ثقافة وفن

برامج اكتشاف المواهب الغنائية.. هل تحقق فعلاً حلم الشباب؟ … جودة الصوت ليست المعيار الأساس لنجاح أي مشترك لأن الأمر يخضع لاعتبارات كثيرة

| وائل العدس

عادت برامج اكتشاف المواهب الغنائية مجدداً بعد غياب لسنوات عدة، هكذا فإن برنامج «إكس فاكتور» أعاد هذه البرامج إلى الواجهة، علماً أن اللجنة تضم كلاً من الفنان اللبناني راغب علامة والفنانة المصرية أنغام والفنان الكويتي عبد اللـه الرويشد.

فرغم الأزمات السياسية والحروب الاستعمارية الإرهابية التي اجتاحت غزة وعدداً من البلدان العربية، إلا أن برامج اكتشاف المواهب الغنائية لم تتوقف عن البحث والتقصي.

ورغم سخونة الأحداث إلا أن تلك البرامج الفنية نجحت بتحقيق شعبية كبيرة، وعائد مادي عالي، يظهر جلياً في حجم تدفق الإعلانات التي تُبث خلال العرض.

فلا يكاد ينتهي برنامج حتى يبدأ آخر، ولا يسدل الستار عن موسم حتى ينطلق موسم جديد، برامج متنوعة تهدف شكلاً إلى البحث عن صوت فريد، أما المشاركون فيحلمون بتحقيق الشهرة والانتشار.

منافسة شرسة

تتشابه تلك البرامج إلى حد كبير في آليات تنفيذها، حيث تعتمد على لجنة تحكيم من مشاهير نجوم الغناء في العالم العربي، وتتميز بارتفاع ميزانية إنتاجها التي تقدر بالملايين، إضافة إلى حجم الدعاية الضخم الذي ينتشر في الشوارع وعلى الشاشات.

وتبدو المنافسة شرسة بين العديد من الفضائيات لجذب المشاهدين للتصويت، على حين قيمة الجائزة التي يحصل عليها الفائز قليلة جداً.

شعبية كبيرة

تحظى هذه البرامج بشعبية كبيرة، فيما يعتبر هروباً من الجرعات السياسية التي تقدمها نشرات الأخبار والبرامج الحوارية مصاحبة بنبرة إحباط عالية؛ ما يدفع الجمهور إلى الالتفات نحو مواد الترفيه والتسلية.

إضافة إلى أن تلك البرامج ملأى بعوامل الإثارة والتشويق والمفاجآت التي تتراوح بين أنها طبيعية أو مفتعلة، لذلك نجد الجمهور يتابعها وهو يحبس أنفاسه، في انتظار النتيجة.. وهذه الإثارة مطلوبة ومخطط لها من الشركات المنفذة لإكساب المسابقات مزيداً من الجاذبية ومن ثم ارتفاع نسبة المشاهدة.

علامات استفهام

ازدياد عدد هذه البرامج يثير العديد من علامات الاستفهام حولها وحول المواهب الجديدة التي تكتشفها، وخاصة أن وهج الأسابيع التي تعيش تحت ظلها تلك المواهب الغنائية سرعان ما يخف مع إسدال الستارة على الحلقة الأخيرة من تلك البرامج، ثم تخبو بأخبار متناثرة عن تلك الموهبة ومشاريعها الفنية الموعودة ثم تنطفئ تماماً باختفاء تام عن الساحة الفنية.

لا يجد أحد من هؤلاء من يمهد له طريق النجاح وتحقيق الذات فيقع في بطالة فنية أو قد يلجأ للغناء في الملاهي الليلية أمام عجزه عن الوصول إلى المهرجانات المهمة التي يسيطر عليها نجوم الصف الأول الذين سبقوه، وقلة فقط من هؤلاء نجحت في البقاء في دائرة الضوء بفضل كليبات السهرات والألبومات غنائية.

تساؤلات

أسماء عربية كثيرة مرت ونسيناها على حين أخرى قليلة حفرت طريقها في عالم الفن في وقت سار فيه البعض بخطوات متباطئة ومنهم من اختفى نهائياً عن الأضواء.

فهل فعلاً تحقق هذه البرامج حلم الشابات والشباب، أم هل تتم المتاجرة بأحلامهم؟ وهل الربح المالي هو الهدف الوحيد لمنتجي هذه البرامج؟ وما سر نسبة المشاهدة العالية جداً التي تحظى بها؟ هل هذه البرامج تدعم المواهب الشابة، وتتيح لهم فرصة للعبور نحو عالم الشهرة، أم إن الأمر لا يعدو سوى موضة وصيحة فنية جديدة مقتبسة من برامج عالمية؟.

بزنس

تعد هذه البرامج مجالاً واسعاً لكسب أموال طائلة من خلال إرسال الرسائل النصية، فهو «بزنس» في المقام الأول، لهذا تضم لجان التحكيم كثيراً من نجوم الصف الأول، لأنهم يشكلون المصدر الأول لجذب الجمهور، وفي المقابل يتقاضى هؤلاء النجوم أجوراً مرتفعة تشكل لهم عائداً مربحاً في ظل ركود سوق الغناء نتيجة الظروف السياسية.

المعايير

يخطئ كثيرون عندما يعتقدون أن جودة الصوت هي المعيار الأساس لنجاح أي مشترك، لأن الأمر يخضع لاعتبارات أخرى كثيرة مثل المظهر والكاريزما والحضور على المسرح، والأهم تقبل الجمهور له الذي يتفاعل معه ويصوت له عبر ميزة الرسائل القصيرة، وخاصة أنه يظهر أسابيع عدة.

إلى النقابة

نتمنى من نقابة الفنانين أن تشكل لجنة خبيرة تكتشف المواهب الفنية وتقدمها للجمهور بعيداً عن أضواء برامج اكتشاف المواهب وبريقها العابر لتضعهم على عتبة النجاح والمستقبل الباهر.

فمن الجميل أن نرى هذا الاهتمام بجيل من الشباب ومساعدتهم لتحقيق أحلامهم بما يمتلكونه من مواهب.. لكن ينبغي مساعدتهم لتحقيق أحلامهم الفكرية أولاً وتطوير مواهبهم العلمية وأفكارهم الاقتصادية لتكوين مجتمع متوازن مجتمع مفكر وعالم ومتذوق للفن.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن