ثقافة وفن

فيلم «يومين»… رسالة اجتماعية وإنسانية بطابع كوميدي … باسل الخطيب لـ«الوطن»: هذا التعاون الثالث لي مع القدير دريد لحام وهي تجربة متميزة وتضيف لي الكثير

| مصعب أيوب - تصوير طارق السعدوني

ضمن قصة إنسانية تحمل تفاصيل معبرة تتكئ عليها أحداث متسارعة بصياغة أدبية وفنية راقية، انطلق مساء أمس العرض الرسمي الأول لفيلم «يومين» من إنتاج المؤسسة العامة للسينما للمخرج باسل الخطيب وقصة الفنان القدير دريد لحام من سيناريو وحوار تليد الخطيب على مسرح الدراما ضمن دار الأسد للثقافة والفنون، فحصلت تلك القصة على خيوط سحرية بين هموم الإنسان والشريط السينمائي بطريقة تلامس الوجدان والمشاعر وتخاطب العقول والضمائر، هو نتاج جهد عدد من النجوم الذين قدموا عصارة جهدهم ليضعوا بين أيدينا أداء نابعاً من شغفهم وإيمانهم بالفن، مسخرين أدواتهم في خدمة الفن النبيل باذلين أقصى ما لديهم لتكون ثمرة إبداعهم في «يومين»، ليحمل لنا رسالة إنسانياً ذات بعد اجتماعي، يتخلله الكثير من المواقف الطريفة والكوميدية.

الخطوط العريضة

يعيش غيث برفقة ابنته الوحيدة سلمى في قرية بعيدة ومعهم مجموعة من الناس البسطاء الذين تسعدهم أي كلمة طيبة أو حتى أي خدمة مقدمة من دائرة حكومية أو لفتة كريمة من أحد المسؤولين، يعمل غيث في تصليح الكهربائيات في دكان صغير في منزله إضافة إلى وجود بعض المواد الغذائية والتموينية والخضروات.

طفلة بعمر العشر سنوات وأخوها الذي يصغرها ببضع سنوات يغادران منزل العائلة بعد أن ضاقت بهما السبل إثر مواظبة الأب «حازم زيدان» على السهر ولعب القمار واحتساء المشروبات الروحية وقيامه بضرب الأم والأطفال بشكل دائم، ما يضطرهما للهرب خارج المنزل ليصادفان غيث في إحدى الحدائق ويقرران البقاء معه ويختلقان قصة وهمية بأنهما أحفاده، ويقحمان نفسهما في حياته عنوةً.

الراحل أسامة الروماني بدور المختار الذي يسعى لخدمة أهل قريته وطرق كل الأبواب لإصلاح شأن القرية ويطمح أن تزورها أي شخصية اعتبارية من المسؤولين مهما كان السبب.

رنا شميس تؤدي دور سلمى ابنة غيث الوحيدة والتي انفصلت عن زوجها بعد أن تعذر حملها وإصرار طليقها على إنجاب الأطفال، وبوجود الطفلين تشعر وكأن نوراً ما أوقد بداخلها وتبدأ بالاهتمام بهما ومبادلتهما مشاعر الحب.

التعاون الثالث

المخرج باسل الخطيب أوضح في كلمة خاصة لـ«الوطن» أن هذا الفيلم هو التعاون الثالث من نوعه مع الفنان دريد لحام لتكون تجربة متميزة وتضيف له الكثير وتشكل عامل فخر واعتزاز بالنسبة له راجياً أن يقدم الفيلم رسالة إنسانية سامية.

كما تمنى الخطيب للقدير دريد لحام طول العمر والصحة في ميلاده التسعين مؤكداً أنه ينتظر منه المزيد من الإبداع والعطاء لأنه مدرسة في ذلك ومنه تعلمنا الكثير من الحب والإبداع والفن، وعن الراحل أسامة الروماني نوه الخطيب أنه إنسان عرفه منذ سنوات طويلة وقد اجتمع به في أكثر من مناسبة ولم يقدر لهما أن يعملا سوياً وقد اجتمعا أخيراً في هذا الفيلم ليكون هذا الاجتماع الأول والأخير وهو لديه قناعة تامة أن روحه موجودة في مكان ما تتابع الفيلم اليوم.

وقد أشار الخطيب إلى أن الواقع السوري هو واقع سريالي يقترن فيه الحزن والألم بالفرح في الوقت ذاته وهذه هي حياتنا، ويحمل العمل لوحة غنية من حياة السوريين.

طينة خاصة

يثبت لنا الفنان القدير أنه فنان مجبول من طينة خاصة وأنه قدوة يحتذى بها الكثير من الممثلين محلياً وعربياً بأدائه المتقن وإحساسه المرهف، ولعل أبرز ما أظهر ذلك هو اشتغال المخرج باسل الخطيب على جميع التفاصيل من دون إهمال أي ثغرة ليخلق جواً ساحراً وبديعاً يبقى ممسكاً بيد المشاهد حتى المشهد الأخير، فكانت المادة الفيلمية مشوقة ومتميزة وتحمل شحنة عاطفية عالية.

وبين لحام في كلمته أنه في ظل الظروف الصعبة التي تعيشها البلاد لم يعد هناك مجال للفرح، ولكن في أوقات ما يصبح الفرح ممكناً، كما لم ينس لحام أن يقدم رسالة محبة وتحية وسلام لروح صديقه وشريكه في العمل الراحل أسامة الروماني.

سفيرتنا للعالمية

من جانبها الفنانة رنا شميس أكدت أن التعاون مع الفنان دريد لحام مهم جداً وهو بمنزلة الأب، لاسيما في بساطته وتواضعه وإنسانيته ولا يمكن إلا أن نكون سعداء بوجوده، مبينة أنه من الممكن أن تكون السينما السورية في مصاف العالمية ويمكن أن يعمل بها ولا شيء مستحيل.

كما أوضحت أن الراحل أسامة الروماني خسارة كبيرة لنا ويعز علينا جميعاً عدم وجوده بيننا اليوم وقد كان من دواعي سروري وجوده في العمل وتعاوننا معاً، لاسيما أنه رجلٌ طيب ومتواضع.

وركزت على أن المؤسسة العامة للسينما تحاول على الرغم من الصعوبات والحرب بقيت واقفة ومستمرة بإنتاجاتها وعطاءاتها مؤكدة أنه من الضروري الاستمرار ومواكبة العصر سينمائياً لأن السينما سفيرة لنا إلى العالم.

تجربة خاصة

من جانبه الفنان الشاب مؤنس مروة يقدم شخصية عسكري في نقطة تفتيش ولكنه يتمتع بروح لطيفة ومسالمة أفاد أن مشاركته في العمل تولد لديه مشاعر الاعتزاز بالطبع لكونها أولى تجاربه السينمائية، وهي تجربة خاصة جداً وفريدة لكونها مع المخرج المتألق باسل الخطيب، وربما يعلم الكثيرون من أهل الفن والاختصاص الميزة الخاصة لديه وفي أعماله، كما أعرب عن سعادته بوجوده إلى جانب الفنان القدير دريد لحام للمرة الثانية بعد تجربة «على قيد الحب» لأنها رائعة جداً.

كما بين أن العمل تحت قيادة المخرج باسل الخطيب رائعة جداً وخالٍ من الإشكالات أو العوائق حيث تم تصوير العمل في فصل الصيف وتحت أشعة الشمس ووطأة الحر الشديد وكان الخطيب يقدم كل التسهيلات لفريق العمل, لافتاً إلى أنه من المؤسف أن اللقاء الأول والأخير له مع الفنان الراحل أسامة الروماني كان في هذا الفيلم واصفاً إياه بالأب الكبير الذي يحتضن الجميع ويشبهنا جميعاً.

ويشارك في البطولة كل من: دريد لحام- أسامة الروماني-رنا شميس-محسن غازي- يحيى بيازي-حازم زيدان- نجاة مختار- وائل زيدان- مؤنس مروة- شهد الزلق- جاد دباغ-رهام غسان- نور الوزير.

يذكر أن التجربة الأولى للثنائي كانت في فيلم دمشق- حلب 2018 تأليف تليد الخطيب والذي نال جائزة أفضل فيلم عربي في مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط، والتعاون الثاني كان من خلال فيلم الحكيم 2021 من تأليف الكاتبة ديانا جبور حصل على الجائزة الذهبية في مهرجان «سينمانا» الدولي في سلطنة عمان، وجائزة لجنة التحكيم الخاصة في مهرجان «فجر» السينمائي الدولي في طهران.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن