ثقافة وفن

حالات إنسانية ووجدانية في لقاء شعري بحمص

| عبد الحكيم مرزوق

ثلاثة شعراء تقاسموا الأمسية التي أقيمت في رابطة الخريجين الجامعيين وحضرها جمهور من الأدباء والمثقفين والمهتمين بالأنشطة الثقافية في مقر الرابطة، وقد عبقت الأمسية بالشعر الغزلي والبوح الإنساني الشفيف عبر ثلاث تجارب شعرية يمكن القول إنها مكتملة النضوج.

الشاعرة خديجة حجازي ألقت عدة قصائد شعرية حملت عناوين: اعترافات عاشقة، تسألني من أكون، عودة تشرين، حيث تناولت تلك القصائد الحب والغزل بلسان الأنثى التي تبوح بمكنوناتها بلغة الأنثى العاشقة والمحبة التي ترى في الحب قدسية الأحاسيس والمشاعر الإنسانية، وتنظر للمحبوب كونه الملهم في إبداعاتها الشعرية فتشبههه بكل الأشياء الجميلة كالشمس وحبة القمح.

تقول حجازي:
أريدني بين الحروف
أطلُّ من بين السطور
أسلّم عليك… وأبتسم
ثمّ أعود لأغفو
لأطفو
على لغتك
فأنا أخشى الغرق
ستراني كوردةٍ عبيرها بين الورق
كملهمةٍ ناعمة
أريحُ الأنامل وقت اشتعال القلق

الشاعر محمد علي الخضور الحائز جائزة دبي الثقافية للإبداع في الدورة السابعة 2010\2011 «المركز الأول في الشعر» ألقى مجموعة من المقاطع الشعرية بعنوان تجليات الجسد، وقصيدة بعنوان «شمعة» حيث يقدم من خلال المقاطع الأولى تشبيهات المحبوبة بشكل فيه الكثير من الحرفية الشعرية التي تكاد تشبه العطر في بعض الحالات، أو الماء المقدس أو العطر الذي لا يكاد يكون مرئياً في حالة الوصف والبوح الشعري الذي يحلق في أجواء قريبة من الصوفية، وفي القصيدة الثانية نجد بحثاً وراء السر المنبعث من ضوء الشمعة الذي يبدو متعباً من حوار الحب الذي شهد حواراً بين العاشقين.

ومن مقاطع «تجليات الجسد» هذا المقطع الذي يقول فيه:

مهما تَشَيطَنْتُ
أبقى طِفْلَ قُبلَتِها
تَشُدُّ أذنَ اشتهاءاتي بضحكتِها
وما انفردتُ بشيطاني أُناصِحُهُ
إلا وثالَثـَنـَا شُبَّاكُ غُرفتِها
وكلَّما نَعسَتْ روحي على يدها
كانت تُعِدُّ لها فنجانَ سُمَرتها
في كلَّ رشفةِ بُنٍّ «هيلُ» شامَتِها
الله..!!!
كيف تجلّت لي بنكهتها؟

وألقى الشاعر حسن بعيتي الحائز لقب أمير الشعراء في الموسم الثالث من المسابقة التي نظمتها هيئة الثقافة والتراث بإمارة أبو ظبي قصيدة بعنوان: اسأل النهر حيث يلمس المستمع حالة وجدانية عالية المستوى تجلت في خطابه للنهر مستفسراً عن ملامح وجهه وصفاته وذكرياته التي مازالت موشومة في الذاكرة، كما قدم الشعر قصيدة ثانية أهداها لوالدته التي ترقد في غرفة الإنعاش في المشفى متذكراً بعض الحالات الإنسانية التي لا تمحى من وجدانه، واصفاً يدها بأنها تمسح الغيم عن قلبه وتربي الحب ليكبر شاعراً للورد، والقصيدة الأخيرة أهداها لولده وهي بعنوان: (كصوفي أبي) وفيها يستمر بأسلوب البوح الجميل الذي يحمل عواطف ومشاعر الأبوة التي مازالت مكتنزة في الذاكرة وتطفح بالصلوات الروحية والصبر الجميل ومن أجواء قصائده هذا المقطع:

هو الشقيُّ بما أثرتُ من الشكوك
هو السعيدُ بما لمستُ منَ الغمامْ
يُحبُّ أشعاري
ويخشى إثمَها.. وغموضَها
لكنه ما زال يذكرُ حِصَّتي
من وهجِ عينَيهِ ومن دعَواتِهِ
مازلتُ في عينيهِ ألمعُ كلما صلَّى
وقد شاكستُه عمراً طويلاً حول أسئلةِ المقدّس
لمْ يُجِبْني مرَّةً
لكنني..
أحببتُ وجهَ اللـه في صلَواتِهِ.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن