يدور حديث في المجتمع الاقتصادي السوري عن هوية الاقتصاد السوري وأريد هنا أن أقدم وجهة نظر حول هذا الموضوع.
سياسي صيني معروف اسمه دينع شياو بينغ هو منظر الإصلاح الاقتصادي الصيني الرجل كان جريئاً في طروحاته في وقت مبكر من التجربة الصينية في الانفتاح وهو أولاً عارض مقولة ماوتسي تونغ «أن نبقى فقراء في ظل الاشتراكية خير من أن نصبح أغنياء في ظل الرأسمالية»، لكن أفضل ما قاله في ظل نقاش فكري حول هوية الاقتصاد مقولته الشهيرة «لا يهم لون القط إن كان أسود أو أبيض المهم أنه يصطاد الفئران».
هنا لب الموضوع.. ما الذي يهم أي نظرية اقتصادية تتبعها إن كانت لا تحقق لك أهدافك؟
فكرة إيديولوجيا الاقتصاد تكاد تكون تلفظ أنفاسها الأخيرة والدول والأحزاب وبغض النظر عن مرجعياتها الفكرية محكومة قسراً بالرجوع للأهداف والغايات والتي تلخصها عبارة واحدة: المصالح الاقتصادية.
لا يمكن الآن في عالم سريع التغير أن يتمسك بالشعارات الفكرية إن لم تكن هذه الشعارات قادرة على تحقيق المصالح.
بصراحة أرجو ألا تكون جارحة… النظرية الاقتصادية الصالحة الآن.. اسمها البراجماتية الاقتصادية… نظرية: لا يهم إن كان القط اشتراكياً أو رأسمالياً المهم أن ينعش الاقتصاد وأن يقدم وصفات لحل المشكلات الاقتصادية.
خلال تجربتنا مع الإصلاح الاقتصادي لم تكن كبرى العثرات «داخلية» تتعلق بالمسار الفكري الذي نتبعه في إدارة الاقتصاد بل كنا في الواقع نقفز مرة من العربة الاشتراكية للعربة الرأسمالية من دون أي حساب لمن سيسقط على الطريق.. حافظنا على شركة أخشاب وصناعة أعواد ثقاب وشركة أحذية في حين قدمنا النموذج الرأسمالي في قطاعات أخرى أكثر أهمية وأكثر ربحية.
ما نحتاجه الآن في ظل الحراك الفكري الذي يدور في أروقة الاقتصاديين والحكومة أن نحدد الغايات بدقة.. عندما تم إنشاء «ناسا» كانت كل أهدافها عامة لكن جاء من يقول نريد هدفاً محدداً نصل إليه كمنافسة مع الاتحاد السوفييتي حينها، وكان الهدف الوصول إلى القمر قبل السوفييت.
الآن ما يمكن أن يفيدنا أن نحدد غاياتنا بدقة.. وكمثال توضيحي: إن كان الوصول إلى رقم صادرات مثلاً فلا يهم أن نشجع المصدرين ولا يفيد أن نشجع الصناعة المحلية بعجرها وبجرها لكن نشجع الصناعات والمعامل القادرة على التصدير وهي فقط دون غيرها تحصل على الإعفاءات والتسهيلات والدعم، وهذا يمكن أن ينطبق على غايات وأهداف أخرى.
كيف نصل إلى وضع دستور اقتصادي جديد؟
إن إقامة مؤتمر اقتصادي وطني أمر مهم وضروري ولا بد منه، لكن، الذي أقترحه إنشاء مجلس اقتصادي وطني بخبرات مميزة من التكنوقراط ورجال الأعمال وممثلين عن المستهلكين، هؤلاء هم الذين يحددون ما يجب أن يصطاده القط.
أقول قولي هذا وأستغفر الله..
أقوال:
– لا يستطيع أحد أن يحصد الثمار قبل أن يزرع الأشجار.
– ليس هناك من فنٍّ تتعلمه الحكومة على نحوٍ أسرعَ من سائر الحكومات كفنِّ سحب الأموال من حافظات أموال الشعب.