ثقافة وفن

الصورة العصرية والزمن الأليم يجتمعان في معرض «خط الزمن» … وزيرة الثقافة: فوجئت بالرؤية الحداثية والفلسفية وبالعمق الذي عالج فيه الفنان مادته

| مايا سلامي - تصوير طارق السعدوني

برعاية وزارة الثقافة وضمن أيام الفن التشكيلي السوري افتتح الفنان عبيد الله حسين مساء الثلاثاء معرضه الفردي الأول للتصوير الفوتوغرافي «خط الزمن» في صالة «جوليا آرت» بدمشق.

وتضمن المعرض 17 عملاً أراد من خلالها الفنان عبيد توثيق ذاكرتنا المشوشة عن فترة الحرب، فوجد بالألواح المدرسية ضالته بما اكتنزته من أعوام وكتابات خطتها يد الأطفال في آخر حصصهم الدراسية قبل أن تخترقها رصاصات الحرب الوحشية.

فجمع المعرض عصرية وجمالية الصورة مع الزمن والذكرى الأليمين في أعمال أثارت دهشة وإعجاب الحاضرين لما فيها من عمق يخاطب مشاعر الإنسان ويترك في ذهنه تساؤلات كثيرة.

رؤية حداثية وفلسفية

وفي تصريح للصحفيين قالت وزيرة الثقافة د. لبانة مشوّح: «كل معرض افتتحناه في هذا الأسبوع كان مختلفاً عن سواه، ولكن هذا المعرض هو نقلة أخرى فهو ليس معرض لوحات أو رسم أو نحت أو حفر بل هو معرض تصوير، وعندما قالوا لي إنه معرض تصوير ضوئي تخيلت أموراً أخرى لكن فوجئت بالرؤية الحداثية والفلسفية وبالعمق الذي عالج فيه الفنان مادته».

وبينت أن المادة بكل بساطة هي ألواح مدرسية في إحدى المناطق التي عانت من الحرب الهمجية التي شنت على سورية، منوهة بأن تراكمات ما كتب على هذه الألواح صوّرت وعرضت بطريقة فنية جميلة جداً مع مؤثرات ضوئية وصوتية فشعرت أنني في متحف فن حديث في دولة أوروبية متقدمة.

وأضافت: «أنا سعيدة جداً بهذا المعرض وأتمنى للفنان عبيد كل التوفيق ولهذه الصالة المزيد من المعارض الحداثية المختلفة والمتميزة، وألا نعود بخط الزمن إلى الوراء فهذا المعرض التصويري اعتمد على خط الزمن بالعودة إلى الوراء ولكنه أيضاً انتقل بنا تدريجياً وزمنياً إلى الأمام، خط غريب عجيب أعادنا إلى أجواء تلك الفترة في مدرسة كانت تعطى فيها دروس وبدأنا نسمع أصوات الأطفال ونتخيل الأستاذ والدرس ونقرأ ما على السبورة، فنقل الفنان أوجاع الحرب من دون أن يقول كلمة واحدة عن طريق الصورة التجريدية المأخوذة من الواقع».

توثيق الذاكرة

وأوضح الفنان عبيد الله حسين أن المعرض انطلق من فكرة توثيق الذاكرة في فترة الحرب بدمشق ما بين عامي 2011 و2018 وتصوير ضررها على الإنسان، فالحرب بشكل عام موجهة ضد أسمى شيئين بالنسبة لأي إنسان وهما الذاكرة والزمن اللذان يؤدي المساس بهما إلى الإحساس بالخلل عنده وبمجرد ما اختل هذا الإحساس سيصبح عاجزاً عن استرجاع الماضي وتثبيت اللحظة الحاضرة، فيفقد أيضاً الإحساس بالقيم المطلقة كالسعادة والجمال وغيرهما، ويبقى في ذهنه صورة مظلمة وسوداء لعدم قدرته على استحضار أي صورة من الماضي بسبب كثافة الحرب وسرعتها.

وقال: «حاولت من خلال تصوير الألواح المدرسية التي كتبت عليها التواريخ والأرقام، التعبير عن تلك الفترة الزمنية، واخترت الألواح المدرسية تحديداً لأن الذاكرة الأولى لأي إنسان هي البيت أما الثانية فهي المدرسة وفيها يقوم بأول فعل فردي له عندما يبني علاقاته الخاصة مع أصدقائه ومدرسيه، لذلك بعد مرحلة البحث والمعاينة الفنية كان اللوح أكثر أداة تدلني على كيفية تثبيت الذاكرة».

وفيما يتعلق بالتقنية التي اتبعها في الحصول على هذه الأعمال، بين: «نزلت على المدارس المدمرة في مناطق مختلفة وصورت الألواح وقمت بتعديلات عادية عليها من دون أن أغير الكتابات التي كانت موجودة عليها بالأصل حيث كتبها طلاب قديمون أو أناس جدد دخلوا إلى المدرسة بعد انتهاء الحرب».

مشروع متكامل

وقالت مديرة صالة «جوليا آرت» حنان إبراهيم: «في البداية أحببنا فكذرة المعرض أنه تصوير فوتوغرافي، والفنان عبيد يمتلك مشروعاً متكاملاً كما شاهدنا في الصور وكيفية تقسيمها إلى عدة مراحل زمنية. فكان هناك شيء مختلف جعلنا نرغب من خلاله بالمشاركة في فعاليات أيام الفن التشكيلي للعام الثاني على التوالي».

وأضافت: «هذا المعرض الفردي الأول لعبيد وفي صالتنا نحب دائماً أن نستقدم وندعم المواهب الشابة المتميزة التي تمتلك روحاً عصرية مختلفة».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن