بداية علينا أن نتوجه بالتحية والتقدير لدولة جنوب إفريقيا التي تقدمت بدعوى ضد إسرائيل إلى محكمة العدل الدولية تُطالب فيها بإدانة إسرائيل ووقف الحرب على غزة، وأن نتوجه بالتحية للمقاومين في غزة الذين سطّروا تاريخاً مجيداً للصمود والنصر وأعادوا العزة والكرامة لأمتنا، ولشهداء غزة تحية الإجلال والإكبار، فهم أنبل بني البشر وأشرفهم.
ومن المؤسف أن الدول العربية المعنية بشكل أساسي بالقضية الفلسطينية، لم تنضم إلى هذه الدعوى التي هي من حيث المبدأ والنتيجة صرخة مدوية ضد العدوان الإسرائيلي والجرائم البشعة التي ارتكبت في غزة بهدف تدميرها وإجبار أهلها على الخروج منها وتهجيرهم إلى سيناء أو غيرها.
لقد أكدت إسرائيل مراراً وتكراراً عدم جديتها بحل الدولتين، وأن قبولها بذلك كان بقصد كسب الوقت وتمييع الموضوع، ومن هذا المنطلق أقول: إن حل الدولتين حُلم مستحيل لم ولن يتحقق، وإن المبادرة العربية ولدت ميتة، وإن شعار «استقرار المنطقة» الذي يطرحه الغرب هو شعار تكتيكي؛ فلا أحد في الغرب يريد ذلك لأن الاستقرار يؤدي إلى التنمية والبناء والديمقراطية، وكل ذلك يوجب وضع رؤية عربية إستراتيجية ستفرضها الجماهير العربية عاجلاً أم آجلاً.
أثبت الغرب وفي مقدمته الولايات المتحدة الأميركية انحيازه المطلق لإسرائيل وتبنيه المشروع الصهيوني الذي يتماهى تماماً مع مخططاته الاستعمارية التي ظهرت بأشكال مختلفة آخرها «العولمة».
أعود إلى القضية المنظورة أمام محكمة العدل الدولية؛ لأقول منذ الآن ورغم أهميتها وصداها فإن قرارها سيكون خاضعاً للعرض على مجلس الأمن، وبالتالي بل وبالتأكيد ستقوم أميركا باستخدام حق النقض «الفيتو» ليبقى هذا القرار حبراً على ورق من الناحية القانونية.
وهذا ما يعيدنا إلى عنوان هذا المقال بضرورة إيجاد نظام عالمي جديد ووضع ميثاق جديد ينهي سيطرة الدول الخمس العظمى على قرارات مجلس الأمن من خلال حق «الفيتو» الممنوح لها كدول منتصرة في الحرب العالمية الثانية، وأن تكون قرارات مجلس الأمن بالأكثرية بما ينسجم مع المبادئ الديمقراطية والعدالة، وأن تكون قرارات وأحكام محكمة العدالة الدولية ومحكمة الجنايات غير خاضعة للعرض على مجلس الأمن.
لكن للأسف لن نصل إلى النظام العالمي المنشود إلا بعد حرب عالمية ثالثة أعتقد أنها بدأت لتكون المدخل لنظام عالمي جديد يحقق السلم والأمن والعدالة في العالم.
وستبقى أزمات العالم من دون حل إلى أن تظهر نتائج هذه الحرب العالمية ويتم وضع ميثاق جديد للأمم المتحدة.
باحث ووزير سوري سابق