استكمالاً لسياسته الهمجية والإرهابية فقد شن الاحتلال الأميركي فجر أمس عدواناً انتقامياً على عدد من المواقع والبلدات عند الحدود السورية العراقية ومنها دير الزور والميادين والبوكمال وهو ما نجم عنه الكثير من الشهداء والجرحى والمصابين والأضرار المادية التي طالت حتى أهم وأعرق الأبنية الأثرية في المنطقة وهي قلعة الرحبة، وقد قصفت مواقع في كل من حي التمو وقاعدة عين علي بالقرب من قلعة الرحبة وحي الشبلي والحيدرية وصوامع الحبوب.
اتفاقية لاهاي
في البيان الذي أدانت فيه وزارة الثقافة هذا الاعتداء قالت: تدين وزارة الثقافة بأشد العبارات القصف الأميركي الهمجي على قلعة الرحبة الأثرية الواقعة على نهر الفرات في منطقة الميادين التي يعود تاريخ بنائها إلى القرن الميلادي التاسع مخالفة في عدوانها السافر كل الأعراف والمواثيق الدولية الداعية إلى حماية واحترام الممتلكات الثقافية في حال النزاع المسلح والذي ورد في المادة الرابعة من اتفاقية لاهاي لحماية الممتلكات الثقافية في نزاع مسلح المؤرخة في 14/ أيار، 1954 حول احترام الممتلكات الثقافية.
قصف عنيف وقوي
وكانت «الوطن» قد تواصلت مع المدير العام للآثار والمتاحف محمد نظير عوض الذي أوضح أن القلعة تضررت بشكل كبير وتمثلت هذه الأضرار ببعض التصدعات والتشققات في هيكل البناء الهش والمتهالك للقلعة ولاسيما أن عمره آلاف السنين وكذلك لم تنج المنطقة من الحرب الأخيرة على سورية، ولفت عوض إلى أن القصف كان عنيفاً وقوياً وعشوائياً بحسب الشهود في المنطقة وقد سقط ثلاثة صواريخ في المنطقة المهمة والعريقة أثرياً مؤكداً أن المنطقة كلها أثرية وعريقة وليس فقط مبنى القلعة، مبيناً أن الوصول إلى المنطقة صعب جداً لأن القصف لم ينته وربما يستأنف بأي لحظة وبالتالي لا يمكن تحديد حجم الضرر وتبعاته، ومن الممكن أن تقصف القلعة تحديداً بحيث أن الأماكن التي استهدفت كانت جميعها قريبة جداً من مبنى القلعة.
وركز عوض على أن الاتفاقية الدولية تحرم التعدي على الممتلكات الأثرية والثقافية في أي بلد ونحن كسوريين وقعنا ومصدقون عليها ولكن ما لا نعلمه أن الولايات المتحدة هل هي مصدقة على ذلك أيضاً أم لا وحتى إن كانت مصدقة فهل هي ملتزمة؟ بالطبع لا، وهي لم تحترم أي مواثيق ذات صلة بحماية الآثار وحماية المواقع الثقافية والتراث الثقافي للشعوب.
عراقة وأصالة
وتقع القلعة الأثرية على بعد 40 كيلو متراً عن مركز مدينة دير الزور في موقع إستراتيجي مميز ضمن منطقة الميادين شرق سورية على الضفة اليمنى لنهر الفرات وقد بناها مالك بن طوق التغلبي، وهي إحدى بوابات الشرق المهمة، إضافة إلى أنها كانت محطاً للقوافل والرحالة ولكثير من المسافرين وأهل التجارة الذين كانوا يستخدمون طريق الحرير.
وتؤكد هذه القلعة عراقة وأصالة تلك المنطقة وتاريخها العظيم ولاسيما أنها أنشئت على هضبة كلسية على أنقاض المدينة الآرامية «رحبوت»، ويعود تاريخها إلى عهد المأمون حسب المصادر والمراجع التاريخية بحيث تم بناء الكثير من التحصينات العسكرية في تلك الفترة لحماية المنطقة من البيزنطيين وقد سكنها كل من الآراميين والعموريين والعرب والسلاجقة.
وهي محاطة بخندق وسور خارجي وشيدت على عدة مراحل وفيها ثلاث طبقات أرضية وتأخذ شكلاً خماسي الأضلاع ويعد الضلع المطل على البادية السورية أطولها وفي داخلها أيضاً سور خماسي الأضلاع، وهي مشيدة على ثلاثة طوابق وفيها غرف كبيرة ومستودعات وخزان كبير للماء وهي ترتفع عن سطح البحر نحو 220 متراً.