تقرر مؤخراً تزويد المنطقة الصناعية في حلب بكمية إضافية من الكهرباء تصل إلى ستين ميغاواط، وسط الإصرار على استعادة حلب لدورها كعاصمة للاقتصاد السوري.
سرني الخبر، فالصناعة تؤمن قيمة مضافة كبيرة هي ثمن المهارة البشرية، ما يوفر أرباحاً مالية مجزية، يجب أن يستفيد منها الجميع.
سرني الخبر بقدر ما أحزنني إيقاف مصنع السماد الحكومي في حمص بدءاً من 15/1/2024وحتى الخريف القادم، حسبما صرح به وزير الكهرباء لتوفير 1,5 مليون متر مكعب غاز و17ميغاواط كهرباء يوميا، كي تربح الشبكة العامة للكهرباء 300 ميغا واط، في وقت يجري فيه توليد 2000 ميغاواط تقليدياً ونملك محطات كهرضوئية بطاقة 1000 ميغاواط.
حزنت لأن الأسمدة (خبز الزراعة)، وهي صعبة الاستيراد بسبب الحصار، وإذا نجحنا في (الحصول)عليها فإن سعر الطن منها هو 800 دولار. واستهلاكنا السنوي يصل إلى 500ألف طن.
لست متفائلاً- للتفاؤل- بل أبني تفاؤلي دائماً على وقائع، يحتاج الوصول إليها إلى عمل. ومن البديهي والمنطقي أن نعمل.
توجهنا نحو الشمس لتأمين مزيد من الكهرباء، لكن الإنجاز ظل بطيئاً وضئيلاًً (1000) ميغاواط فقط حتى الآن، على الرغم من التشجيع الرسمي على أعلى المستويات، وإصدار تشريعات داعمة وميسرة ومحفزة، علما أن وطننا ملائم لمشاريع توليد الطاقة الكهربائية عن طريق المحطات الكهرضوئية لتوفر الشمس أغلب أيام السنة.
سألت الدكتور سنجار طعمة معاون وزير الكهرباء وهو خبير رفيع المستوى في الطاقة البديلة، عن سر عدم تحسن واقعنا الكهربائي بقوة، على الرغم من امتلاكنا خلايا لإنتاج ألف ميغا من الطاقة الشمسية زيادة على ماننتجه من المحطات الحرارية، وكان جوابه مفاجئاً إذ أوضح أننا نستفيد من الألف بـ250ميغا فقط لأن وسطي عمل الخلايا الكهرضوئية 5 ساعات في اليوم فقط، صيفاً وشتاءً، على حين أن المحطات الحرارية تعمل 24ساعة دون توقف، (باستثناء 20-30 يوماً للصيانة في السنة)، مشدداً على دورها في حماية البيئة إذ ينجم عن احتراق طن فيول لتوليد الكهرباء ثلاثة أطنان من غاز ثاني أوكسيد الكربون (غاز الدفيئة)، علما أن وزارة الكهرباء تستهلك يومياً 5000 طن فيول..!!!
نستنتج من هذه الوقائع أننا بحاجة ماسة إلى جهد أكبر بكثير للتوسع في المحطات الكهرضوئية لتوليد المزيد من الكهرباء بوساطة الشمس، للتخفيف من حدة الأزمة الكهربائية المضنية التي تجعلنا نخسر في الصناعة وفي الورش وفي الحياة الاجتماعية والنفسية، في وقت باتت فيه الكهرباء:هواء البشر وحياتهم وإنتاجهم.
ويجب ألا نيأس، ثمة على صعيد الطاقات البديلة ما يوفر لنا أفقاً رحباً لتوليد الكهرباء من المتروكات وهي مواد ليست عضوية لكنها لاتصلح لإعادة التدوير، تنجم عن الفضلات الصلبة، وكانت الدكتورة شفق حرفوش الأستاذة في جامعة طرطوس قد أشارت إليها في مؤتمر بيئي عقد بدمشق، فأوضحت أنه يمكن حرقها لتوليد الكهرباء من الحرارة العالية الناجمة عنها. وعرض الموضوع على معمل إسمنت طرطوس فرفضه.
وبعد إخفاق مشروع نقل جزء من فضلات محافظة طرطوس إلى البادية لطمرها هناك، في مكب نظامي بمساحة ألف دونم، راحت المتروكات تتراكم في وادي الهدة على نحو كبير.
ويرى د. سنجار طعمة أن مثل هذا الأمر يحتاج إلى بنى تحتية نوعية وهي مكلفة لكن تكاليفها ليست أكثر من تكاليف الأثر البيئي السيئ لاستخدام الوقود أو تركها في الطبيعة. إذاً لماذا لا تتحركون للاستفادة منها..؟
وكان جوابه إننا نفتقر إلى مراكز بحثية كبرى ونحن كجهات حكومية نخاف من المشاكل كتعطل الآلات والمصافي… إلخ وحالنا معروف: إذا نجحنا نحصل على مكافأة عشرة آلاف ليرة وإذا فشلنا نوضع في السجن…!! نحتاج إلى شركات مختصة بالطاقة الحيوية تملك حراقات نوعية.
إذاً الخروج من عنق الزجاجة ممكن ذاتياً، بأداء إعلامي يحمي المبادرين الشرفاء ممن قلبهم على الوطن، وموضوعياً بتأسيس شركات عامة أو خاصة أو مشتركة تحول ملايين أطنان المتروكات على امتداد سورية، إلى كهرباء. لاتستغربوا الرقم.