قضايا وآراء

تجمع العواصف

| منذر عيد

في عالم مجنون تحكمه شركات الأسلحة والنفط، وسعي الرأسمالية الغربية للهيمنة على موارد الجنوب الضعيف، إضافة إلى تحكم أشخاص متطرفين في قرار دول الشمال، يتبادر إلى أذهان الجميع سؤال هل بتنا على أبواب حرب عالمية ثالثة، على خلفية تجمع العواصف من أوكرانيا إلى الشرق الأوسط إلى المحيط الهادئ، واشتداد التناحر والسباق بين الدول الغربية المهيمنة على القرار الدولي ودول «بريكس» المنافسة والساعية إلى كسر تلك الهيمنة؟

ذاك السؤال لم يكن بالنضوج الذي يمكن طرحه قبل السابع من تشرين الأول الماضي، بدء عملية «طوفان الأقصى» وما تبعها من عدوان غير مسبوق من الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، فالحدث ولّد أحداثاً، ولم يعد الأمر محصوراً بالأراضي الفلسطينية المحتلة أو بين طرفين، بل أشعل، ولو بشكل مسيطر عليه حتى الآن، جبهات متعددة من لبنان إلى اليمن وسورية والعراق وإيران، واستجلب تدخلات غربية بالسلاح والمال والمواقف السياسية إلى جانب الكيان الصهيوني من شتى الدول الغربية أي من «الاستعمار القديم».

تسارع الأحداث وتطورات الميدان العسكري في المنطقة، دفع الأمور إلى حافة الهاوية، وبات إشعال المنطقة والذهاب بها إلى حرب عالمية ثالثة رهن تهور واحد قد يقدم عليه الإسرائيلي أو الأميركي، في محاولة لاستعادة زمام الأمور، أو للهروب من هزيمة محققة لأحدهما أو كليهما في المنطقة، فتقول مجلة «فورين بوليسي» الأميركية في مقال لها أمس «مع احتدام الحرب الروسية-الأوكرانية، واشتعال الحرب على غزة التي تحولت إلى ساحة صراع إقليمي، ومع التربص الصيني في منطقة المحيط الهادئ، أصبحت البيئة الإستراتيجية الدولية تتهيأ لحرب عالمية قادمة، بوادرها أصبحت بارزة بشكل كبير».

ورغم أن اللغة السياسية لجميع الأطراف تؤكد الرغبة بعدم الذهاب إلى توسيع جبهات الصراع والمواجهة، إلا أن لغة العسكرة وقعقعة السلاح تتحدث بلسان آخر، حيث نقلت مجلة «نيوزويك» الأميركية عن مسؤولين عسكريين كبار سابقين لديهم خبرة مباشرة بالصراع في الشرق الأوسط تحذيرهم من العواقب المحتملة لسوء التقدير الذي يمكن أن ينتج عن رد واشنطن على مقتل ثلاثة من الجنود الأميركيين وجرح العشرات من جراء الضربة التي استهدفت قاعدتهم «البرج 22» على الحدود السورية-الأردنية العراقية مؤخراً، بل إن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب حذر من اندلاع حرب عالمية ثالثة عقب استهداف القاعدة الأميركية، لتؤكد مجلة «نيوزويك» الأميركية في مقال لها أن تلك الحرب بدأت بالفعل, مؤكدة «أن هذه ليست حرباً شاملة بل حرب لا مركزية بجبهات قتال تبدو غير متصلة ببعضها وتمتد عبر قارات العالم، إنها حرب تُخاض بطرق هجينة، أي بالدبابات والطائرات وحملات التضليل الإعلامي والتدخل السياسي والحرب السيبرانية».

وربما يختلف مشهد ما حصل من استهداف للقاعدة الأميركية وسقوط قتلى، في أعين كل من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي جو بايدن، عما يراه الآخرون، كما هي حال الحسابات لدى كل طرف، فمن المؤكد أنه مع انتظار نتنياهو السقوط عند وقف الحرب وعدوانه على غزة، وكذلك انتظار بايدن السقوط في الانتخابات حسب استطلاعات الرأي الأميركية، فإن ذاك الحدث يشكل فرصة سانحة وذريعة للذهاب نحو حرب شاملة على غرار ما حدث عقب تفجيرات أيلول عام 2001 في أميركا، واحتلال أفغانستان، وكذبة أسلحة الدمار الشامل في العراق، واحتلال العراق عام 2003، ورغم استبعاد البعض حدوث ذلك لانشغال واشنطن والغرب بجبهة أوكرانيا مع روسيا، إلا أن البعض يؤكد أن الغريق يتمسك بقشة، ولا يفضل الموت وحيداً.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن