في جمعية العلوم الاقتصادية.. أثر التشريعات في قطاع الأعمال … القطاع الخاص يعاني.. ومحاولات إصلاح الحكومة ليست تشجيعية … الحلاق يتقدم بمقترحات للحكومة من منبر جمعية العلوم الاقتصادية
| هناء غانم
انتقد عضو مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق محمد الحلاق أثر التشريعات الموضوعة في قطاع الأعمال خلال ندوة الثلاثاء الاقتصادي التي أقيمت أمس في المركز الثقافي بأبو رمانة قائلاً: البداية من البداية وليس من النهاية كما هو الآن حيث إن الإصلاح المتكامل من البداية إلى النهاية يؤدّي إلى رسم سياسة اقتصادية واضحة المعالم، وحيث إن أي إصلاح جزئي هو مَضيعة للوقت. وإن الإجراءات والقرارات التعليمات والتشريعات يجب أن تنعكس على الواقع الاقتصادي إيجاباً، من خلال تحسين بيئة الاستثمار وزيادة الاستثمارات، ومن ثم زيادة فرص العمل وارتفاع الكتلة النقدية المُعدّة للإنفاق وبالتالي «تتوازن الأسعار مع التكلفة».
أمّا أننا نرى تشريعات متزايدة وتضخّماً في ارتفاع، وانخفاضاً في الاستثمارات وانخفاضاً في التوظيف وارتفاعاً في الأسعار، فحينها يجب أن نقف وأن نعيد النظر في هذه التشريعات..
الحلاق يرى بداية أن قطاع الأعمال اليوم بحاجة إلى إيجاد لجنة تُلغي جميع القوانين السابقة وتخرج بحل واحد وخريطة طريق تُناسب الجميع بحيث تحفظ حق الحكومة والخزينة وتخفّف الهدر وتُعطي قطاع الأعمال الحافز والقدرة على العمل بشكل مريح وشفاف وتُحمّل كل طرف لمسؤولياته. والأهم أن تضم هذه اللجنة أعضاء من الحكومة ذوي فكر مُنفتح، وخبراء اقتصاديين وأعضاء من الغُرف التجارية والصناعية وأعضاء من قطاع الأعمال المحترفين والمخلصين ومن ممارسي المهن، وذلك من أجل إيجاد الحلول المُيسّرة للأعمال والجالبة للإيرادات والمُخفّضة للهجرة (المالية والفكرية) والقادرة على إعادة عجلة الدوران بالشكل الأمثل، وألا يقتصر عمل اللجنة على المقترحات فقط، وإنما يكون هناك متابعة وتقييم وتطوير وتحمّل مسؤولية.
ويرى المحاضر أن توازن الأسعار يكون من خلال تشريعات غير معقّدة وميسّرة وقابلة للتطبيق على الجميع من دون استثناء وأن الربحية هي المحرك الأساسي للاستثمار وتوافر المواد بأسعار متوازنة. وعندما يُصبح معدّل الفائدة الممنوح بالمصارف ( نحو 14 بالمئة حالياً) وهو أعلى من نسبة الربحية المُحققة أو المسموح بها، تتجه الأموال إلى الادّخار وعدم الاستثمار، بالتالي تجميد رؤوس الأموال ووقف عجلة الإنتاج والتجارة والتوظيف وارتفاع الأسعار بشكل كبير. مضيفاً: كي يستمر قطاع العمل ويستمر التوظيف، لا بد من وجود ربحية! وذلك من خلال تخفيض ووضوح النفقات، وإلغاء النفقات المستورة (البراني وسواها…) المنافسة والوفرة هما الحل من أجل تخفيض الأسعار.
ويرى الحلاق أن عدم وضوح التشريعات أو تضاربها (نصوص غير قابلة للتطبيق، تقبل التأويل) تخلق قنوات عمل غير شرعية وغير منضبطة وأسعارها مرتفعة. وقد يكون ما أوصلنا إلى هنا هو نظرية عند البعض، «خلينا نجرب ونشوف شو بيصير».
وبين أنه قد يكون أهم سبب خلل في قطاع الأعمال هو الفاتورة الجمركية والتخليص الجمركي ومتطلباته.
الحلاق قام بتوصيف واقع قطاع الأعمال وواقع الحكومة الاقتصادي، مبينا أن قطاع الأعمال يعاني داخليا من عدم تطبيق العلوم ونقص بالكفاءات العلمية بالوسط التجاري، ولكننا لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن نستهين بالطاقات والخبرات الحياتية – العملية. ولديه رغبة شديدة بالانكفاء على نفسه إضافة لتعدد التشريعات وعدم استقرارها، وأهمها ضعف القطاع المصرفي مع الخارج، وعدم القدرة على فهم الحسابات ومعرفة الوضع المالي (وجود الكاش لا يعني ربحية ونقص الكاش لا يعني الخسارة) وعدم وجود حوكمة، والاستنزاف البطيء والمستمرّ وضعف وتآكل رؤوس الأموال، والتّضخّم وعدم ثبات سعر الصرف، وانخفاض الدخل (ضعف القوة الشرائية) وبالتالي ضعف المبيعات.
وللأسف فإن نسبة ارتفاع التّضخّم هذا العام هي الأعلى مقارنة مع نسبة الارتفاع السنوي للأعوام السابقة، وأهمها ثلاثة: التّضخّم المستورد الذي نجم عن ارتفاع الأسعار العالمية عموما.. والتّضخّم الناتج عن ارتفاع تكلفة وأسعار المنتجات لأسباب داخلية، والنوع الثالث، هو التّضخّم الناتج عن زيادة حجم الطلب مقابل العرض من السلع والخدمات المستوردة والمحلية، وهذا ما نعاني منه بصورة متصاعدة، ولكن ليس بسبب زيادة الطلب عن العرض، بل لأن كليهما انخفض وتقلّص إلا أن نسبة انخفاض وتقلص العرض هي أكبر من نسبة انخفاض وتقلص الطلب.
على الصعيد الحكومي العام: من وجهة نظره يرى أن هناك جهوداً كبيرة في سبيل تيسير الكثير من الأمور، ولكن وللأسف كل جهة تعمل من دون أي تشاركية مع الجهات الأخرى، وكل جهة تسعى للحفاظ على مكتسباتها بغض النظر عن تعارض متطلباتها مع جهات أخرى، وهناك بعض الممارسات السلبية من قبل قطاع الأعمال أثّرت بشكل أو أخر في القرار الحكومي.
كلما تعقّدت التشريعات وألّزمت أكثر مما أتاحت، زاد الفساد وبالتالي أخرجت البعض من المنافسة، وقد يُعتبر هذا الأمر من أخطر مسببات الخلل وارتفاع الأسعار.
وأشار إلى أننا نسعى إلى حكومة إلكترونية وتسديد إلكتروني من أجل تخفيض العنصر البشري وتخفيض الهدر ورفع الكفاءة، ولكننا لم نوفّر حواسب بأسعار تشجيعية ولا ألغينا الرسوم الجمركية عليها، وفرضنا رسوماً جمركية مرتفعة على الموبايلات!
يُفترض بأي قرار أو قانون أن يؤدي إلى انسيابية أكثر للسلع، وفرة وتنافسية، ومن ثم استقرار وانخفاض بالأسعار ورفاهية للجميع.
ارتفاع قيم المخالفات ليس مؤشراً صحياً والتّباهي بالمخالفات، مثاله تحقيق 6000 قضية جمركية بعام 2023 هو أمر سلبي وليس إيجابياً.
وأشار إلى أن هناك رغبة حكومية شديدة من أجل إنجاح برنامج «إحلال بدائل المستوردات».
هل تم تحقيق جزء من الاكتفاء الذاتي وتخفيف فاتورة الاستيراد ووقف استنزاف القطع الأجنبي؟ في الواقع نجحت وزارة الاقتصاد في تخفيض فاتورة الاستيراد ولكن الإحصاءات تقول إن النجاح النسبي، أدى إلى زيادة التهريب وانخفاض الصادرات بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج.
هذا وقد ساهم في انخفاض رقم مستوردات عام 2023 إلى نحو 3.000 مليون دولار بعد أن كان في العام 2022 نحو 3.713 ملايين دولار..
وبتقدير المحاضر الشخصي: إن هناك فوات رسوم جمركية ما يقرب من 1.25 مليار دولار عدا الضرائب اللاحقة وسواها.
من الناحية المصرفية ذكر أنه مازالت الثقافة المتداولة لا ترغب في الشيكات وتبتعد عن التحويلات المصرفية لأسباب متعددة، أهمها عدم الرغبة بالانكشاف أمام الدوائر المالية.
عجز النظام المصرفي لغايته عن تشجيع المتعاملين مع المصارف.
وأضاف ننادي بدعم المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر ولكننا ما زلنا عاجزين عن دعمها بالشكل الأمثل وندفعها للعمل بالظل، حيث إن مأسسة عملها يستلزم سجل تجاري والسجل يحتاج إلى تسجيل عمال وتشبيك مع المالية.
من الناحية المالية (الضرائب)
يتم رفض أكثر من 98 بالمئة من البيانات الضريبية وتعديل رقم عملها، بحجة عدم الوثوقية أو أي أمر آخر فهذا يعني إمّا تشريعات متشابكة وإما خاطئة. بالطبع لا يمكن لوم الإدارة الضريبية على كل السلبيات حيث إن العديد من أصحاب الأعمال هم من أساؤوا أيضاً وشجّعوا على الفساد.
في موضوع الربط الإلكتروني
أحد أهم أسباب الربط هو عدم وضوح نتائج العمل في قطاع الأعمال، وافتقار الدوائر المالية لكثير من المعلومات حول ممارسي المهن المختلفة.
وبالتالي الهدف المرجو هو أرقام عمل تعكس الواقع تجاه الدوائر المالية. طالما في ربط الكتروني، فهذا الأمر يعني حُكماً إمّا تجاوزات وإما حتمية إلغاء التسعير! (تضارب واضح).
إن مُنعكس تطبيق نظام الفوترة كما هو المطلوب حالياً من النهاية وليس من البداية سيؤدي حُكماً إلى خلل كبير.
الأمان الاقتصادي والثقة
يعيش الاقتصاد السوري حالة من الضبابية في كثير من التشريعات، مما يوجب أن نُحدث تدخلاً سريعاً من أجل المعالجة، وخلق توازن بين جميع الوزارات المعنية بالشأن الاقتصادي. ومن أجل أن يتم التعديل، يلزم الاعتراف بوجود الكثير من الخلل وبالطبع ضعف الدخل هو هاجس وهو أساس، كما أننا نسعى إلى إيرادات أكثر –توافر سلع– الحفاظ على المدخرات – توافر السلع بأرخص وأدنى الأسعار – القضاء على التهريب – القضاء على الفساد ما أمكن – التخفيف ما أمكن من اقتصاد الظل.
لأنه بمقارنة بسيطة للأسعار مع دول الجوار تبّين لنا أن أسعار مدخلات الإنتاج من مواد أولية وما نستهلكه من منتجات مستوردة جاهزة للبيع يزيد على 25 بالمئة عن دول الجوار.
وخلص الحلاق بالقول إن أغلب محاولات الحكومة تجاه الإصلاح الاقتصادي هي إلزامية وليست تشجيعية لذلك لابد من إعادة النظر فيها.