شؤون محلية

تدهور الواقع الزراعي بالحسكة.. زراعات دخيلة فرضت نفسها وسط غياب التمويل والمستلزمات وقدر الحلول أصبح بيد السوق السوداء..!

| الحسكة – دحام السلطان

في الحديث عن واقع الزراعة في الحسكة التي انحدر مستوى تناميها وتراجع حضور محاصيلها المهمة (الإستراتيجية) على ساحة الاقتصاد الوطني بالشكل العادي والمطلوب، الأمر الذي خلق إشكالية لمستقبل مجهول النتائج والتداعيات، ما دفع بمديرية الزراعة والإصلاح الزراعي بألا تقف مكتوفة الأيدي تجاه ذلك و(لو) بالكلام كأقل تقدير، مبيّنة في ذلك أسباب وبواعث التدهور الزراعي وشرحه بمبررات وربطه بحزمة من الأسباب القاهرة، بعد أن أعلنت صراحة عن تراجع نفوذها حيال العديد من القضايا الضابطة والناظمة واللازمة للمسألة الزراعية وخصوصيتها..!

محاصيل دخيلة
مدير الزراعة والإصلاح الزراعي بالحسكة المهندس عامر سلو حسن ربط ذلك التراجع بجملة من الأسباب لخّصها بعدة نقاط تفيد: بعدم وجود مستلزمات الإنتاج الزراعي المطلوبة وعلى رأسها الأسمدة الكيماوية، والغلاء غير المسبوق لها لكونها لا توجد ولا تُباع إلا في السوق السوداء حصراً، بالإضافة إلى ارتفاع أجور الأيدي العاملة إن وجدت وعدم ملاءمة ذلك الارتفاع مع أسعار وهامش ربح المحاصيل الزراعية الإستراتيجية، ومديونية الفلاحين والمزارعين للمصارف الزراعية، وخروج المشاريع الزراعية عن الخدمة التي كانت تعمل على الطاقة الكهربائية نتيجة للدمار والتخريب الإرهابي الذي لحق بالقطاع الكهربائي بالمحافظة، إضافة إلى الأوضاع الأمنية السائدة وسيطرة الجماعات المسلحة على رقعة زراعية واسعة من مساحة ريف المحافظة، والتي بدورها أدت إلى قلة الأيدي العاملة وندرتها نتيجة لهجرتها ليس من الريف إلى المدينة فحسب- بل إلى خارج البلاد، وعلى أثر ذلك انتشرت محاصيل زراعية دخيلة التي تُعرف بالمحاصيل الطبية والبيطرية على حساب المحاصيل الإستراتيجية، بشكل غير طبيعي هذا الموسم لمبررات تكمن في عدم حاجتها إلى مستلزمات الزراعة الأساسية من (ري، أسمدة كيماوية، أيد عاملة)، إضافة إلى إن دورة حياتها أقصر من عمر المحاصيل الإستراتيجية، كما أن لها دوراً إيجابياً في الدورة الزراعية من خلال إعادة الخصوبة إلى التربة وتجديدها، والأهم من ذلك كله يكمن في غلاء أسعارها خارج حدود البلاد بسعر يتفوّق بكثير على أسعار المحاصيل الإستراتيجية التي يختلف سعر شرائها محلياً من المنتجين عن السعر العالمي لها.
وأشار مدير الزراعة إلى دور المديرية التي تقوم بالتواصل اليومي مع مديرية الإنتاج النباتي بوزارة الزراعة والإصلاح الزراعي عن طريق الدائرة الفرعية، وموافاتها بالتقارير اليومية التي تتضمن الحركة اليومية للمحاصيل الإستراتيجية، وأكد وجوب إعادة النظر بحجم مساحات الخطة الزراعية كما كانت عليه في سنوات الرخاء، لزيادة الإنتاج كماً ونوعاً من وحدة المساحة الزراعية لأن المساحات المقررة لا تفي بالغرض لانخفاض هذه المساحات من جهة، والانخفاض في وحدة المساحة (المروية) من جهة أخرى، بدليل أن إنتاج الهكتار الواحد من القمح قبل سنوات الأزمة كمعدل وسطي يصل إلى 4000 كغ، واليوم أصبح أقل من 2500 كغ، والسبب الأول والأخير في ذلك عدم وجود الأسمدة الكيماوية..! وأضاف: إن حجم المساحات المقررة في الخطة الزراعية لهذا الموسم لمحصولي القمح والشعير على النحو التالي: القمح المروي 228882 هكتاراً، والمنفّذ من المساحة 135000 هكتار، والقمح البعل 488132 هكتاراً، والمنفّذ 337000 هكتار، والشعير المروي 21824 هكتاراً، والمنفّذ 17500 هكتار، والشعير البعل 342069 والمنفّذ 318000 هكتار.

قدر الفلاح
رئيس اتحاد فلاحي محافظة الحسكة محمد الخليف قال: من خلال المذكرات الخطية التي طالبنا بها أصحاب القرار المركزي خلال سنوات الأزمة، لمعالجة جميع القضايا الشائكة والمرتبطة بالمسألة الزراعية، من أجل إيجاد المعالجة السريعة والفورية لها وخاصة المتعلّقة بديون المصارف الزراعية المترتبة على الفلاحين، وتأمين كامل مستلزمات الإنتاج الزراعي وجميع التسهيلات الأخرى، وذلك بحل مشكلة الديون المتراكمة وفوائدها على الفلاح لسنوات عديدة التي أصبح كاهلها ثقيلاً على الفلاح، وتجاوزت بأرقامها القسط المستحق عليه، ولا سبيل إليها إلا بإعفائها وتبييض صفحتها، أو بإيجاد صيغة تحتوي على تسهيل ومرونة مريحة للفلاح، والمطالبة بالتمويل بغض النظر عن المديونية للنهوض بالزراعة بشكل أفضل ولتشجيع الفلاح بالإقبال عليها، ولا يتحقق ذلك التشجيع والإقبال إلا بالدعم اللا متناهي للمسألة الزراعية، لأن قدر الفلاح الذي ارتبط به هو تأمين رغيف الخبز والغذاء لأبناء الوطن، لذلك ينبغي العمل على توفير عاملي التشجيع والدعم، والتأكيد على رفع الأسعار للمحاصيل الزراعية ولاسيما الإستراتيجية منها وتحقيق هامش ربح مجزٍ وحافز تشجيعي مناسب تجاه المحاصيل التي سيتم تسويقها، وبيّن رئيس الاتحاد أن غياب الحالة الأمنية في الريف الزراعي أدى إلى عدم استقرار الفلاح وزراعته في آن معاً، والتي جاءت متوازية مع سنوات الجفاف التي زادت الطين بلّة وعرقلت تواصل الفلاح مع المصارف الزراعية كما ينبغي، لتسديد أقساط ديونه المترتبة عليه في الزمن المناسب، وبالتالي غياب التمويل الزراعي عنه الذي انعكس سلباً على الأرض وزراعتها وغياب مستلزمات الإنتاج اللازمة لذلك، ولاسيما الأسمدة الكيماوية والمحروقات نتيجة انقطاع التيار الكهربائي انقطاعاً كاملاً، لتدخل المحاصيل البديلة الثانوية محل المحاصيل الإستراتيجية الرئيسة المتعارف عليها في المحافظة التي تحقق ربحاً أكثر بكثير من هامش ربح عائد المحاصيل الإستراتيجية..!

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن