أطباء غربيون تحدثوا عن معاناة غير مسبوقة في القطاع … «الأورومتوسطي»: الاحتلال يصعد جريمة التهجير ويخطط لإفراغ غزة من أهلها
| وكالات
حذر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان من أن الاحتلال الإسرائيلي يصعد جريمة التهجير القسري، ويخطط لإفراغ مدينة غزة من أهلها عنوة وبقوة السلاح في إطار جريمة الإبادة الجماعية المتواصلة في القطاع منذ السابع من تشرين الأول الماضي.
وأوضح المرصد في بيان نشره على موقعه الالكتروني أنه تلقى إفادات توثق إجبار قوات الاحتلال يومي الأربعاء والخميس الماضيين عائلات فلسطينية، مكونة من عشرات الأفراد أغلبيتهم من النساء والأطفال على النزوح القسري من غزة، ولاسيما من أحياء تل الهوى ودوار أنصار والشيخ عجلين إلى وسط وجنوب القطاع غزة بعد اقتحام منازل ومراكز إيواء لجؤوا إليها وتهديدهم بالقتل.
وأشار المرصد إلى أن قوات الاحتلال وبموازاة ذلك تصعد من استخدام التجويع وتمنع الإمدادات الإنسانية عن أهالي غزة وشمال القطاع وتستخدم ذلك سلاحاً للتهجير القسري وإجبارهم على النزوح «لمحاولة تجنب الموت قصفاً أو جوعاً».
ولفت المرصد إلى أن إحصاءاته الأولية تفيد بنزوح مليون و955 ألف فلسطيني من مناطق سكنهم في القطاع، وقد نزح الكثير منهم مرات عدة، حيث اضطرت العائلات إلى التنقل مراراً وتكراراً من دون أن تعثر على ملجأ آمن، مبيناً أن مدينة رفح باتت تعد الملاذ الرئيس للنازحين، حيث يعيش فيها أكثر من مليون فلسطيني.
وقال المرصد: إن «إسرائيل تصر على تنفيذ عمليات نقل قسري للمدنيين في قطاع غزة والأخطر أنها تمنح نفسها ترخيصاً لاستهداف من يرفض أمر الإخلاء عبر القصف العشوائي للمنازل والمرافق المدنية أو المداهمة الميدانية لإجبارهم عنوة على النزوح».
وأضاف المرصد: إن «المدنيين، ممن يرفضون الإخلاء لافتقارهم إلى ملجأ بديل، أو لأن من بينهم مسنين ومرضى عاجزين عن الحركة وأشخاصاً من ذوي الإعاقة، أو لأنهم لا يريدون ترك منازلهم، لا يمكن بأي شكل اعتبارهم أهدافاً وتجريدهم من الحماية الكاملة التي يتمتعون بها بموجب قوانين الحرب»، وشدد المرصد على أن قوانين الحرب تحظر تحت أي مبرر استهداف المدنيين عمداً وتعتبر تهجيرهم قسرياً انتهاكاً جسيماً يصل إلى حد جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية.
في الغضون، قال أطباء بريطانيون عملوا في مستشفى «شهداء الأقصى» بقطاع غزة، إنهم شاهدوا هناك أسوأ الإصابات في حياتهم المهنية، واضطروا في كثير من الأحيان إلى علاج الجرحى من دون معدات طبية، حسب ما نقلت وكالة أنباء «الأناضول» الرسمية التركية.
وتمكن الأطباء البريطانيون، نيك ماينارد وديبورا هارينغتون وجيمس سميث، من العمل في مستشفى شهداء الأقصى بغزة لمدة أسبوعين، من نهاية كانون الأول الماضي إلى التاسع من كانون الثاني الجاري.
وتحدث الأطباء البريطانيون عن تجاربهم في المنطقة، في ظل استمرار القصف الإسرائيلي، إذ قال ماينارد، الذي يعمل جراحا في أكسفورد بإنكلترا، إنهم وصلوا إلى غزة بعد رحلة استغرقت يوماً واحداً من العاصمة المصرية القاهرة، وعبر عن انطباعه الأول عندما دخل غزة قائلاً: أول ما لفت انتباهنا بعد المرور من بوابة رفح الحدودية، هو اكتظاظ النازحين.
وقال ماينارد: ما رأيته كان أسوأ بكثير مما توقعت في مستشفى شهداء الأقصى رأيت أفظع الإصابات التي لم أتوقع أن أشاهدها في حياتي المهنية، وذكر أنهم(الفريق الطبي) رأوا العديد من الأطفال مصابين بحروق قاتلة وفقدان الأطراف وإصابات مميتة في الصدر والبطن، وأضاف: «لقد كانت غزّة مثل الجحيم على الأرض».
ولفت ماينارد إلى أن الكيان الإسرائيلي يستهدف بشكل منهجي أهالي غزة ومنشآت نظام الرعاية الصحية في القطاع، وقال: إذا عمل العالم كله معاً وأجبر إسرائيل على وقف إطلاق النار، فمن الممكن أن تستعيد غزة عافيتها، مردفا بالقول: يتعين على المجتمع الدولي دعم غزة من أجل إعادة إعمارها.
وحول مشاهداته في غزّة قال ماينارد: «كانت الإمكانات في غرف العمليات محدودة في معظم الحالات وفي بعض الأحيان لم يكن هناك ماء، كنا ننظف أيدينا باستخدام المواد الكحولية فقط، كنا نفتقر في الغالب إلى المعدات والملابس، وفي بعض الأيام، لم يكن لدينا مسكنات للألم لاستخدامها في علاج الأطفال المصابين بحروق خطيرة أو فقدان الأطراف».
من جهتها، علقت طبيبة التوليد ديبورا هارينغتون على الوضع في المستشفى بالقول: «لا أستطيع أن أشرح كم كان الأمر مخيفاً، هناك أشخاص بحاجة إلى الرعاية ليس فقط في مبنى المستشفى ولكن حوله أيضاً»، وأشارت إلى أنه تم نصب الخيام في محيط المستشفى الذي كان مكتظاً بالأطفال الجرحى، وهو ما ترك أثراً عميقاً في نفسها.
وقالت هارينغتون: كان عدد كبير جداً من الأطفال يصلون وهم مصابون بحروق خطيرة، وبتر في الأطراف، وإصابات مروعة، وكانت معدات المستشفيات غير كافية لمثل هذا العدد الكبير، وشددت على أن الحل الوحيد لغزة للخروج من وضعها الحالي هو وقف فوري لإطلاق النار.
وتابعت: «معظم الحالات التي وصلت إلى مستشفى شهداء الأقصى كانت فظيعة للغاية، لم تكن الإمكانات الموجودة في المستشفى قادرة على التعامل مع هذا المستوى من الحالات الخطيرة، القدرة الاستيعابية للمستشفى كانت 300 بالمئة، كان هناك أشخاص ينتظرون العلاج في كل مكان، معظمهم مصابون بجروح خطيرة، إضافة إلى ذلك، كان هناك أقارب للمرضى والنازحين، ولم يكن هناك شبر واحد من المستشفى خالياً من الناس».. بدوره، قال طبيب الطوارئ، جيمس سميث، إنه كان واحداً من فريق أطباء مكون من 9 أشخاص يعملون في غزة، ولفت أن قسم الطوارئ كان يواجه صعوبة في الاستجابة لعدد المرضى الذين يتم استقبالهم لأن معظم المستلزمات الطبية الأساسية كانت غير متوفرة، وأضاف: في أحد الأيام نفد الشاش الذي كنا نستخدمه لتضميد الجروح، وفي اليوم التالي نفد المورفين الذي كنا نستخدمه للأشخاص الذين يعانون من آلام خطيرة، مردفاً بالقول عملت لدى العديد من المنظمات الإنسانية وشاهدت المرضى في العديد من مناطق الصراعات لسنوات، لكن لم يسبق لي أن رأيت إصابات مؤلمة بهذا الحجم والخطورة، لقد كانت تجربة غزّة حقاً أعظم حدث مررت به على الإطلاق.