من دفتر الوطن

عبقرية الصدفة!

| عبد الفتاح العوض

عالم النفس كارل يونغ له نظرية اسمها «التزامنية» وفكرتها تقوم على أن ما يحدث معنا ليس مصادفة، والمسألة هي«التوقيت الزمني» الذي جعل هذا الحدث يأتي في هذه اللحظة التي تبدو كما لو كانت «مصادفة» على حين هي عملياً متوافقة مع ما يجري في الكون.

في لغة علم النفس سماها يونغ «اللاوعي الجمعي» لكن في لغتنا هي «صدفة»، أما اللغويون فيصرّون على أن التعبير الصحيح «مصادفة».

المؤمنون على اختلاف دياناتهم يعتقدون أن المصادفة هي «قدر» مكتوب وأن الرضا بالقدر هو الذي يجعلك متوافقاً مع إرادة اللـه ومن ثم مع الكون.

في حياة كل منا الكثير من الأحداث التي جعلت الأمر «مصادفة» قد تكون جميلة وقد لا تكون، البعض يقابل هذه المصادفة بدهشة، -ومع الأسف بتنا بحالة لا تدهشنا الدهشة- والبعض الآخر يتعامل معها على أنها مجرد حظ جيد أو سيئ بقليل من الاهتمام.

دعونا ننتقل من حياة الأفراد، فالشيء المؤكد وبغض النظر عن تسميتها قدراً أو حظاً أو مصادفة فإن حياة الأمم تجعل من الأمر مثيراً للاهتمام ومدعاة للتفكير.

كيف يمكن أن نتحدث عن بلاد مثل بلادنا منذ بدأنا نقرأ التاريخ وهو يمر بمنعطفات تاريخية وأحداث مصيرية، ويشهد توترات عالمية ويكون مسرحاً لتقاسم النفوذ بين الدول العظمى!

طبعاً الفكرة الأساس أن «الأيام دول» ودورة التاريخ على الأمم تسير من الازدهار إلى الانحدار وهكذا دواليك.. لكن ما يجعل الأمر غريباً أن فترات الانحدار في هذه المنطقة طالت من حيث الزمن وتعمقت في الانحدار حتى نالت معظم مناحي الحياة.

هل تكون مصادفة مثلما يصفها الناس العاديون أم إنها «اللاوعي الجمعي» كما يراها يونغ ورفاقه!

عالم رياضيات يدرس علم الاحتمالات اسمه بليز باسكال صاحب مقولة «لو كان أنف كليوبترا أقصر قليلاً لتغير وجه العالم»، وفي تفسير ذلك أن الأنف الضخم كان يُعَد علامة جمال وكبرياء في عصر كليوبترا ومن هنا سَحَرَت القيصر وانهارت الإمبراطورية بسبب هذا الأنف.

وهناك دراسات عن أحداث كبرى حصلت بسبب أحداث صغيرة تشبه المصادفة منها مثلاً الحرب العالمية التي اندلعت بعد اغتيال دوق النمسا الذي نجا من أول محاولة اغتيال وفي اليوم نفسه وبعد زيارته للجرحى في المشفى تعطلت إحدى سيارات موكبه فأصبح هدفاً سهلاً.

لست في وارد سرد قصص التاريخ فلكل منا قصته الخاصة التي رسمتها الأقدار بعبقرية المصادفة.

أقوال:

– نحنُ ننتظر مصادفة تُصلح ما أفسده الواقع

– الحظ يأتي لمن لا ينتظره؛ والمصادفة تأتي لمن لم يتوقعها.. فأحسنوا الظن بالله..

– «التميّز لا يأتي بمحض المصادفة، إنه نتيجة نيّة عالية وجهد صادق وتنفيذ ذكي على الدوام. إنه يمثّل عملية الاختيار الحكيم بين بدائل عديدة. الاختيار، وليس المصادفة، هو ما يحدّد قدرك.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن