«البعث» يطلق من اتحاد الكتّاب في المزة «مراجعة نقدية في الفكر والتطبيق» … دخل اللـه لـ«الوطن»: تجربتنا السابقة تعطينا القدرة ليجدد الحزب نفسه باتجاهات جديدة
| منذر عيد
أكد عضو اللجنة المركزية لحزب البعث العربي الاشتراكي – رئيس مكتب الإعداد والثقافة والإعلام مهدي دخل اللـه أمس، في لقاء حواري بعنوان «حزب البعث مراجعة نقدية في الفكر والتطبيق» عقد في مبنى اتحاد الكتاب العرب، أن تجربة الحزب في التجديد والتغيير البنيوي تعطيه القدرة على أن يجدد نفسه الآن باتجاهات جديدة، مشيراً إلى أن المطروح حالياً أن يتجه الحزب نحو المجتمع أكثر من السلطة.
وقال في تصريح خاص لـ«الوطن»: «السؤال الحقيقي المطروح الآن هل يستطيع حزب البعث أن يكون حزباً راهناً؟ بمعنى هل عنده قدرة على الراهنية والمتابعة في وقت كل الأحزاب تقريباً تصاب بأزمات، والأيديولوجيا تصاب بأزمات، بالتأكيد من اللازم أن يكون هناك جهود كبيرة لتطوير حزب البعث، ويكون عنده القدرة على التطوير، وتاريخ البعث يؤكد أنه كانت عنده تلك القدرة لأنه مر تقريباً بخمس أو ست مراحل، كان التغيير والتجديد فيها بنيوياً كاملاً».
وأوضح أن الحزب انتقل من فكر الأممية الثانية والفكر الاشتراكي الديمقراطي، إلى فكر الديمقراطية الشعبية، في عام 1963، وفي عام 1973 انتقل لبعض الأفكار مثل تكافؤ الفرص والوحدة الوطنية والجبهة الوطنية التقدمية، ثم انتقل في التسعينيات تقريباً لشعار حشد الطاقات، وهو شعار غير اشتراكي، وأخيراً عام 2005 انتقل لشعار السوق الاجتماعي الذي ليس له أي علاقة بما يسمى الاشتراكية الواقعية، التي هي الاشتراكية العلمية بالمفهوم الماركسي.
وقال: «الحزب كان لديه تجربة في التجديد والتغيير البنيوي، وهي تعطيه القدرة على أن يجدد نفسه الآن باتجاهات جديدة، والمطروح أن يتجه الحزب نحو المجتمع أكثر من السلطة، يعني يتجه نحو النقابات ولكن بشكل جديد».
وأوضح أن جميع قوانين النقابات تقريباً لم يعد فيها ذكر لحزب البعث، قائلاً: «يتم تأثير حزب البعث في المجتمع عن طريق أعضائه في النقابات، سواء بالقيادات أم بالقواعد، وليس عن طريق مؤسسي، أو عن طريق فقرة موجودة بقانون النقابات، هذا هو التوجه الأساسي وهناك برنامج اجتماعي».
وتابع «من أجل تنمية ما يسمى العقل الفعال بالحزب، يتم العمل على تربية كوادر يفكرون بطريقة أخرى غير الطريقة التي اعتدنا عليها، التفكير بعلم التواصل، بعلم الإدارة والإقناع، وليس بعلم تمجيد الأيديولوجيا».
وأشار دخل اللـه إلى أن الأساس في تجديد الحزب هو إفساح المجال للكوادر النوعية للتفكير بطريقة أخرى.
وفي كلمة له في الندوة بين دخل اللـه أن حزب البعث يتجه إلى تفعيل المنهج النقدي في المجتمع، وإلى أن رؤية البعث في الانتخابات تذهب إلى التجديد وتفعيل النشاط الاجتماعي الإيجابي والاهتمام بالثقافة والأدب والتخفيف من الجانب الرسمي لمصلحة المنظومة الوطنية.
وأوضح أن الحركة الحزبية في العالم في حالة تراجع كبيرة، الآن هي في أزمة بنيوية، كذلك الايديولوجيا، حيث يسيطر الآن على الشارع في الغرب ما يسمى حركات القضايا، ولم تعد تسيطر عليه الأحزاب وإنما حركات الجماهير التي هي غير منظمة.
بدوره ركز الباحث نبيل صالح في محوره ضمن الندوة على ضرورة وجود النقد وكشف السلبيات وتغيير الغلط وأن يكون دور الحزب أساسياً في هذا النهج وعدم ترك أي أزمة بنيوية وصولاً إلى كشف الغلط وتغييره إلى الصواب.
ولفت صالح إلى أنه لا بد من الحراك الثقافي وتوفير الثقافة المنفتحة والابتعاد عن الانغلاق والتصميم على تغيير السلبيات والتمسك بالإيجابيات والاستماع إلى الخصوم والأصدقاء والاستفادة مما يخدم المصلحة العامة ودعم النخب الفكرية والعلمية لأنها تخدم التطور.
وقال صالح: «بما أن الفكرة تسبق العمل، فإن إعادة هيكلة النظام الحزبي تبدأ بالجانب النظري التثقيفي الذي يتبعه التغيير في البنية التنظيمية، الخطوة التالية يفترض أن تبدأ بتفعيل البرنامج الاجتماعي للحزب، فقد كان البرنامج الاجتماعي هو الرافعة السياسية للأحزاب السورية المتنافسة على قلوب الناس».
وتابع: «الثورة فعلياً يجب أن تكون ثورة ثقافية تنتقل بالجمهور من دائرة الإرث الثقافي الديني والقومي المغلقة على نفسها إلى ترسيخ ثقافة المواطنة والمصلحة المشتركة»، وأضاف: «لذلك فإن الحزب في حاجة الآن إلى استعادة وسمه المدني كممثل لحقوق ومصالح الفقراء والكادحين، ومدير ناجح لأعمال الصناعيين والمطورين المستثمرين، وحاضن للنخب الفكرية والعلمية، عبر خطوات انتقالية مدروسة لتحقيق التشاركية مع الأحزاب والنخب الثقافية المستقلة».
وختم صالح «يفترض أن تتحول قيادة الحزب من الوصاية وفرض الطاعة إلى الرعاية والحماية، على خط إعادة توحيد سورية والمجتمع السوري، وتفعيل مجلس الشعب والجبهة الوطنية وإدخال الأحزاب الجديدة إليه، بعد ذلك لن يبقى داخل الحزب سوى أعضائه المخلصين. ولن يخسر سوى الفاسدين والمنافقين الذين سيتركونه بطبيعة الحال بعد فك الحزب عن السلطة المباشرة. ضمن معادلة الحوكمة الرشيدة، وسوف تكون بداية نهضة البعث وإعادة تموضعه في عقول وقلوب الناس».
وعن تجربة اللقاءات الحوارية بين رئيس اتحاد الكتاب العرب محمد الحوراني أنها تجربة أولى تهدف إلى تفعيل عمل المنظمات لتكون قاعدة أساسية في الدولة والحزب، ولتسليط الضوء على السلبيات وتلافي نقاط الضعف والتصدي للإرهاب ومواجهة الصراعات السلبية ودعم الايجابيات وتكافؤ الفرص، وهذا ما بدأ يحصل بعد السبعينيات.
شارك في الحوار الذي أداره الحوراني عدد من المثقفين الحضور والأدباء والإعلاميين وقدموا أفكاراً ومداخلات في الرؤى المطروحة.