الصفحة الأخيرة

الطبقة الوسطى.. والوسطية!!

| عبد الفتاح العوض

أول الكلام:
• إن لم تكن معي فلا يعني أنك ضدي، منطق العاقل.
• إن لم تكن معي فأنت ضدي، منطق المغرور.
• إن لم تكن معي فأنت ضد الله، منطق المتطرف.
هل يستطيع الإنسان أن يكون متوازناً في وقت تعصف فيها الأحداث بهذا العالم المختل!
من يستطيع أن يفكر بعقل بارد في زمن ساخن؟!
في طريق البشر إلى السعادة حاولوا دوماً الوصول إلى تلك المرحلة التي يكون فيها التوازن سيد الموقف.
أنبياء وفلاسفة كان حديثهم دوماً عند تلك اللحظة التي يصل فيها المرء إلى نقطة توازن تحفظه من الوقوع!!
المرحلة التي يستطيع فيها الإنسان أن يتصالح فيها مع ذاته هي تلك التي تؤمن فيها روحه السلام.
يقولون إن الفضيلة هي نقطة الوسط بين رذيلتين فالبشر الذين لا يسيرون في الوسط معرضون للرذيلة، فالكرم حالة وسط بين الإسراف والبخل وكلما ابتعدت عن الوسط فقدت شيئاً من الحكمة.
وخلال البحث المحموم نحو نقطة الوسط بحث الناس عن طرق كثيرة.
الحديث النبوي الشريف «خير الأمور أوسطها» يلخص هذه اللحظة التي يصل فيها البشر إلى نقطة التوازن.
إن فكرة الاعتدال والوسطية كانت دوماً عملية صعبة، وليس من السهل على البشر أن يقفوا في هذه المنطقة الهادئة التي يعم فيها العقل.
هذا لا يحدث في الأجواء الاعتيادية، فكيف يمكن أن يحدث الآن في زمن ضاعت فيها بوصلة الكثيرين، وتاهت العقول في زمن الزلازل.
عادة فئة من المجتمع تستطيع أن تقف في «منطقة الضمير» غالباً ما تكون هذه الفئة هي جزء من الطبقة الوسطى التي تحمل في سلوكها قيم المجتمع.
في هذا الوقت لم يتبق لدينا طبقة متوسطة تحمي المجتمع من الانزلاق إلى عالم مجهول، ضاعت الطبقة الوسطى بين رذيلة الثراء الفاحش ومصيبة الفقر المدقع.
سلوك الناس في هذه الأيام يفصح عن طبقتين فقط، واحدة تقف بعيدة عن الوسط في أقصى الثراء.. وواحدة ثانية تقف أيضاً بعيدة عن الوسط في أقسى الفقر!!
الابتعاد عن الوسط بما يمثله من توازن واعتدال يجعل كلاً منهما يأخذ منحىً بعيداً عن الآخر في الموقف والسلوك.
وقس على ذلك في كثير من القضايا التي لا نملك فيها منطق الضمير ويقف فيها الناس في أطراف متباعدة وبعيدة عن التوازن.
ثمة من يرى أن ليس كل الوسطية حالة إيجابية على الدوام… فالوقوف مثلاً في حالة وسط بين الحق والباطل هي شيء سلبي مطلق.. وكذلك فلا يمكن التعامل مع الوصول إلى حالة السمو أو مرحلة العرفان سيكون شيئاً من الرذيلة؟؟؟
وفي هذا الكلام منطق سليم لكنه يتغاضى عن أن من طبائع البشر أن يرى كل منهم الحق من زاويته.. وأن الوصول إلى السمو الروحي كليا يوقف الحياة.. وإن كان سيبقى فينا من سيدور مع الحق دوماً لكنه لا يرى جهة واحدة فقط قابلة لأن تكون على حق في كل شيء وفي كل وقت.
حتى نزار قباني لم يكن على حق عندما قال: اختاري الحب.. أو اللاحب فجبنٌ ألا تختاري.. لا توجد منطقة وسطى ما بين الجنة والنار.
ألسنا نعرف أن أعذب الشعر أكذبه؟

أقوال:
• «دعوه فإن لصاحب الحق مقالاً».
• البخيل يسرق نفسه والمبذر يسرق ورثته.
• الجمال هو توقيع الله.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن