من بيت لحم ينادي على القدس
يا مدينة السلام
أما وصل نداؤك إلى غزة
لم يعد الأطفال مهجرين بلا لعب!
لم يعد الأهل جائعين في العراء!
نفوسهم أبت أن تكون كذلك
انطمرت في الأرض أو لو شئت انزرعت
تجذرت في الأرض وأبت أن تغادر
ما من أرض تحتويها
ما من أرض تقدر على احتوائها
هناك في القدس يا يسوع قريباً منك
القدس مدينة السلام لا تعرف السلام
نقلتها معك إلى السماء؟
أم أخذت السلام معك إلى السماء؟
لم تعد أرضنا صالحة للعب بالثلج
لم تعد شمسنا مانحة لما ينقصنا لو تعرضنا لها
يا أيها المخلّص الحاضر
أما وصلتك أخبار الخراف الفزعة في بيت لحم؟
مغارة ووليد مقدس وعذراء طاهرة
وصوف الخراف يشهد ميلاد المعجزة
حين صعدت إلى السماء أخذت كل شيء
ضاعت الخراف.. أكلتها الذئاب
صارت أرضك مزرعة للذئاب المفترسة
في كل مكان ذئاب تحب الدم
ذئاب استباحت كل شيء لها
وحرّمت صوف الخروف على الوليد
في بيت لحم.. في القدس.. في نابلس.. في صفد
في غزة.. في مرج بني عامر.. في حيفا.. في يافا
في كل مكان وصلته قداستك تغيرت الحياة
لم يعد للجوء من مكان
لم يعد للجوع مكان
صار الطريق واحداً هو الانطمار في الأرض
الموت هو الحياة..
أناديك باسمك المقدس.. تقدس اسمك
درب آلامك كان لك لقداستك
وفلسطين اليوم كلها دروب آلام
في كل مكان درب وآلام وموت
في كل زاوية جلجلة
الخشب المشبع بالماء يحمله كل أبنائك
وصليب الذهب لا يرهق حامليه
لا يسألون عن الخشب والماء
ينوء حبيبك تحت الخشب في درب آلامه
وذاك يتابع عظته!
صوتها يصل الأسماع: وإنني أصلي..
يا درب من مروا إلى السماء
من القدس
من أقصاها وقبة الصخرة بداية الدرب
الدرب إلى السماء في رحلة المعراج
الصخرة تئن ألماً، يغطيها الدم
ودرب السماء غطته الأحزان والأشلاء
هنا صلى قبل رحلته محمد
إنه ينوي للصلاة من جديد
ما من مصلين وراءه
السياط تلهب ظهور القادمين للصلاة
والبوابات يحرسها الذئاب
يخافون من طهر الصلاة ومناجاة الرب
درب السماء كان هبة ومكافأة
ودرب السماء اليوم وعر وصعب
بين صاحب المعراج والمصلين مسافة
لم يشأ أن يطبق الأخشبين عليهم
كان يرجو أن يخرج المؤمنون من أصلابهم
خمسة عشر قرناً
أما آن أن يخرجوا
إلى من تكلني؟
سمعت منه يا رب ولم تكله إلا إلى رحمتك
وها هم الأطفال يستصرخون بإيمان
يرجون بأمل
يموتون بإيمان
فإلى من تكلهم؟
إلى عدو؟
إلى قريب؟
وكلاهما عدو.. وألدّ الخصام..
يا درب من مروا إلى السماء..
يا يسوع الفادي المخلّص
أخبرنا محمد بأنك كنت هناك
شهدت الإسراء.. وعرفت المعراج
أقبلت على العشاء الأخير
كنتَ تعلم أنه الأخير وأقبلتَ
لم تشأ أن تغادر دون أن تعلمنا الافتداء
خبز ونبيذ وقداسة
اغفر لهم..
أساؤوا وطلبت لهم المغفرة
علمتنا الحب ولم نتعلم
افتديتنا بنفسك وكنت الفادي
وترقب السماء وتطلب المغفرة
آن أن تطلب لنا المغفرة
أن تطلب رحمة
أن ترحمنا من الذئاب الضارية
أحاطوك ذات يوم فصعدت إلى السماء
الطفل تغمره الحجارة
الأم ورحمها تحت التراب
أخذتك العذراء الطاهرة إليها
بكتك المجدلية التي طهرتها
فمن يبكي هؤلاء؟
من يضم الأشلاء؟
يا يسوع
تقدس اسمك المقدس
انظر إلينا في يومك.. وكل الأيام لك
أعِدِ الخراف إلى المغارة
الجم الذئاب الضارية
أعِد البهجة لقدس الأقداس
ما زالت تنتظر الصلاة خلف محمد
وإن تهدمت البيوت على أصحابها
وإن تلاشت الخيام
وإن غارت ضحكة الأطفال
لا تزال تنتظر..
وإنني أصلي
لاسمك صلاة
وذكراك مجد في السماء
عام وراء عام.. عقد يتلوه عقد
واستوطنت الحرب في أرض السلام
غادر الحب
ضاعت المروج التي رأته المجدلية فيها
لا وجود للسنابل الذهبية
ماذا تحمل الأعوام؟
ماذا تحمل الأيام؟
ارقب بحبك الأحباب في لظى الجحيم
وليعد السلام بك
إلى مدائن السلام.