الأولى

كتب المحرر السياسي..

فور صدور بيان وزارة الخارجية السورية الذي يدين العمليات العسكرية الأردنية في الأراضي السورية، أكد الناطق الرسمي للمملكة الأردنية رفضه لأي إيحاءات بأن الحدود الأردنية كانت يوماً مصدراً لتهديد أمن سورية، أو معبراً للإرهابيين الذي كان الأردن أول من تصدى لهم، قائلاً: إن الأردن سيبقى صمام أمان ودعم وإسناد لسورية الشقيقة ولشعبها الكريم في درعا والسويداء المجاورتين وفي كل أنحاء سورية.

الناطق الرسمي الأردني الذي شدد على أن بلاده مستمرة في جهودها للمساعدة على إنهاء الأزمة السورية والتوصل لحل سياسي يحفظ أمنها ووحدتها وسيادتها ويخلصها من الإرهاب والفوضى وعصابات المخدرات ويحقق جميع طموحات شعبها الشقيق، نسي أو ربما تناسى كيف عملت الأردن لسنوات طويلة من خلال غرفة «الموك» على تدريب وتسليح ونقل الإرهابيين من الأراضي الأردنية إلى سورية وتمويلهم لسنوات طويلة بهدف شن هجمات على السوريين الآمنين، وخير دليل على ذلك ما جاء في اعترافات وزير خارجية قطر الأسبق حمد بن جاسم وقوله: إن الأردن كان شريكاً أساسياً في التحالف مع واشنطن وبعض دول الخليج من أجل تدمير سورية.

أما حديث الناطق الرسمي الأردني بأن الهدف من شن الهجمات هو ملاحقة تجار المخدرات ففيه تناسٍ آخر، فهؤلاء لم يكونوا موجودين قبل الحرب على سورية إذ كانت الدولة السورية تفرض سيطرتها على كامل حدودها كما أن هؤلاء لا يعملون بمفردهم بل مع شركاء أردنيين وربما من الأفضل للأردن هنا البحث عنهم داخل حدوده وإلقاء القبض عليهم كما تفعل سورية حين تتمكن من ذلك.

أما الإيحاء بأن الأردن أبلغ السلطات السورية بأسماء هؤلاء وأن دمشق لم تفعل شيئاً لمحاربتهم، فربما يكون السبب حالة الفوضى التي لا تزال مستمرة في درعا والسويداء نتيجة وجود عصابات كبرت ونمت بفعل الدعم الخارجي لها والتي تتسبب حتى الآن باستشهاد مدنيين سوريين وأفراد من الشرطة والجيش.

صحيح أن الكذب ضروري في السياسة ببعض الحالات، لكنه يصبح مفضوحاً حين تتحدث الأردن عن حرصها على أمن وأمان سورية والسوريين بعد حقبة من التآمر والعمل لمصلحة الولايات المتحدة الأميركية، فدمشق التي طبعت علاقاتها مع العرب وتجاوزت الماضي من أجل مستقبل المنطقة وشعوبها، لا تزال حريصة كل الحرص على علاقات جيدة مع المملكة الهاشمية لكن بعيداً عن أي تدخل عربي أو غير عربي في شؤون سورية الداخلية وبعيداً عن الضغوطات والشروط المسبقة التي يضعها البعض ويتخيلها من أجل فرض حل سياسي يتماشى مع مصالح واشنطن وليس مصالح دمشق ولا حتى عمان.

لذلك من الأفضل للجميع أن يكون هناك تعاون بين كل البلدان العربية من أجل حماية الشعوب والسيادة، وهذا ما طالبت به سورية ونسقته مع عمان من خلال زيارات مختلفة واتفاقيات لا يجوز بأي حال من الأحوال اختراقها.

أما التهديدات المبطنة والمفضوحة التي يطلقها المتحدث الأردني فإنها ليست ذات معنى ولا قيمة، وسورية لن تتعامل إلا بكل روح الأخوة مع الشعب الأردني الشقيق، ولن تنجر إلى كل ما من شأنه قلب الحقائق وخلق الذرائع وتوتير الأوضاع.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن