اقتصاد

هل يجتاز بعـض المديرين امتحان «تورينغ» للذكاء؟!

| د. سعـد بساطــة

لاشك في أن لإدارة مؤسسة ما أهمية قد تفوق العـناصر الأخرى فيها( رأسمال- سمعـة- يد عـاملة- آليات- ومواد..)؛ فالمدير هو الربان الذي يقودها نحو الأمان؛ ويجتاز مراحل العـواصف بسلام. فبالإدارة الحكيمة صمدت سفينة نوح -التي بناها هواة- أمام أعـتى طوفان؛ وتحطمت التيتانيك (السفينة غـير القابلة للغـرق – unsinkable-) إلى شظايا عـند ملامستها أول جبل جليدي.

ويتم اختيار المدير بناء عـلى ما تقدم بعـناية شديدة؛ على الرغم من الاختلافات بين الجهات المختلفة في تثقيل مواصفات المدير، فمنهم من يفضـّل الخبرة؛ وغـيرهم يلتفت نحو الشهادات؛ وفئة لا تنظر سوى للولاء!

وتعـريف المدير الذي لا يختلف عـليه اثنان؛ أنه «حلال المشاكل»؛ فقلما يمضي يوم فيه عـلى أي منشأة من دون مشكلة أو أكثر (تقانية- مع الزبون- ضمن الكوادر.. الخ)؛ وهنا لا يبرز سوى دور المدير الناضج الذي يتمتع بمزيج من الذكاء وسرعـة الخاطر.

ولكن دعـونا نتفق بداية ما هو الذكاء؟

هو موضوع شديد الأهمية فيقول العـالم هـ. جاردنر 1983 (خبير بعـلم النفس) ضمن نظريته «الذكاءات المتعـددة»؛ إنها مجموعـة من (الذكاء المكاني- اللغـوي- الرياضي- المنطقي- الحركي- الشخصي- الاجتماعـي).

ولكن.. نتساءل: هل أغـفلنا دور الذكاء الاصطناعـي؟ إن التريند الأهم في المقالات العـلمية للعـام كان يتركـّز عـلى الذكاء الاصطناعـي؛ دوره في الشعـر؛ في الفن؛ في التصوير؛ في كشف الجرائم؛ مدى استخدامه؛ منعـه؛ إيجابياته وسلبياته؛ وكما قال المتنبي يوماً فهو بلا شك: «مالئ الدنيا؛ وشاغـل البشر».

ويتابع: يمكن قياس تقدم دولة ما في القرن الحادي والعشرين من خلال ما تنفقه على «خلق» «المدرّس الناجح «وتربية الأبناء وزرع الجدية فيهم والاهتمام بمقرراتهم، وليس بما تمتلكه من ذهب وألماس ونفط، فمستوى «مخرجات التعليم» هو الذي سيحدد قوة أمم المستقبل وثراءها وليس الدخل من الموارد الطبيعية.

دعـونا نعد للذكاء الاصطناعي: فهو يعـد أنسب أداة لإكمال المهام البشرية المعقدة بكفاءة رفيعـة المستوى. وبالتعـريف:(AI) هو مجال علوم الكمبيوتر المخصص لحل المشكلات المعرفية المرتبطة عادةً بالذكاء البشري، مثل التعلم والإبداع والتعرف على الصور، حيث تجمع المؤسسات الحديثة كمياتٍ كبيرةً من البيانات من مصادر متنوعة مثل أجهزة الاستشعار الذكية والمحتوى الذي ينشئه الإنسان وأدوات المراقبة وسجلات النظام، ومفاهيمه: الخوارزميات؛ التعلم الآلي والعميق؛ الروبوتات؛ أنظمة الحكم الذاتي (أي أنها أمور تتعـلـّق بالبحث العـلمي والصناعـة عـموماً).

ويعتبر آلان تورينغ على نطاقٍ واسعٍ أنه «أبو علوم الكمبيوتر النظريّة والذكاء الاصطناعي»؛ وكان عالِم رياضياتٍ ومنطقٍ (رحل عـن عـالمنا منتحراً 1954)، ابتكرَ خلال عملهِ في أربعـينيات القرن الماضي عدداً من التقنيات لتسريع كسر الشيفرات السريّة الألمانية، ولعب دوراً حاسماً في فكِّ رسائل الألمان المشفَّرة التي مكَّنت الحلفاء من هزيمة دول المِحور في الحرب العـالمية الثانية، تم تكريمه بأنـّه ظهرُ في الورقة النقديّة الحاليّة من بنك إنكلترا بقيمة 50 جنيهاً إسترلينياً، التي صدرت بالتزامنِ مع عيد ميلاده كنوعٍ من الاحتفال به والإشادة بما قدَّم. اختارتهُ قناة «بي بي سي» في برنامجها الذي صدرَ عام 2019 بعنوان الأيقونات: أعظم شخصٍ في القرن العـشرين.

الآن نصل لاختبار تورينغ لمعـرفة هل تملك الآلة ذكاء؟ كان هدف الآلة الذكية أنها تستطيع أن توهمك عندما تتحدث معها بأنها إنسان. ووضع تورينغ اختباراً لهذا التعريف سُمّي باسمه Turing Test وينص على أن يكون هناك جهازان يتخاطبان فيما بينهما أحدهما إنسان والآخر آلة؛ ويكون هناك شخص ثالث لا يعرف أي المتخاطبين آلة وأيهما إنسان!

في الختام: يرى العديد من علماء النفس أن أهم سلبيات نظريات الذكاء يكمن في هشاشة الأدلة العلمية التي تم الاستناد إليها، فإن أسسها تقتصر على مجرد ملاحظات وتفسيراتها، لكنها تفتقر إلى أدلة علمية تدعمها فما رأيكم؟!

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن