الفنانة نادين خوري ضيفة على النادي الثقافي في أبو رمانة … نادين خوري: الأمنيات مشتركة مع معظمنا وهي الأمان والاستقرار وانتهاء كل أشكال الحروب والدماء
| مصعب أيوب
تحت عنوان «أمنيات عام جديد في الأدب والفن والثقافة»، أقام النادي الأدبي الثقافي ندوة ثقافية حوارية كانت الفنانة نادين خوري ضيفتها، وقد احتضن المركز الثقافي العربي في أبو رمانة هذه الأمسية ظهر الثلاثاء، ليقدم بعض الحضور والمشاركين في إعداد اللقاء بعض الشهادات في عطائها وبعض المحطات في تاريخها الفني الحافل، ومنهم الإعلامي عماد نداف والمخرج علي العقباني ود. منى كشيك ود. بلال عرابي ود. راتب سكر الذي أدار اللقاء وغيرهم.
مسؤولية كبيرة
في كلمة لوسائل الإعلام أفادت الفنانة نادين خوري أننا اليوم في المركز الثقافي في أبو رمانة نلتقي مجموعة كبيرة من الأساتذة والمفكرين والأدباء لنستعرض بعض المحطات والمراحل المهمة في مسيرتي الفنية، مبينةً أن استضافتها في مركز ثقافي والاحتفاء بها وبمسيرتها الفنية بالطبع هو مسؤولية كبيرة ولا بد أن نكون حذرين تجاه ذلك، وفيما يخص عنوان الجلسة «أمنيات عام جديد في الأدب والفن والثقافة»، أكدت خوري أن أمنياتها لا تختلف حتماً عن أمنيات أي شخص في أرجاء هذا الوطن وهي أن ننعم بالأمان والاستقرار وأن تنتهي كل أشكال الحروب والنزاعات القاتلة وأن تزول هذه العتمة والغمامة السوداء عن المنطقة، ولعل المشهد الثقافي له دور متميز في المواجهة التي لا تنحصر فقط في البندقية والسلاح، ولا بد لعقول الأدباء والمفكرين أن يكون لها تأثيرها.
الدراما المقاومة
كما نبهت خوري إلى أن إنتاج الأعمال الدرامية بالتزامن مع الحرب الشرسة التي شنت على سورية خلال العقد المنصرم يعد شكلاً من أشكال المقاومة والدفاع عن الوطن وعن هويته وثقافته، بحيث لا تنحصر عملية الدفاع والمقاومة فقط على المظاهر العسكرية، وإنما للكلمة دور وللرواية والفن والأدب أيضاً، ونحن لم نتوقف عن العمل خلال سنوات الحرب منذ بدايتها وهو ما يولد لديّ الفخر والاعتزاز، مشيدة بذلك بدور الفنان السوري وبراعته في الأداء وقوة الأسماء الكبيرة التي أسست وصنعت هذه الركيزة القوية للدراما السورية، لتؤكد أن الدراما السورية ستشهد تطوراً كبيراً وروحاً شابة منفتحة تمسك بيدها إلى الضوء.
حب وارتباط
من جانبه د. راتب سكر أوضح أنه من دواعي سروره أن يفتتح ندوات هذا العام باستضافة الفنانة نادين خوري صاحبة الحضور السينمائي والتلفزيوني المتميز، فهي تقدم الشخصية من دون موقف مسبق منها، فتشعرنا في أثناء متابعتها بالصدق المطلق، إضافة إلى أنها تؤدي دورها في كل عمل بحب وارتباط، وكيف يصعب عليها وهي التي قدمت أدواراً من صميم الحراك الاجتماعي، ولا يمكننا أن ننسى دورها في حمام القيشاني الذي جسدت فيه شخصية المعلمة وافرة الثقافة، وهي تعاني مجتمعاً بعيداً عن تحقيق آماله الثقافية والنهضوية، فقدمت للشخصية الكثير من روحها العامرة بالمحبة.
وفي حديثنا عن دور الأدب والفن والثقافة في النهضة الاجتماعية، فإنه يتصل اتصالاً جوهرياً باستضافتنا اليوم للفنانة المتألقة نادين خوري التي قدمت من خلال أدوارها المتلاحقة على الشاشة الصغيرة والكبيرة شخصيات من صميم الحراك الاجتماعي.
حوارات متلاحقة
وأكد د. سكر على أن الفن كرّم وأهله كرموا وبالطبع كانت ضيفتنا اليوم من أبرز من استحقوا التكريم، وهو ما حصل فعلاً قبل نهاية العام المنصرم إذ كرمتها وزارة الثقافة بجائزة الدولة التقديرية وكانت الوزارة قد كرمت سابقاً واحتفت بالكثير من المبدعين وأهل الفن والثقافة والأدب، ولقاؤنا اليوم جزء من الحوارات المتلاحقة في مراكزنا الثقافية وحياتنا الجامعية والأكاديمية للإضاءة على هذا العطاء.
وختم سكر بضرورة تعزيز دور المحبة والتعاطف والتعاضد والمساندة النفسية والاجتماعية ليكون كل منا عوناً لأخيه على درب الحياة التي لا تخلو من المصاعب والآلام.
فنانة متجذرة بالوطن
وفي كلمة شارك بها الناقد عماد نداف، بيّن أن متابعته لأعمالها ومشاركاتها الدرامية والسينمائية قدمت نموذجاً درامياً في غاية الأهمية، إضافة إلى أنها صاغت سمعة الفنانة السورية في قمة الاحترام، وهي نقطة مهمة جداً، فقد كانت الفنانة نادين خوري مثالاً للفنان الذي يريد تقديم رسالة للفن والثقافة، ولا يمكننا أن ننسى تجذرها بوطنها واستمرارها في الإقامة فيه وعدم مغادرته كما فعل كثير من أهل الفن والدراما على الرغم من المغريات الكثيرة في الخارج، وركز على أن الكم الكبير من الأعمال الدرامية التي قدمتها خوري يعد مدرسةً لأنها تعطي الشخصية الدرامية حقها، ولم تستعمل الجسد وحركات اليدين للإضحاك بل لجأت إلى كوميديا الموقف، كما أنها أدهشتنا في براعتها بدور الأم أينما وجدت فيه.
وختم بالقول: رسالة الفنان هي جزء من رسالة المثقف والكاتب والسياسي والإعلامي في تعامله مع مجتمعه، ولكن للأسف الشديد فقد ذهب الفن بعيداً في كثير من المواقع حتى أنه وضع الإنسان في عصر التفاهة المجنون الذي سلبنا أولادنا وقيمنا وأفكارنا، ولكن نادين خوري لم تدخل هذا العصر وحافظت على أصالتها لتثبت للجميع أنها فنانة من الطراز الرفيع وتحترم نفسها وجمهورها ومسيرتها الفنية إلى أبعد الحدود.
وقد شاركت د. منى كشيك بورقة عمل جاء فيها استعراض لمسيرة الضيفة الفنية وأهم الأعمال التي لمعت فيها والشخصيات التي أذهلتنا في أدائها متحدثةً عن تجربتها السينمائية والتلفزيونية بوجه عام.
غياب الحميمية الأسرية
على جانب اللقاء طرح عدد من الحضور بعض التساؤلات على الضيفة التي أجابت عنها وناقشتها معهم بكل رحابة صدر، فأكدت أنه مع وصول السوشل ميديا إلى متناول أيادي الأطفال فقد تفككت الأسرة وأحدثت الكثير من الخلل فيها، فاندثرت الثقافة وروح العائلة والحميمية الأسرية، ولعل من أبرز المفارقات الحاصلة اليوم أنه في ظل طفرة الإنترنت بات من الممكن الحصول على معلومة ما بضغطة زر، على حين كان أحدنا سابقاً بحاجة إلى قراءة مؤلفات كثيرة ومتنوعة لجمع معارفه، فلا يمكننا اليوم تقديم مواد درامية كتلك التي قدمناها في التسعينيات التي لن يتقبلها الجمهور.
لأنها بلادي
كما أشارت إلى أن أكثر الأدوار التي قدمتها وأثرت فيها وعكست الواقع الذي عاشته وتعيشه البلاد هو دورها في «لأنها بلادي» إخراج نجدت أنزور وهو يروي وقائع حدثت في أماكن ما في سورية، ونوهت بأنه من المبكر اليوم أن نقدم أعمالاً تتكلم عن الواقع السوري والأزمة التي تعيشها البلاد، مبينة أنه يمكن لهذا أن يحصل في وقت لاحق بعد عدة عقود وتقدم أعمالاً درامية تروي قصصاً عن تاريخ الأحداث التي عاشتها البلاد، ولا يمكن تقديم أي أعمال تجسد الواقع مهما كانت متقنة لأن المتلقي يعيش الواقع بحيثياته ولن تتمكن من إقناعه أكثر من الواقع، على حين إذا قدمت هذه الأعمال بعد قرن من الزمن سيكون وقعها أكثر، وقد أكدت على أن مجتمعنا غني بالأفكار والموضوعات ولا يجب أن نحصر أعمالنا فقط بما يتمحور حول الأزمة.
انتقاء وحذر
وشددت الضيفة على أن الكوميديا لا تحتمل الحلول الوسطية، فهي إما أن تنجح أو تفشل وإن لم تكن مبنية على كوميديا الموقف فهي تهريج وليست كوميديا، ونحن قدمنا سابقاً يوميات مدير عام وبطل من هذا الزمان بالتعاون مع الكبير أيمن زيدان في أعمار صغيرة، ولكن عندما يتقدم أحدنا في العمر يصبح أكثر حذراً تجاه اختياره للشخصية الكوميدية وخصوصاً بعد أن أمضى أحدنا مسيرة فنية طويلة فلن يعرض نفسه للخطر.
كما أكدت الفنانة نادين خوري أن المؤسسة العامة للسينما هي البوابة العريضة التي دخلت عالم التمثيل بوساطتها عن طريق المصادفة، وكانت أولى تجاربي في فيلم «حبيبتي يا حب التوت» ولم ألج إلى عالم الفن من مؤسسة أكاديمية ولم يكن التمثيل في حساباتي لأنني كنت أطمح لدراسة الأدب العربي، والأسماء الكبيرة في هذا المجال هي من مدت لي يد العون في بداياتي وكانت تقدم لي النصائح والتعليمات لأثبت نفسي.