نقاش صريح حول «القبول الجامعي».. وزير التعليم العالي يعلنها بوضوح: السنة التحضيرية جيدة وحققت العدالة … وزيرا التعليم العالي والتربية: دراسة 5 مسارات جديدة للتعليم الثانوي.. وزير العمل: خريجون بالآلاف لم تعد الحكومة قادرة على استيعابهم
| فادي بك الشريف - تصوير: مصطفى سالم
في وقت لم تعد فيه الجامعات والتخصصات قادرة على قبول الأعداد الكبيرة من الطلبة الناجحين في الثانوية، وسوق العمل بات يستعصي على الآلاف من الخريجين، تبنى الاتحاد الوطني لطلبة سورية زمام المبادرة بتنظيمه ورشة عمل تفاعلية الأولى من نوعها في سورية تناقش «مدى فاعلية سياسات القبول الجامعي في ضوء تحديات سوق العمل الجديدة»، وذلك في قاعة رضا سعيد للمؤتمرات بجامعة دمشق.
أكثر من 3 ساعات وصّف فيها وزراء التعليم العالي والتربية والشؤون الاجتماعية والعمل ورئيسة اتحاد الطلبة وعدد من المعنيين، نوع «المرض»، مقدمين جملة من المقترحات والمطلوب اتخاذه للمعالجة، إن كان على المدى القريب أو ضمن خطة العمل على المستوى المتوسط أو البعيد.
رسم الخريطة التعليمية
وزير التعليم العالي بسام إبراهيم بدأ حديثه بالكشف عن تشكيل لجنة في الوزارة لإعادة رسم الخريطة التعليمية ودراسة التموضع الجغرافي للجامعات والاختصاصات ودراسة آليات القبول الحالية والتركيز على التعليم التقني والمهني وتطوير هذا القطاع وتشجيع الطلاب للدخول فيه وتعديل الخطط والمناهج ووضع جزء من هذه الخطط للتدريب والتأهيل سواء في القطاعات الحكومية أم القطاعات الخاصة لاكتساب الخريج المهارات العملية التطبيقية تمهيداً لدخوله إلى سوق العمل.
وبين الوزير أن هناك زيادة كبيرة في أعداد المتقدمين في الفرع العلمي مقارنة مع الأدبي، بسبب أن معظم الكليات في جامعاتنا تعتمد على الشهادة العلمية، مضيفاً إن الفرع العلمي شهد زيادة بنسبة 22.5 بالمئة، والأدبي 17.4 بالمئة عن العام الذي قبله، ما يشكل تحدياً كبيراً أمام الطاقة الاستيعابية لدى الكليات ولدى أيضاً نسبة الأستاذ لدى الطالب.
ولفت إلى تحديد الطاقة الاستيعابية قبل إعلان النتائج، مبيناً أنه تم إعادة النظر بأعداد القبول بالكليات ولكن مع المحافظة على القبول الجامعي.
واعتبر الوزير أن السنة التحضيرية أهم معيار في القبول الجامعي مع وجود 8400 طالب كل عام، مضيفاً: «أنا أؤمن بأن السنة التحضيرية جيدة وحققت العدالة بين الطلاب».
ودعا إبراهيم إلى التفكير بمؤشرات ومعايير جديدة، على أن تضع كل جامعة أسسها الخاصة، متطرقا إلى وجود عدد من التحديات، منها زيادة الطلب على التعليم العالي، وعدم الرغبة بالتوجه إلى التعليم المهني والتقاني، ووجود فجوة بالمهارات بين متطلبات سوق العمل والخريجين، ما يتطلب الحاجة إلى مرصد سوق العمل لتوجيه الكفاءات إلى أماكن سوق العمل.
ونوه إبراهيم بالتنسيق بين وزارتي التربية والتعليم العالي والبحث العلمي في تحديد نسب القبول في التعليم الثانوي العام والمهني وفق خطة زمنية دورية كل /3/ سنوات، إضافة إلى التوسع في أسلوب تسجيل الطلاب في السنة التحضيرية قبل فرزهم إلى تخصصات فرعية /هندسة الميكانيك وهندسة الكهرباء والعلوم الصحية والعلوم الأساسية/، مقترحاً تخفيض القبول في الكليات والاختصاصات المشبعة.
وعن خطة العمل على المدى المتوسط والطويل الأمد، قال الوزير: ربما نعمل على مسار ثانويات معينة، بوجود ثانويات مختصة في مجال العلوم الصحية (علم الأحياء- الكيمياء)، والعلوم الهندسية (الرياضيات والفيزياء)، والعلوم الأدبية، والعلوم المهنية، مع تحديد نسبة التعليم المهني.
تخفيض أعداد القبول في التعليم المفتوح
وكشف إبراهيم عن تخفيض أعداد القبول في التعليم المفتوح، ولاسيما في ظل وجود أعداد كبيرة من الخريجين، وبالتالي لا بد من إعادة النظر بهذا النمط التعليمي من خلال دمجه مع التعليم الإلكتروني، وافتتاح برامج نوعية خاصة، والتوقف عن تسجيل الطلاب في بعض البرامج، مضيفاً: طلبنا من اللجنة الخاصة دراسة واقع التعليم المفتوح بشكل كامل.
وتابع وزير التعليم: يوجد 8 جامعات حكومية بما فيها الجامعة الافتراضية، وهناك 147 كلية، و4 معاهد عليا تخصصية، و33 برنامجاً للتعليم المفتوح، و213 معهداً تقانياً، 60 منها يتبع التعليم العالي، و112 معهداً يتبع وزارة التربية، وباقي المعاهد لمختلف وزارات الدولة
ولفت إلى أن عدد أعضاء الهيئة التدريسية يقدر بـ6165، والوزارة تعمل دائماً على مسابقات لدعم الكوادر التدريسية وزيادة عملها، منوها بوجود 2835 عضو هيئة تدريسية، ونحو 4 آلاف معيد وحسب الوزير يوجد 662 ألف طالب في المرحلة الجامعية الأولى بما في ذلك الجامعة الافتراضية، و32 ألف طالب دراسات عليا.
وبين أن عدد طلاب الجامعات الخاصة ازداد من نحو 60 ألف طالب إلى 82 ألف طالب هذا العام في 24 جامعة خاصة، وبالتالي نصل إلى 775 ألف طالب يدرس في الجامعات الحكومية والخاصة.
وبين أن أعداد الخريجين في الجامعات تقدر بنسبة 10 بالمئة من مجموع الطلاب المسجلين في كل نمط تعليمي، معتبراً أنها نتيجة منطقية.
خمسة مسارات
وزير التربية محمد عامر المارديني أكد ما تحدث به زميله وزير التعليم، أن يتم العمل حالياً على مسارات تعليمية متنوعة في التعليم الثانوي غير (الأدبي والعلمي والمهني) بحيث تشمل خمسة مسارات لتكون نقطة انطلاق للكليات الموجودة في الجامعات والمعاهد سواء العليا أم التقانية.
ولفت إلى العمل على تحسين بنية وقدرات المعلمين بتخصيص عشرة بالمئة من الخريجين الأوائل في معظم الكليات.
كما أشار إلى العمل على تطوير المناهج واعتماد الامتحانات المؤتمتة، كي يصادق الطالب الكتاب وصولاً إلى طالب متعلم وليس فقط ناجحاً في الثانوية، بعيداً عن التوقعات والنوط والملخصات.
ونوه المارديني، بالخبرات الكبيرة الموجودة في قطاعي التربية والتعليم العالي التي يجب استثمارها في هذا المجال، مبيناً أنه تم العمل على البنية التشريعية والقانونية في المجال التربوي وتم إجراء مناقلة لبعض القضايا من التعليم العالي إلى التربية ولاسيما ما يتعلق بقانون إحداث وزارة التربية، وموضوع المجلس التربوي الأعلى الذي سيضم خبرات كبيرة جداً وهو يكافئ مجلس التعليم العالي، حيث إن القرار الجماعي سيكون هو الرائز الأساسي في صنع القرار التربوي.
إعادة نظر بسياسة الاستيعاب
أما وزير الشؤون الاجتماعية والعمل لؤي المنجد، فلفت إلى ضرورة إعادة النظر بسياسة الاستيعاب الحالية التي يصل عمرها إلى أكثر من خمسين عاماً والتي حققت أغلب أهدافها في إتاحة فرصة التعليم للجميع.
وكشف المنجد أنه سيتم إطلاق مرصد سوق العمل في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بداية شهر نيسان القادم، ليكون أحد أهم المدخلات لبناء سياسات تتعلق بالتعليم العالي فيما يتعلق بالقطاعات والاختصاصات.
وقال: جميع المكونات ترتبط بكل من وزارتي التعليم والتربية، ولكن لا يمكن الاستفادة من المكونات إلا بوجود كادر قوي يحلل هذه البيانات ويرسم سياسات للحكومة.
وتساءل: هل حققت سياسة الاستيعاب الفلسفة التي بدأت من أجلها؟ وهل سنقدر من خلال مرصد سوق العمل على تحليل الطلب الخارجي قبل الداخلي؟ وهل إزاحة المشكلة من وزارة التعليم العالي إلى سوق العمل هو الحل فيما يتعلق بسياسة الاستيعاب؟
وأضاف: هناك خريجون بالآلاف لم تعد الحكومة قادرة على استيعابهم، وبالتالي هاجس كل الحكومات بالعالم هو نسب البطالة ونسب التوظيف وخلق فرص عمل.
إستراتيجية ورؤية
وتحدثت رئيسة الاتحاد الوطني لطلبة سورية دارين سليمان إن الورشة تأتي ضمن الإستراتيجية والرؤية التي وضعتها التعليم العالي والتي انبثقت عنها لجان لدراسة مجموعة من العناوين كان أحد أهمها سياسة الاستيعاب الجامعي وتحديات هذه السياسة على أرض الواقع.
وأكدت أن الهدف الأساسي للورشة هو التوظيف الأمثل لسياسة الاستيعاب الجامعي بشكل يحقق الفائدة للطالب والخريج وأيضاً ربطه بسوق العمل بالشكل الأمثل، مضيفة: نحن اليوم بحاجة على مراجعة حقيقية صادقة لسياسة القبول الجامعي، في ظل التحديات الكبيرة لقطاع التعليم في مسألة القبول الجامعي، وأهمها مسألة المدخلات والمخرجات والنوع، ما يتطلب تقييم سياسة الاستيعاب الجامعي، مشيرة إلى وجود أعداد هائلة من الخريجين دون سوق عمل وتوافر الفرصة، والأهم من ذلك مسألة الجودة وكفاءة الخريج.
وأشارت سليمان إلى أنه سيتم تقديم مخرجات وتوصيات الورشة ونتائج الاستبيان الذي طرح عبر الورشة إلى مجلس التعليم العالي ليتم نقاشها وتبنيها في حال تم التوافق عليها مشيرة إلى أنه سيتم إطلاق رابط إلكتروني لاحقاً لتوسيع المشاركة في النقاش وإبداء الرأي لتشمل الطلاب وأعضاء الهيئة التدريسية.
آلية تقليدية
الأستاذ في كلية الآداب بجامعة دمشق أكرم القش أكد في عرضه أنه رغم كل الإستراتيجيات المتبعة، بقيت سياسة الاستيعاب بآلياتها التقليدية ولم تعد تستجيب لاحتياجات منظومة التعليم العالي، مشيراً إلى التقدم على مستوى المؤشرات الكمية والتراجع على المستوى النوعي.
وقال القش: «آن الأوان للعمل على آليات تستجيب للواقع الحالي»، مضيفاً: إن غاية التعليم الخاص هي تغطية اختصاصات فنية تخصصية غير موجودة في التعليم الحكومي وليس تكرارها؟
وبالنسبة لتحديد الطاقة الاستيعابية، أشار القش إلى عدم النظر إلى الطاقة الاستيعابية الفعلية للجامعات وإمكانياتها، وإنما تفرض الأرقام فرضاً بشكل أو بآخر، كما أنه لا ينظر لاحتياجات سوق العمل الآنية والمستقبلية قبل تحديد الطاقة الاستيعابية واختصاصاتها.
كما أشار إلى غياب فكرة الهرمية في تحديد أو توزيع الطلاب بين مستويات التعليم ومجالاته (مهني – تطبيقي- نظري..).
شارك في الورشة عبر تقنية الفيديو مجالس جامعات /حلب وتشرين والبعث وطرطوس وحماة والفرات/ إضافة إلى رئيس هيئة التخطيط والتعاون الدولي وعدد من رؤساء الجامعات ورؤساء وممثلي غرف الصناعة والتجارة والزراعة وعدد من الأكاديميين والباحثين والمختصين والطلبة.