بات الغد القريب واقعاً حياً للناظر بعين التاريخ ليرى تجسيداً حقيقياً لمقولة مضمونها إن «من لم يعلمه الزمن أدبه اليمن».
اليمن اليوم يهدد دول العدوان الأميركي البريطاني، ويستهدف بوارجه الحربية في بحري العرب والأحمر، ويتخذ موقفاً عروبياً شجاعاً في الدفاع عن القضية القومية المركزية ومناصرة الشعب العربي الفلسطيني في غزة.
وتستند الاستراتيجية اليمنية إلى نقاط قوة جوهرية هي:
* استثمار الجيوبولتيك اليمني الواسع بكل ذكاء وبتوقيت حساس ومهم.
* إعادة الثقل الحيوي لمضيق باب المندب بما يضاهي قناة السويس أو أي مشروع عربي مقابل.
* استخدام وسائل التهديد القتالي وفق التكنولوجيا العسكرية على مبدأ «تكلفة أقل وإنتاج سريع».
* تحقيق انتصار ساحق على المستوى المعرفي بمشروعية دفاعه عن الشعب الفلسطيني المظلوم.
* استثماره للشعور القومي العربي المناصر للقضية الفلسطينية في مختلف الساحات ليقول إن اليمن قوة عربية لها كلمتها في المنطقة.
نقاط القوة السابقة استثمرها اليمن بطريقة ذكية وبتوقيت مناسب، ليغدو أسلوب الخطاب الإعلامي لقواته المسلحة والحرب النفسية المستخدمة بتلك الأدوات، أسلوب الواثق والمنتصر والمتجه نحو تحقيق هدف الردع الإستراتيجي، وتجلى ذلك الأمر في بيان الناطق باسم القوات المسلحة اليمنية العميد يحيى سريع، الذي أكد على نقاط معينة تحمل رسائل إستراتيجية عقب استهداف البارجة الأميركية لكل العالم، ومن له أذنان فليسمع، بأن الرد على الاعتداءات لن يبقى من دون رد وعقاب، وبأن القوات المسلحة اليمنية مستمرة بفرض قرار منع الملاحة الإسرائيلية في البحرين العربي والأحمر حتى وقف العدوان على غزة.
يبدو أن القدرات القتالية للقوات المسلحة اليمنية التي تعد بسيطة جداً وبالكاد مقارنتها بالقدرات القتالية لدول العدوان، عملت على مواجهة التكنولوجيا والتعقيد الإلكتروني بالبساطة المطلقة، ليكون الخطاب الإعلامي الأميركي أمام ما فعلته القوات اليمنية في موقف محرج ولا يحسد عليه، حيث اعترف مسؤولون أميركيون لصحيفة «نيويورك تايمز» أنهم واجهوا صعوبة كبيرة في العثور على مواقع عسكرية يمنية لاستهدافها، وأن اليمنيين وما زالوا قادرين على تهديد الشحن العالمي في البحر الأحمر.
كما اعترف المسؤولون الأميركيون أن الضربات العسكرية استهدفت 60 هدفاً في 28 موقعاً بصعوبة، أي لم تصب الضربات سوى 20 بالمئة من القدرات الهجومية للقوات اليمنية، بحسب الصحيفة التي تابعت بأن الأسلحة التي استخدمتها الولايات المتحدة وحليفتها بريطانيا، تضمنت صواريخ من الجو من طائرات مستندة إلى حاملة الطائرات «آيزنهاور»، وصواريخ توماهوك من المدمرتين البحريتين «يو إس إس غرافلي» و«يو إس إس ماسون»، والطراد البحري «يو إس إس فيليبين»، وغواصة أميركية.
اليمن اليوم يعود بقوة كلاعب إقليمي يدافع عن قضاياه العربية، ويهدد قوى عظمى ويفرض إرادته بكل اقتدار بعد سنين من الظلم والعدوان، لتبقى العروبة الحقيقية بالأفعال والمواقف لا بالأقوال والأحضان.