«سي إن إن» وثقت جريمة حرب ارتكبها الاحتلال بنبش المقابر … شهادات مروعة لغزيين حول سوء المعاملة والتعذيب خلال فترة اعتقالهم
| وكالات
كشف تحقيق أجرته شبكة «سي إن إن» الإخبارية الأميركية، أن جيش الاحتلال الإسرائيلي دنس ما لا يقل عن 16 مقبرة في هجومه البري على غزة، وسرق جنوده جثامين الموتى، وذلك بالتزامن عن حديث نادي الأسير الفلسطيني عن سوء معاملة وتعذيب تعرض لها الغزيون أثناء فترة اعتقالهم لدى الاحتلال.
وحسب «سي إن إن»، فإنه في خان يونس، حيث كثف جيش الاحتلال عدوانه على المدينة الرئيسية في جنوب القطاع، دمرت قواته مقبرة، وأخرجت الجثامين، مدعية البحث عن رفات المحتجزين لدى فصائل المقاومة في غزة، وراجعت الشبكة الأميركية صور الأقمار الصناعية ولقطات وسائل التواصل الاجتماعي التي تظهر تدمير المقابر، وتكشف الأدلة مجتمعة عن ممارسة منهجية لجنود الاحتلال في الهجوم البري على غزة، مشيرة إلى أن التدمير المتعمد لهذه المواقع ينتهك القانون الدولي، وفق ما نقلت عن خبراء قانونيين، أضافوا: إن تلك الانتهاكات التي يقترفها جيش الاحتلال يمكن أن ترقى إلى مستوى جرائم حرب.
ولم يتمكن متحدث باسم جيش الاحتلال من تفسير تدمير المقابر الـ16، التي قدمت «سي إن إن» إحداثياتها، زاعماً أن مقاتلي الفصائل تستخدمها لأغراض عسكرية، إذ يبرر جيش الاحتلال نبش جنوده المقابر، مدعياً أن إنقاذ المحتجزين والعثور على جثثهم وإعادتها هي إحدى مهامه الرئيسية في العدوان على غزة.
ونقلت الشبكة الأميركية عن متحدث باسم جيش الاحتلال، زعمه أن عملية تحديد هوية المحتجزين تتم في مكان «آمن وبديل»، وأن «الجثث التي تم تحديدها والتي ليست للرهائن تتم إعادتها بكرامة واحترام»، على حد ادعائه، إلا أن تحليل «سي إن إن» لصور ومقاطع الفيديو عبر الأقمار الصناعية، أظهر أن جيش الاحتلال استخدم المقابر كمواقع عسكرية، حيث حولت الجرافات الإسرائيلية مقابر متعددة إلى مناطق تجمع، وقامت بتسوية مساحات كبيرة وإقامة سواتر لتحصين مواقعها.
وذكرت الشبكة الأميركية، أنه في حي الشجاعية بمدينة غزة، تم رصد مركبات عسكرية لجيش الاحتلال في مكان المقبرة، مع وجود سواتر تحيط بها من كل جانب، وأظهرت صور الأقمار الصناعية تعرض المقبرة للتجريف، ووجود جيش الاحتلال واضحاً، كما رصدت الشبكة مشهداً مماثلاً من الدمار في مقبرة بني سهيلة، شرق خان يونس، حيث كشفت صور الأقمار الصناعية عن التجريف المتعمد للمقبرة، وإنشاء تحصينات دفاعية لجيش الاحتلال.
وفي مقبرة الفالوجة في حي جباليا شمال مدينة غزة، ومقبرة التفاح شرق مدينة غزة، ومقبرة في حي الشيخ عجلين بمدينة غزة، شواهد قبور مدمرة وعلامات تشير إلى مرور مركبات مدرعة أو دبابات ثقيلة فوق القبور، كذلك شاهد فريق «سي إن إن»، القبور على جانبي الطريق الترابي الذي جرفه جيش الاحتلال، وأكدت الشبكة موقع المقبرة من خلال تحديد الموقع الجغرافي للقطات التي التقطتها من داخل غزة، والتحقق من صور الأقمار الصناعية.
وحسب قناة «القاهرة الإخبارية»، مرت ناقلة الجنود المدرعة التي كانت تقل فريق «سي إن إن»، الأسبوع الماضي، مباشرة عبر مقبرة البريج الجديدة في مخيم البريج للاجئين الفلسطينيين في وسط غزة، في طريقها للخروج من القطاع، في حين ألحقت القوات الإسرائيلية أضراراً جسيمة بالمقبرة في خان يونس، أثناء توغلها في المنطقة المحيطة بمجمع مستشفى الناصر، وفقاً لصور الأقمار الصناعية ومقاطع الفيديو التي استعرضتها الشبكة الأميركية، وحددت موقعها الجغرافي.
ونقلت الشبكة عن منذر الحايك، الذي استشهدت ابنته في الحرب على غزة، أنه في أوائل كانون الثاني الجاري، زار قبر ابنته في مقبرة الشيخ رضوان في مدينة غزة، لكنها لم تكن هناك، وحاول العثور على قبر جدته، ولم يكن هناك أيضاً.
وحسب خبراء القانون الدولي، فإن تدنيس المقابر يتعارض مع نظام روما الأساسي، وهي معاهدة عام 1998، والتي أنشئت بمقتضاها المحكمة الجنائية الدولية للفصل في جرائم الحرب والإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم العدوان، وتحظى المقابر بالحماية باعتبارها «أعياناً مدنية» بموجب القانون الدولي، ونقلت «سي إن إن» عن جانينا ديل، المديرة المشاركة في معهد الأخلاق والقانون والصراع المسلح بجامعة «أكسفورد»، أنه «في ظل الطبيعة المدنية للمقبرة.. فإن الشخص الذي يريد مهاجمة مقبرة يتعين عليه أن يأخذ في الاعتبار نوع الاستخدام المدني للمقابر والأهمية المدنية للمقبرة، وعليه تقليل الضرر الذي يلحق بهذه الوظيفة المدنية للمقبرة».
وأثارت جنوب إفريقيا مسألة تدمير جيش الاحتلال للمقابر في غزة، في الدعوى التي رفعتها أمام محكمة العدل الدولية، وتتهم الاحتلال بارتكاب إبادة جماعية في القطاع، وقالت ديل: إنه في حين أن تدمير المقابر وحده لا يرقى إلى مستوى الإبادة الجماعية، إلا أنه يمكن أن يضيف دليلاً على نيات الاحتلال، مضيفة: «القانون الإنساني الدولي يحمي المدنيين، وهذه الحماية لا تنتهي عندما يموتون».
في الأثناء، قال نادي الأسير الفلسطيني: «إن سجن «مجدو» شكل أحد أبرز السّجون التي شهد فيها المعتقلون عمليات تعذيب وتنكيل، كانت الأشد، إلى جانب ما جرى في سجن «النقب»، بعد السابع من تشرين الأول الماضي، وأوضح، في بيان صحفي، أمس أوردته وكالة «وفا» أن «مجدو» يعتبر من المعتقلات «المركزية» التي يحتجز فيها الاحتلال المعتقلين، وبعد السابع من تشرين الأول خرجت عشرات الشهادات حول ما نفّذته قوات القمع التابعة إلى إدارة السّجون، إلى جانب وحدات من جيش الاحتلال، حول عمليات التّعذيب والتّنكيل الوحشية التي تعرضوا لها بشكل ممنهج وجماعي».
وشكّلت عمليات الضرب المبرّح، وعمليات الاقتحام الوحشية، أحد أبرز ما تضمنته شهادات المعتقلين، إلى جانب ظروف الاحتجاز القاسية جداً، والتي تندرج في إطار عمليات التّعذيب الممنهجة.