قضايا وآراء

إدانة الكيان بحرب الإبادة تعني إدانة لكل من شارك فيها من دول أخرى

| تحسين حلبي

من الطبيعي أن تصبح كل إدانة تعلنها محكمة الجنايات الدولية ضد الكيان الإسرائيلي بارتكاب جريمة إبادة شعب، هي إدانة أيضاً لكل من أعلن دعمه لحرب الإبادة التي شنها منذ السابع من تشرين الأول الماضي، وبخاصة أن إثباتات هذه الإدانة ظهرت بالصوت والصورة على ألسنة الرئيس الأميركي جو بايدين ووزير خارجيته أنتوني بلينكن وكذلك المستشار الألماني أولاف شولتس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس حكومة بريطانيا ريشي سوناك الذين سارعوا أثناء العمليات الحربية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة إلى زيارة الكيان وإلى إطلاق التصريحات العلنية التي تطلب من رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو عدم إيقاف النار، وهم يرون أن 70 بالمئة من الضحايا من الأطفال والنساء وأن 80 بالمئة من بيوت الفلسطينيين سويت بالأرض، ومؤسسات إدارة قطاع غزة دمرتها حرب الإبادة، بل وهم يسمعون نتنياهو وهو يعلن في مؤتمرات صحفية وأثناء لقاءاته بهم، أنه سيمنع الماء والدواء والكهرباء والغذاء والوقود عن مليونين ونصف المليون من الفلسطينيين في القطاع، وهي أوضح الدلائل على الإدانة بإبادة شعب وتهجيره بقوة الإرهاب بعد تدمير منازله ومؤسساته الحيوية.

سيسجل تاريخ هذا العالم، أن كل فرد من هذه البشرية، شاهد كل دلائل حرب إبادة الشعب يومياً في كل وسائل الإعلام المرئية، قبل أن تتقدم دولة جنوب إفريقيا بالدعوى القضائية لمحاكمة إسرائيل في محكمة الجنايات الدولية وعرض الدلائل التي تدينها، فأصبح قرار الإدانة المتوقع من هيئة المحكمة، أول إدانة يصادق عليها معظم سكان هذا الكوكب وليس الهيئة القضائية الدولية وحدها.

أمام هذه الحقيقة تتوقع مراكز الأبحاث والدراسات الأوروبية والعالمية، أن تدفع الأحزاب الحاكمة في الدول الغربية الراهنة، ثمن مواقفها وتأييدها لاستمرار المذابح التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي، في حين تبين أن أغلبية الإسرائيليين أنفسهم طالبت حكومة بنيامين نتنياهو بإيقاف هذه العمليات لكي يتسنى للإسرائيليين استعادة أبنائهم الأسرى الذين تحتفظ بهم المقاومة.

وبمقارنة أخرى، يتبين أيضاً أن أغلبية من المستوطنين الإسرائيليين أنفسهم طالبوا بسقوط رئيس حكومة حرب الإبادة الإسرائيلية لكي تتوقف الحرب في حين أن قادة الحكومات الغربية وفي مقدمها الولايات المتحدة، كانوا يعلنون يومياً تأييدهم ودعمهم لكل ما تقوم به حكومة نتنياهو بهدف حماية بقائها على رأس هذه الحرب التي رأى فيها معظم الإسرائيليين ومعظم يهود العالم فضيحة ودماراً وفشلاً لهم، وهذا يدل على أن الدول الاستعمارية الكبرى التاريخية وبخاصة الولايات المتحدة، كانت شريكة بشكل مباشر وعملي مع الكيان الإسرائيلي في كل ما كان ينفذه من مذابح لإبادة شعب، وهذا ما كشفت عنه أيضاً اعترافات قادة من سلاح الجو الأميركي بأنهم زودوا جيش الاحتلال بمعلومات لقوات المدفعية الإسرائيلية أثناء قصفها للمدنيين والبيوت والمستشفيات، وهذا يعني أن محكمة الجنايات الدولية لها صلاحية استدعائهم وادانتهم بالمشاركة المباشرة في عمليات إبادة شعب، وقد لا يقتصر هذا على إدانة الضباط الأميركيين بل على إدانة ضباط آخرين من دول أوروبية شاركوا في جرائم هذه الحرب.

وإذا كان مليونان ونصف المليون من الشعب الفلسطيني قد تصدوا لكل من شارك في هذه الحرب ببطولة وصمود، فإن دولة جنوب إفريقيا نفسها كانت من خلال تبنيها لقضية محاكمة إسرائيل وإدانتها قد تحدت معظم حكومات العالم التي شاركت في جرائم حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن