قضايا وآراء

نظام زيلينسكي المحكوم بتململ مشغليه

| رزوق الغاوي

تبعاً للإخفاقات العسكرية الأوكرانية المتلاحقة والفشل الذريع في تحقيق أي خرق ميداني للجدار العسكري الروسي، عادت كييف لتعزف نغمة انشقاق الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية عن البطريركية الأرثوذكسية الروسية، وقمع مناهضي الانشقاق، وإحداث شرخ شعبي أرثوذكسي تمثل مؤخراً بالذهاب نحو اعتماد التقويم الغربي الكاثوليكي بدلاً من التقويم الشرقي الأرثوذكسي لتاريخ ميلاد السيد المسيح، وهو أمر اعتبره متابعون للمسألة الأوكرانية مؤشراً على حالة الضياع والتخبط والإحباط والارتباك التي باتت تسيطر على نظام فلاديمير زيلينسكي النازي، جراء انسداد الآفاق في وجهه وفشله هو ومشغلوه وداعموه في مواجهة الآلة العسكرية الروسية.

في جانب متصل بهذا الإطار، سبق لزيلينسكي أن عمل على استقدام ثلاث كتائب إسلامية مسلحة منها كتيبة « الشيخ منصور» وكتيبة «جوهر دوداييف» المعارضتين للزعيم الشيشاني رمضان قديروف وكتيبة «القرم الإسلامية»، ورجال دين يهود مقاتلين ونحو سبعة آلاف من قساوسة الكنيسة الأوكرانية وآخرين من المحاربين القدماء، لمساندة القوات المسلحة الأوكرانية، بعد أن سلَّم زيلينسكي بأنه غير قادر على المواجهة وأن تأييد الغرب الأطلسي له بدأ عده العكسي والتراجع، وخاصة بعد أن أبدت الدول الأوروبية ضيقها وتململها من دعم كييف، وبدأت في البحث عن مصالحها الذاتية وإعطائها الأولوية في حساباتها الاقتصادية والدفاعية.

وعلى الرغم من سقوط ورقة الانشقاق الأرثوذكسي الأوكرانية وعملية تسييس الكنيسة الأوكرانية خدمةً للتوسع الأطلسي، لايزال زيلينسكي يمضي في رهانه الخاسر علَّهُ يحصد بعض فتات دعمٍ غربي يحسِّنُ صورته أمام مشغليه الذين باتوا يبحثون عن أي مخرج ينقذهم من الغرق في مستنقع الرمال والأوحال الأوكرانية المتحركة.

إن استقلال أوكرانيا في العام 1991 لم ينل من الإيمان بالجوهر التاريخي الثابت لدى الأوكرانيين، والذي أسماه المؤرخ الأميركي تيموثي سنايدر «سياسة الأبدية» التي تؤكد الوحدة العضوية للإمبراطورية الروسية وشعبها السلافي الأرثوذكسي، وتقوم على عقيدة إيديولوجية عُرِفَت بـعقيدة «العالم الروسي» وتشدد على إبراز حقيقة قيام حضارة عابرة للحدود تسمى «روسيا المقدسة» التي تشمل روسيا وأوكرانيا وبيلاروسيا ومولدوفا، وفي السياق ذاته يرى الباحث لدى معهد الولايات المتحدة للسلام إيدان هوستن أن الروس والأوكرانيين شعب واحد يتحدر من المملكة المسيحية نفسها التي نشأت في القرن العاشر حين اعتنق الأمير فلاديمير الأول من كييف الديانة المسيحية في العام 988.

إن الموقف الروسي بشقيه السياسي والعسكري تجاه المسألة الأوكرانية، بات الآن أكثر حنكةً وصلابة في التصدي للاستراتيجية الغربية المعادية لروسيا وإفشالها، على الرغم من التوحش الغربي المتمثل بالعقوبات الاقتصادية التي جعلتها أقوى من ذي قبل، ورسخت وحدة شعبها وراء قيادتيها السياسية والدفاعية، رغم ذهاب ألمانيا باتجاه تجميد أكثر من أربعمئة مليار يورو من الأصول الروسية الموجودة لديها، فيما تتجه بلدان أوروبية أخرى نحو تجميد ومصادرة ثلاثمئة مليار دولار من الأصول الروسية المودعة في بنوك تلك الدول، والحيلولة من دون وصول روسيا إلى احتياطياتها الدولية.

كاتب سوري

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن