هل تريد أن تسيطر عـلى العالم؟ الحل طرحه الرئيس الأميركي الأسبق «بيل كلينتون» بكلمة واحدة موجـّهة إلى محاوريـه: (إنـّه «الاقتصاد» يا غـبي)…!
أما عـن الاقتصاد؛ فتعـريفه بأنه فن وعـلم إدارة الموارد (بشرية- معـدات-معـلومات- أسواق، ، الخ).
ولسوف أركّز هنا عـلى المعـلومات (know how)؛ فهي وسيلة ناعـمة لاختراق الآخر؛ قبل سلعـك ومنتجاتك؛ فكلنا يعـلم (بوساطة الدعـاية Propaganda) أن الآليات الألمانية موثوقة؛ وأن البضائع من صنع تايوان (عـلى الأقل قبل سنوات)، شعـبية وبلا جودة.
كان يتم تداول المعـلومات بشكل مطبوع؛ والآن تسيطر وسائل التواصل الاجتماعـي عـلى الساحة!
وهي موضوع تركيزي في السطور القادمة.
لعـل أعم ثلاث وسائل للتواصل ضمن عـالمنا في 2024؛ هي: التويتر؛ الواتس أب؛ والفيسبوك!
دعـوني ألجأ للغـة الأرقام: هنالك زهاء 3 مليارات حساب فيسبوك الآن.. وثلث مليار مستخدم نشط لتغـريدات تويتر؛ أما الوتس آب فعـدد مستخدميه يقارب 2 مليار في هذه اللحظة، (بالسياق نفسه: سئل وارين بافيت عـن مقدار ثروته؛ فأجاب بابتسامة «الآن أم لحظة سؤالك لي؟»)…
لست بمعـرض توضيح فوائد واستعـمالات وأدوات تلك الوسائل الثلاث؛ فكلكم يعـرفها ويتقنها؛ كنا قبل هذا القرن ننتظر أسابيع لوصول رسالة فيها نسخة عـن وثيقة أو شهادة ما؛ والآن بأجزاء الثانية تتحرك عـبر العـالم بكبسة زر!
أعلنت الصين عـن تطبيق محلي منضبط لوسيلة التواصل الشهيرة (تيك توك) اسمه Douyin؛ وأكتب والألم يعـتصرني؛ فالآن يحتفل العـالم بيوم اللغـة العـربية (عـدد المتحدثين بها ينوف عـلى النصف مليار؛ وتأتي الرابعـة عـالمياً بعـد الصينية ثم الإنجليزية وتليهما الإسبانية)؛ وللآن لايوجد لنا وسيلة تواصل خاصة؛ بل نحن تحت رحمة صهاينة فيما ننشر ونكتب؛ لمحاولة قولبة تفكيرنا! [أنا الآن محروم من الفيسبوك والواتس آب؛ لفترة غـير محدودة لتجرؤي عـلى الحديث بجرأة وصراحة عـن مأساة الفلسطينيين المتجددة في غـزة؛ ولعـمري فقد كلفني هذا الحظر البعـد عـن الكثيرين من الأصدقاء والأقرباء المتناثرين عـبر العـالم!
ليس لدي ما أضيف سوى قول من الحكم التي نحفظها منذ بواكير شبابنا، قول المفكر الراحل جبران خليل جبران «ويلٌ لأمة تأكل مما لا تزرع، وتلبس مما لا تخيط، وتشرب مما لا تعصر».
والمعنى من هذه المقولة واضح، وينطبق على أمتنا العربية التي تواجه مصاعب ثقافية واقتصادية، وكل هذا بسبب سوء التخطيط المتوارث الذي لم نفلح في معالجته.
ولا شك أن الأمة لن تستقل بنفسها وتملك قرارها إذا كانت محتاجة للغرب في كل شيء من طعامها ولباسها، بل سيظل التهديد بالحصار الاقتصادي واقعًا عليها دائماً وتظل خاضعة لما يملى عليها من طرف المستعمر.
فويل لنا إذا وجدنا أنفسنا مرهونين بطرف آخر مستبد؛ أي إننا بعبارة أخرى أصبحنا أبعد ما نكون عن الاستقلال الاقتصادي الذي يعني تحقيق إنتاج حقيقي في السلع والبضائع لتغطية حاجات المجتمع وتصدير الفائض منه.. لكن- للأسف- إن معظم دولنا العربية إن لم تكن جميعها، مازالت تعتمد على الشرق والغرب في توفير كل شيء، بعد أن كانت قبل سنوات ليست بالبعيدة تنتج وتنسج وتحصد، وأصبح هم المواطن العربي هو البحث عن لقمة العيش ولو كانت مغموسة بالدم والفساد.
ولم يكن الشعب العربي ليصل لهذه الحال، إلا بسبب سياسات اقتصادية وتنموية خاطئة وخطط وإستراتيجيات مشوهة! ومن الطبيعي أن يصل حال العرب إلى ما آل إليه وضعهم، حيث انعدام الاستقرار الاجتماعي، وتفشي الفقر والبطالة والجوع، وكان ذلك سبباً مباشراً للثورات التي شهدتها بعض الدول العربية في السنوات الأخيرة. كما أن تفشي الفساد المالي والإداري، وغياب القوانين والتشريعات الاقتصادية، جعل من البيئة الاستثمارية بيئة طاردة لرؤوس الأموال الوطنية قبل الأجنبية، وهذا أدى إلى تفاقم الأوضاع الاقتصادية، وبالتالي الاجتماعية والمعيشية، كما حد من تحقيق الاستقلال الاقتصادي المنشود.
فهل تنتبه الدول العربية إلى هذه الأوضاع المتردية، وتعيد وضع إستراتيجيات اقتصادية جديدة وناجحة تخرجها من هذه الأوضاع الاقتصادية المتدهورة؟