قضايا وآراء

الأخطار المقبلة وانعطاف المنطقة نحو مرحلة جديدة

| تحسين الحلبي

أصبح تقدير الوضع الدولي واحتمالات الأخطار المقبلة من أهم مواضيع الأبحاث والدراسات الدولية والإقليمية وخصوصاً عند انتهاء عام واستقبال عام جديد وتحت عنوان: (أكبر الأخطار العشرة التي يمكن للعالم مواجهتها في عام 2016)
نشر موقع (بيزنيس اينسايدر) مع بداية العام الجديد تحليلاً عدد فيه هذه الأخطار ومناطق وجودها واحتمالاتها وعرضته الكاتبة (إيلينا هولودني) فبدأت باستشراف وضع التحالف والشراكة الأطلسية بين أميركا وأوروبا الذي تتوقع له الدراسة مزيداً من الضعف بعد أن بدأت الصين بتوفير فرص لتطوير علاقاتها الاقتصادية مع أوروبا والتوسع فيها.
وفي أوروبا من المتوقع أن يزداد في عام 2017 الاختلاف حول قضايا كثيرة منها تشجيع (ميركيل) في ألمانيا على استيعاب اللاجئين وهو ما تسبب بانخفاض شعبيتها في أوروبا خلال أشهر قليلة من 67% إلى 49% داخل ألمانيا التي ستشهد انتخابات مقبلة بعد عام.
ولذلك يحذر الكثيرون من المحللين السياسيين في أوروبا من مضاعفات انتهاء فترة حكم ميركيل التي فازت لثلاث مرات برئاسة الحكومة فسوف تفقد أوروبا الدور المركزي الذي جسدته ألمانيا مقابل ضعف فرنسا وابتعاد بريطانيا المحتمل عن الاتحاد الأوروبي.
وبشأن ما يهمنا هنا في المنطقة يرى الموقع أن جدول العمل الدولي يجب أن يركز على (داعش) وأمثالها لأنها تشكل أخطر منظمة إرهابية قادرة على تعريض دول كثيرة للخطر، ويتوقع الموقع أن تتجه داعش لضرب الدول التي تحاربها بجدية وفاعلية مثل روسيا ودول المنطقة في سورية والعراق ويرى أن السعودية ستتعرض لأزمة داخل العائلة المالكة، وسوف تزداد عزلة الدولة السعودية على المستوى الدولي أكثر فأكثر، وربما تميل الرياض بموجب هذا الاحتمال إلى تصعيد حربها في اليمن أو إلى تصعيد التحريض على طهران لخلق بؤر توتر أخرى في المنطقة في أعقاب تطبيع علاقات واشنطن وأوروبا مع طهران.
وحول الأزمة الروسية- الأوكرانية واتفاقية مينسك من المتوقع أن يستمر تجميد هذه الأزمة بما يخدم بعض المصالح الروسية وأن تتمكن روسيا من الاطمئنان إلى إنجازاتها في سورية وتوسيع هذه الإنجازات ضد داعش وأنصارها في المنطقة.
وفي هذا المشهد الاحتمالي للتوقعات الأوروبية ربما يمكن أن نطلق على المرحلة المقبلة في الشرق الأوسط مرحلة تدفن فيه المنطقة (مشروع الشرق الأوسط الجديد- أو الكبير) الصهيوني لأن الأمر الواقع الذي ستفرضه تطورات تطبيع العلاقات الغربية مع طهران سيولد عوامل جعلت من دول محور المقاومة والممانعة وأطرافها قوة إقليمية كبرى توفر بمجموعها قدرة ردع إقليمي يفرض على الأعداء من إسرائيل إلى المجموعات الإرهابية خسارة فادحة وثمناً باهظاً في دورها ومستقبل هذا الدور. وتكشف (ناتاشا بيرتراند) في موقع (بيزنيس اينسايدر) أن حكومة أردوغان ستجد نفسها مجبرة على القبول والتسليم بما ولده التحالف الروسي- السوري لحماية سيادة سورية وسلامة أراضيها على الحدود الشمالية وعلى الدور الإيراني الجديد بعد تنفيذ الاتفاق النووي ومكاسبه المقبلة على طهران والعراق وسورية… ومن الواضح أن حلفاء أنقرة من السعودية إلى قطر لن يتمكنوا بعد التطورات الراهنة الإقليمية واحتمالاتها الإيجابية على المنطقة من التوسع في سياسة التدخل وتمويل المجموعات المسلحة وهذا ما يعزز احتمالات انحسار الإرهاب التكفيري الذي يراهنون عليه وربما يزداد الدور الأوروبي الهادف إلى التخلص من دور الإرهاب في المنطقة، وهو ما أشارت إليه ألمانيا بشكل خاص حين أعلنت ميركيل أن خطر الإرهاب على حدود الدول الأوروبية أصبح داهماً بعد العمليات الإرهابية التي وقعت في اسطنبول وأنقرة وزيادة تحركات هذه المجموعات عبر حدود تركيا إلى المناطق الأوروبية، وهذا ما يدل على عدم قبول دول الاتحاد الأوروبي بسياسة أنقرة الداخلية وبسياستها مع الجوار العربي والإسلامي.
ويبدو أن الولايات المتحدة تدرك هذه الوقائع التي ستفرض نفسها في السنوات المقبلة وقد ظهرت مؤشرات على ذلك في خطاب أوباما (للأمة الأميركية) قبل أسبوع مثلما ظهرت هذه المؤشرات في إرسال (نواز شريف) الرئيس الباكستاني في مهمة التوسط بين الرياض وطهران لمنع التصعيد السعودي الذي لا تفضله واشنطن في هذه المرحلة بالذات.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن