شؤون محلية

الحل الوطني لمزيد من المطر

| ميشيل خياط

وافق مجلس الشعب مؤخراً على مشروع قانون الحراج البديل عن قانون العام 2018. وأفرد مساحة واسعة لتوزيع الأشجار الحراجية والمثمرة مجاناً على القطاع العام والمنظمات الشعبية وهيئات المجتمع المدني.

ففي وقت خابت فيه آمال أنصار البيئة بما انتهى إليه مؤتمر التغيرات المناخية cop28، على الرغم من تمديده يوماً ونصف اليوم للتوصل إلى صيغة أقوى لبيان اشتغل على تفاصيله 97 ألف مسؤول وخبير في الفترة ما بين (30 ت1 و12 ك2- 2023)، من 197 بلداً، فإن نقطة الخلاف الجوهرية التي ظلت عالقة حتى اليوم الأخير هو الموقف من الوقود الإحفوري (النفط والفحم الحجري والغاز).

كان المتحمسون لمناخ أقل حرارة يريدون الاستغناء عن النفط والوصول إلى صفر انبعاثات غازية ضارة في العام 2025!!!. وبعد يوم إضافي من الجدل وسهرة حتى الفجر استبدلت كلمة استغناء بكلمة خفض …! (وهي كلمة مطاطة) إذ لم تحدد نسبة الخفض أو التقليص.

وأعتقد أن النفط مستمر حتى نهاية هذا القرن وهناك دائماً مكتشفات جديدة في أماكن مفاجئة.

صحيح أن مؤتمر الأطراف cop 28 شكل خطوة إلى الأمام بتبنيه صندوق الخسائر والأضرار الذي نجح في جمع تبرعات بـ83 مليار دولار لمساعدة دول العالم (ولاسيما الفقيرة)على خفض حرارة الأرض، والإبقاء عليها أكثر بـ1.5 درجة مما كانت عليه في العام 1750، إلا أن تقديرات الأمم المتحدة تتحدث عن حاجة الدول النامية وحدها، إلى 300 مليار دولار سنوياً حتى العام 2030 للاضطلاع بهذه المهمة..!

وفي رأيي أن الحل الأمثل والوطني لسورية وكل دول الجنوب، أن تكثر من غرس الأشجار، وهذا سر حفاوتنا بقانون الحراج الجديد الذي نص على عقوبات صارمة ضد من يقطع الأشجار أو يحرقها ويتسبب بموت أشخاص جراء فعلته تلك (الإعدام في هذه الحالة)، وشجع على التشجير بتأمين الغراس مجاناً لشرائح شعبية واسعة.

لعل أغلبنا يدرك أن الأشجار مفيدة. لكننا عندما نتعمق في فوائدها، نجد أن علينا التمسك بها والسعي إليها وطنياً بحزم وإصرار.

تقول أحدث الدراسات العلمية المنشورة على محرك البحث غوغل إن شجرة واحدة وخلال 40 سنة من عمرها تمتص من الطبيعة طناً من غاز الدفيئة (ثاني أوكسيد الكربون السام) وهي تأخذ هذا الغاز في أثناء عملية تصنيع الغذاء وتحلله وتفككه إلى كربون وتنقله من خلال الجذع والفروع والأوراق وتخزن 70 بالمئة منه في التربة. وتنتج الأشجار في أثناء عملية التركيب الضوئي كميات كبيرة من الأوكسجين (غاز الحياة) وأكثر بكثير مما تنتج من ثاني أوكسيد الكربون الناتج عن عملية تنفسها.

وتعتبر الأشجار من أكبر المساهمين في تحقيق التوازن البيئي وتقليل أثر الاحتباس الحراري والتغير المناخي، وهي تعمل كمضخات بيولوجية إذ تسحب المياه من التربة وبالتالي تمنع انجرافها، وتطلق الماء الممتص إلى الغلاف الجوي في صورة بخار ماء وهو ما يساهم في تكوين السحب وهطل الأمطار. وتفرز أشجار الكينا والصنوبر والحور والصفصاف والسنديان عصارات تقضي على الجراثيم والفيروسات في الطبيعة.

وتبرد الأشجار الهواء، بسبب عملية الإدماع التي تفرز الماء على أوراقها ويمر الهواء على ذلك الماء فيبرد، ولهذا فإن الأشجار تخفض درجات حرارة المدن 7 درجات على الأقل. وتعد الأشجار مصافي للهواء، وهي تحافظ على التوازن البيئي في الطبيعة بصفتها موطناً للطيور والحيوانات. أما الأشجار المثمرة فهي في أثناء عملية التركيب الضوئي، تحول الطاقة الضوئية إلى طاقة مخزنة في صورة سكريات ونشويات، والنباتات بشكل عام هي وحدها مصدر السكريات والنشويات في حياتنا.

لقد أدركنا كسوريين هذه الحقائق منذ مطلع استقلالنا وتميزنا باعتماد عيد للشجرة منذ العام 1953 وأقبلنا على غرس الأشجار بحماسة حتى وصلنا في ثمانينات القرن الماضي إلى غرس 30 مليون شجيرة سنوياً.

للأسف أفقدتنا الحرب التي شنها علينا الإرهاب العالمي عشرات ملايين أشجارنا وتوقفنا عن غرس الأشجار أو تراجع عدد الأشجار التي نغرس. أحدث الأرقام تتحدث عن 1.8 مليون غرسة سنوياً فقط وهذا قليل ويجب أن نغرس سنويا 60 مليون غرسة للتعويض. الأشجار دواء يجذب المطر ويرطبنا في الصيف.

وهذا الكلام موجه إلى قادة منظماتنا الشعبية، ومديري مؤسساتنا، ورؤساء جمعياتنا البيئية والتنموية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن