تلعب التكنولوجيا العسكرية دوراً حاسماً في تحديد موازين القوى العالمية، وخاصة بعد تجارب تطويرية في عدة بؤر نزاع مشتعلة لأدوات قتالية ليست بجديدة، لكنها أكثر استقلالية وأعلى قدرة نارية وفنية وأقل تكلفة إنتاجية.
إحدى أبرز هذه الأدوات هي المسيرات التي كسرت بتكنولوجيا بسيطة جداً أعتى ما توصلت إليه برامج التسليح الغربي والأميركي.
العملية العسكرية الروسية الخاصة لحماية إقليم دونباس من القوات الأوكرانية، حددت بشكل واضح أن التكنولوجيا الحديثة الظهور والتي تطورها شركات تجارية غير تقليدية يمكنها أن تكون فعالة وساحقة في الدفاع لمواجهة أي عدوان عسكري في العصر الحديث، كما جاء تماماً في تقرير خاص لوكالة رويترز يتحدث حول كيفية عمل الأسلحة بالذكاء الاصطناعي وأنها ستكون بمنزلة ثورة في مجال الأسلحة والحروب والقوة العسكرية.
فيليب بيلكينغتون كتب في «ناشيونال إنترست» أن أبرز قطعة من هذه التكنولوجيا هي الطائرة الروسية من دون طيار «لانسيت»، وقد تم استخدامها على نطاق واسع لاستهداف المركبات التابعة للقوات الأوكرانية، ولاسيما المركبات الألمانية ليوبارد2، حيث تبلغ تكلفة طائرة لانسيت من دون طيار نحو 35 ألف دولار، ويبدو أن إنتاجها سريع وسهل، أما دبابة ليوبارد 2 فتبلغ تكلفة إنتاجها 11 مليون دولار وبطيئة التصنيع.
وكذلك الأمر في العدوان الصهيوني على غزة والمستمر منذ أكثر من ٤ شهور فإن التصنيع العسكري للمقاومة الفلسطينية المعتمد على البساطة والتكثيف والفعالية وبتكنولوجيا محددة، واجه التصنيع العسكري المعقد والعالي التكنولوجيا للعدو الصهيوني ومن خلفه التصنيع العسكري الأميركي والغربي بشكل كامل.
وأيضاً فإن تكلفة صاروخ ياسين ربما تبلغ 200 دولار إلى 300 دولار على أبعد تقدير، وهنا المقارنة رهيبة مع تكلفة دبابة ميركافا 4M التي تبلغ 3.5 ملايين دولار للدبابة الواحدة، كذلك الأمر في اليمن الذي استطاع فرض حصار بحري فعال في البحر الأحمر من دون امتلاك قوة بحرية، فالبحرية الأميركية تستخدم صواريخ بقيمة 2 مليون دولار لإسقاط طائرة من دون طيار قيمتها 200 دولار فقط.
كل ذلك يمكن إسقاطه على المستوى الإستراتيجي وتشكيل ميزان قوى عالمي نوعي ضمن محددات ومعايير مختلفة تتربع التكنولوجيا وسهولة التصنيع وتكلفته على عرشها، فمن يمتلك التكنولوجيا العسكرية ويطور آلية تصنيعها يسود العالم، وهو عنوان الصراع العالمي الحالي بين القوى الكبرى وهي روسيا والصين ومن يدور في فلكهما من جهة، وبين الغرب والولايات المتحدة الأميركية من جهة أخرى.