دائماً ما يخضع تبديل فكرة الزاوية لدي إلى معايير قاسية أقيس بها قيمة الحدث الذي استوجبَ التغيير من عدمه، وللأمانة من النادرِ كثيراً أني قمت بتعديل موضوع الزاوية، لكن مع الانتصار التاريخي للمنتخب السوري على الهند والتأهل لأول مرة إلى الدور الثاني في بطولة الأمم الآسيوية قلت في نفسي لن أدعَ الحدث يمر لكني تعرضت لعدةِ تساؤلات لأبرر لنفسي حدوث التغيير، أولها أن الزاوية ليست رياضية وأنا لا أحب التعدي على عمل الزملاء في القسم الرياضي، قلت لنفسي ما المشكلة يحق للشاعر ما لايحق لغيره لكني تذكرت بأنني لستُ شاعراً رغمَ ما أصابَ هذا اللقب من وهن، لا يشبهه إلا الوهن الذي نخاف أن يصيب الأمة بعدَ أن أصبح كل من يستطيع ترتيب جملتين يحمل لقبَ شاعر وقد تتم دعوته للندوات الثقافية، فكرتُ قليلاً وقلت لماذا لا أستند إلى القاعدة الفقهية «الضرورات تبيح المحظورات»؟ لكني بالوقت ذاته تذكرت بأني لستُ أهلاً للفتوى ثم إني خفت أن يخرجَ علي أحدهم شاهراً سيفه ويقول لي ويحكَ لأنك تفتي بما لا تعلم!
هنا عدت إلى الواقعية التي أحبها، تجاهلتُ كل الألقاب وتذكرت اللقب الأهم والأغلى في حياتي وهو «مواطن سوري» هذا اللقب يعطيني التصريح لأن أحوِّلَ الأفكار حسب مايسير الواقع لذلك من حقي كما كل السوريين أن أفرح وأن أشكر أفراد المنتخب على هذهِ الهدية الثمينة التي ننتظرها منذُ نعومة أظافرنا بل إن هناك من رحلَ وهو بحسرتها، بعد تبادل رسائل المباركات مع الأصدقاء كان الدخول إلى مواقع التواصل الاجتماعي فسحة فعلية للشعور بالنشوة، الصفحات العربية الكبرى التي تتبع للأندية العالمية قامت بتهنئة السوريين، الموقع الرسمي لنادي فالنسيا الإسباني كذلكَ الأمر، كبريات الصحف الرياضية العالمية بما فيها ماركا الإسبانية والإيكيب الفرنسية تحدثتا عن المباراة، وسط تلكَ النشوة ومن خلال الفيديوهات التي يقترحها الفيسبوك خرج إلي فيديو كاد أن ينتهك فرحتي إذ يحوي ثلاث أمعاتٍ بمسمى معارض سوري حزاني وسط الملعب على هذا التأهل، مؤكدين بأنهم شجعوا كل المنتخبات ضد المنتخب السوري، تجاهلت هذا الفيديو باعتبار أن «قلة الأصل» مرض لايمكن الشفاء منه، ماهي إلا لحظات حتى خرجَ أمامي فيديو بكاء مساعد مدرب المنتخب السوري (المصري الجنسية) محمود فايز والمراسل وائل البزرة وعلى موقع صحيفة ماركا الإسبانية، هذا الفيديو يجعلك تتأكد بأن الصدق لاعلاقة له بجنسية ولا حتى بعرق أو دين ومذهب، النخوة والانتماء يولدان مع الإنسان السوي لذلك علينا أن لانزعج أنفسنا بالأمعات بل علينا أن نأخذ المبادرة بإزعاجهم ونسألهم:
من ستشجعون في المباراة القادمة؟