزراعية، ويحرم السكان المدنيين من المواد التي لا غنى عنها لبقائهم.
وحسبما نقلت عنها وكالة «وفا»، قال مدير شؤون إسرائيل وفلسطين في «هيومن رايتس ووتش» عمر شاكر: «لأكثر من شهرين، تحرم إسرائيل سكان غزة من الغذاء والمياه، وهي سياسة حث عليها مسؤولون إسرائيليون كبار أو أيّدوها، وتعكس نية تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب»، مطالباً قادة العالم برفع أصواتهم ضد جريمة الحرب «البغيضة» هذه، ذات الآثار المدمرة على أهالي غزة.
وأضاف شاكر: تضاعف الحكومة الإسرائيلية عقابها الجماعي للمدنيين الفلسطينيين ومنع المساعدات الإنسانية باستخدامها القاسي للتجويع كسلاح حرب، مؤكداً أن الكارثة الإنسانية المتفاقمة في غزة تتطلب استجابة عاجلة وفعالة من المجتمع الدولي.
ورأت المنظمة في بيانها، أن على حكومة الاحتلال أن تتوقف فوراً عن استخدام تجويع المدنيين أسلوبا للحرب، مطالبة حكومة الاحتلال بإعادة توفير المياه والكهرباء، وتسمح بدخول الغذاء والمساعدات الطبية والوقود التي أصبحت الحاجة إليها ماسة في غزة عبر المعابر، بما فيها كرم أبو سالم.
وطالبت الولايات المتحدة، وبريطانيا، وكندا، وألمانيا، وغيرها بتعليق المساعدات العسكرية ومبيعات الأسلحة للكيان الإسرائيلي، مادام جيش الاحتلال مستمراً في ارتكاب انتهاكات خطيرة وواسعة ترقى إلى جرائم حرب ضد المدنيين مع الإفلات من العقاب.
وقابلت «هيومن رايتس ووتش» 11 فلسطينياً نازحاً في غزة بين 24 تشرين الثاني و4 كانون الأول الجاري، إذ وصفوا الصعوبات الشديدة التي يواجهونها في تأمين الضروريات الأساسية، وقال رجل غادر شمال غزة: لم يكن لدينا طعام، ولا كهرباء، ولا إنترنت، لا شيء على الإطلاق، لا نعرف كيف نجونا.
وفي جنوب غزة، وصف الأشخاص الذين أجريت معهم مقابلات ندرة المياه الصالحة للشرب، ونقص الغذاء الذي أدى إلى خلو المتاجر والطوابير الطويلة، والأسعار الباهظة، وقال أب لطفلين: «تبحث باستمرار عن الأشياء اللازمة لتعيش».
وحسب برنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة، فإن 9 من كل 10 أسر في شمال غزة، وأسرتين من كل ثلاث في جنوب غزة، أمضت يوماً كاملاً وليلة كاملة على الأقل من دون طعام.
ويحظر القانون الإنساني الدولي، أو قوانين الحرب، تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب، وينص «نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية» على أن تجويع المدنيين عمداً «بحرمانهم من المواد التي لا غنى عنها لبقائهم، بما في ذلك تعمد عرقلة الإمدادات الإغاثية» هو جريمة حرب.
وواصلت حكومة الاحتلال منع دخول الوقود حتى الـ 15 من تشرين الثاني الماضي، رغم التحذيرات من العواقب الوخيمة لذلك، ما تسبب بإغلاق المخابز، والمستشفيات، ومحطات ضخ الصرف الصحي، ومحطات تحلية المياه، والآبار، ولم تعد هذه المرافق صالحة للاستعمال، ورغم السماح بدخول كميات محدودة من الوقود لاحقاً، إلا أن منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة لين هاستينغز وصفتها في الرابع من الشهر الجاري بأنها «ليست كافية على الإطلاق».
وقال خبراء أمميون في الـ 16 من تشرين الثاني الماضي إن الأضرار الجسيمة «تهدّد باستحالة استمرار الحياة للشعب الفلسطيني في غزة»، وكان جيش الاحتلال قصف آخر مطحنة قمح عاملة في غزة في الـ 15 من تشرين الثاني.
وسبق أن قال مكتب الأمم المتحدة لخدمة المشروعات أن تدمير شبكات الطرق صعّب على المنظمات الإنسانية إيصال المساعدات إلى من يحتاجون إليها، وكان للعدوان الإسرائيلي على غزة أيضاً تأثير مدمر في قطاعها الزراعي، وحسب منظمة «أوكسفام» فإنه: «بسبب القصف المستمر، إلى جانب نقص الوقود والمياه، ونزوح أكثر من 1.6 مليون شخص إلى جنوب غزة، أصبحت الزراعة شبه مستحيلة».