يفاجأ المواطنون يومياً بارتفاع أسعار سلع متنوعة جلها أساسي.
ولم يعد هذا الرفع يقتصر على الأسواق الخاصة المتروكة لمزاجية الباعة ورفضهم الإعلان عن الأسعار، لإخفاء البيع بعيداً عن السعر المشروع، بل جارتهم في ذلك عدة وزارات سورية راحت ترفع أسعار السلع التي تنتجها أو تستوردها وأجور الخدمات التي تقدمها، فعلى سبيل المثال زادت الجهات الحكومية خلال الأسابيع والأيام القليلة الماضية رسوم التقدم للامتحانات العامة وأسعار مبيع البنزين والمازوت (مستثنية مازوت وسائل النقل العامة) والأسمدة واللحوم والبيض والدجاج والأجبان والألبان والطون،
وكان لافتاً رفع سعر السكر المدعوم إلى 14 ألف ليرة سورية على يد السورية للتجارة، على الرغم من أنه يباع في الأسواق بـ13000و13600ل. س، ما دفع الباحث محمد الحلاق عضو مجلس إدارة جمعية العلوم الاقتصادية السورية في سياق محاضرة له يوم9- – 2024) إلى السخرية من دورها في صوغ سوق موازية وعزا فشلها إلى أسلوب التوظيف فيها، أسلوب يجعلنا نعاني أخطاءها. وكان قد أشار إلى أنها رفعت سعر السكر مؤخراً إلى 14500 ل.س على حين يباع في الأسواق بـ13500 ل.س..!!.
إذاً، تتبارى الجهات الحكومية مع الأسواق الخاصة في رفع الأسعار، في وقت يرزح فيه ملايين السوريين تحت وطأة الغلاء الفاحش بالمقارنة مع مستوى دخلهم الشهري. ووسط صمت رسمي عما تورده تقارير أممية عن أن 90 بالمئة من السوريين تحت خط الفقر(حسب اللجنة الدولية للصليب الأحمر)، وأن 15,3 مليون سوري بحاجة إلى مساعدة (المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين)، وقول برنامج الأغذية العالمي إن 70 بالمئة من السوريين لا يتمكنون من توفير الغذاء لعائلاتهم…!!
وبعيداً عما تورده مواقع غير رسمية أو معادية عن الواقع المعيشي في سورية، فإن شكوى السوريين من الغلاء الفاحش تملأ الصفحات الشخصية للسوريين على الفيس بوك والواتس أب ويبثونها يومياً للإذاعات الخاصة.
صحيح أن ذلك كله يتناقض مع الصورة العامة للحياة اليومية في وسائل النقل والمدارس والجامعات والأسواق والمطاعم والمقاهي، النابضة بالحياة.
إلا أن هذه الصورة لا تظهر أبداً أن وراءها عائلات كثيرة تعيش على الحوالات الخارجية والإعانات من الجمعيات الخيرية والجوامع والكنائس وأن هناك آباء وأمهات، يعملون عدة ورديات في الليل والنهار لتوفير حياة كريمة لأولادهم.
مع ذلك ثمة شريحة كبيرة جداً سواء من العاملين أو المتقاعدين أو الفلاحين المظلومين بقانون العرض والطلب وغياب الحد الأدنى للأسعار الذي يحمي تكاليف إنتاجهم ويؤمن لهم ربحاً للعيش، تعاني معاناة حادة جداً مع الغلاء ولاتسطيع تأمين الكثير من احتياجاتها الحيوية وعلى رأسها الدواء.
والسؤال المشروع في مواجهة هذا الواقع: ترى ألا يوجد دواء لمعالجة هذا الغلاء، كي تستمر الحياة سلسة، منتجة، مع الجميع وليس فقط وفقاً على الأثرياء ومن يحصلون على إعانات…؟
أعتقد أن الإجابة بنعم منطقية فلكل داء دواء.
من المؤسف جداً أننا نعاني عجزاً فادحاً في المشاريع الإنتاجية الزراعية والصناعية الحكومية التي يمكنها توفير قيمة مضافة لزيادة الرواتب دوريا ولتقديم الخدمات الحيوية بأسعار رمزية وتوفير سلع أساسية بأسعار مقبولة (تم مؤخراً منح المؤسسة العامة للدواجن 40 مليار ليرة لتنشيطها)، إن إجراء مماثلاً للمباقر ضروري.
تحتاج زراعتنا إلى الأسمدة، ولدينا مصنع وحيد لإنتاج أصناف مهمة من الأسمدة سيتم إيقافه عن العمل للاستفادة مما يستهلك من غاز يومياً ( 1,2 مليون م3)، في توليد 350 ميغا واط من الكهرباء للشبكة العامة أي لبيوتنا. لسنا ضد أن نحصل على كهرباء أفضل ولكن لا تحرموا زراعتنا من خبزها حتى الخريف القادم.
استناداً إلى بيان سابق لوزارة الصناعة، لا نقوى على استيراد الغاز بسبب الحصار. إذاً، استوردوا الفيول أو صنعوه (وزارة الكهرباء تحصل حالياً على 5000 طن فيول يومياً، وتدفع لكم شركة الأسمدة ثمنه لتولدوا به الكهرباء.
إن توليد الكهرباء ممكن بالفيول، لكن سماد اليوريا يحتاج إلى الغاز كمادة أولية.
هذا حل يقوي اقتصادنا ويخفف الغلاء، وهناك حلول كثيرة مماثلة. فاعملوا وبادروا بجرأة، ولا تقفوا متفرجين. ولا تتكئوا الحلول السهلة.