الخبر الرئيسي

دمشق: زعزعة للاستقرار العالمي وتأجيج للصراع في المنطقة على نحو خطير … أميركا تمد يدها لإنعاش «داعش» … شهداء مدنيون وعسكريون بعدوان استهدف مواقع الجيش وحلفائه في ريف دير الزور

| المحرر السياسي

اتخذت الإدارة الأميركية موقفاً واضحاً وصريحاً من دعمها لتنظيم «داعش»، الذي تدعي محاربته، وذلك عبر استهدافها بعدوان لها أمس نقاط الجيش العربي السوري وحلفائه عند خطوط التماس مع التنظيم الإرهابي في محافظة دير الزور.

كل المعلومات المحلية الواردة من ريف دير الزور الشرقي تشير إلى أن العدوان الأميركي ركّز بشكل رئيسي على مراكز انتشار وحدات الجيش العربي السوري وحلفائه على تخوم بادية دير الزور وباديتي الميادين والبوكمال عند الحدود السورية- العراقية، حيث تنشط بقايا التنظيم الإرهابي.

وتوفر قاعدة الاحتلال الأميركي غير الشرعية في منطقة التنف عند مثلث الحدود السوري مع الأردن والعراق، مقراً لوجستياً لإدارة وتوجيه إرهابيي «داعش» وتأمين ممرات «آمنة» لتسللهم باتجاه نقاط انتشار الجيش العربي السوري والقوات الرديفة في عمق البادية السورية، لتنفيذ أنشطة إرهابية، زادت وتيرتها أضعافاً مضاعفة بعد حرب الكيان الإسرائيلي على قطاع غزة في الـ7 من تشرين الأول الماضي.

وتؤكد المعطيات أن أحد الأهداف الرئيسة للعدوان الأميركي، الذي استهدف مواقع في دير الزور وريفها وفي الميادين والبوكمال، هو إطلاق يد «داعش» ضد الجيش العربي السوري وحلفائه في المنطقة التي انتعش فيها من جديد بفعل الدعم اللا محدود من قوات الاحتلال الأميركي.

واللافت أن المواقع والنقاط المستهدفة بالعدوان الأميركي سبق أن أخلي معظمها، باستثناء النقاط الواقعة على خطوط تماس مواجهة «داعش»، والتي تتخذ منها وحدات الجيش العربي السوري مناطق متقدمة للتصدي لمحاولات تسلل إرهابيي التنظيم، ولا يجوز إخلاؤها وترك الطريق مفتوحاً لتسلل الإرهابيين إلى المناطق المأهولة بالمدنيين.

كل هذه المعلومات تؤكد أن استهداف كتيبة الجيش العربي السوري في بلدة عياش غرب دير الزور، والمحاذية للبادية، وكذلك قرية الهري على بعد 5 كيلو مترات إلى الشرق من مدينة البوكمال، يصب في الاتجاه ذاته ومن أجل المساعي الرامية إلى جعل التنظيم الإرهابي «ذراعاً ميدانية» للاحتلال الأميركي الذي بات معروفاً أنه هو من أسس لهذا التنظيم ورعاه لتحقيق مآربه وأجندته الميدانية والسياسية.

الجيش العربي السوري كان أطلق في الـ16من الشهر الماضي حملة لملاحقة فلول تنظيم «داعش» في البادية السورية، وخصوصاً في ريف حمص الشرقي وريف دير الزور الغربي، وحقق نجاحات كبيرة بمؤازرة القوات الرديفة وبدعم من سلاح الجو المشترك السوري- الروسي، الأمر الذي أزعج أميركا وبشكل واضح، ليتجلى هذا الانزعاج في ضربات الأمس التي خرقت سيادة سورية والعراق وخرقت معها كل القوانين الدولية، والهدف الأساسي هو منع هزيمة التنظيم الإرهابي وتقديم مزيد من الدعم وفتح خطوط ومسارات جديدة له، تمكّنه من القيام بمزيد من العمليات الإرهابية بحق سكان المنطقة والقوات المرابطة للدفاع عن المدنيين.

دمشق تأجيج للصراع على نحو خطير

وزارة الدفاع كشفت أمس عن تفاصيل ما جرى، وقالت في البيان الذي نشرته على موقعها الرسمي: إن العدوان أسفر عن ارتقاء عدد من الشهداء المدنيين والعسكريين، وإصابة آخرين جراء عدوان أميركي سافر طال عدداً من البلدات والمواقع في المنطقة الشرقية وبالقرب من الحدود السورية- العراقية، وأسفر أيضاً عن إلحاق أضرار مادية كبيرة بالممتلكات العامة والخاصة.

ولفتت وزارة الدفاع إلى أن «المنطقة التي استهدفتها الهجمات الأميركية شرق سورية هي المنطقة ذاتها التي يحارب فيها الجيش العربي السوري بقايا تنظيم داعش الإرهابي وهذا يؤكد أن الولايات المتحدة وقواتها العسكرية متورطة ومتحالفة مع هذا التنظيم، وتعمل لإعادة إحيائه ذراعاً ميدانية لها سواء في سورية أم في العراق بكل الوسائل القذرة، وأن هذا العدوان ليس له مبرر سوى محاولة إضعاف قدرة الجيش العربي السوري وحلفائه في مجال محاربة الإرهاب».

وأكد البيان أن الجيش العربي السوري الذي سيستمر بثباته ومبدئه في الدفاع عن سورية أرضاً وشعباً وبضرب جميع التنظيمات مهما حاول رعاتها وداعموها إعاقة هذا الهدف، وشدد على أن «احتلال القوات الأميركية أجزاء من الأراضي السورية لا يمكن أن يستمر»، مؤكدة مواصلة الحرب على الإرهاب حتى القضاء عليه والعزم على تحرير كامل الأراضي السورية من الإرهاب والاحتلال.

وزارة الخارجية والمغتربين بدورها رأت في العدوان الجديد زعزعة للاستقرار العالمي وتأجيجاً للصراع في المنطقة على نحو خطير وذكرت في بيان لها أن الاعتداء الجديد «يضاف إلى سجل انتهاكات الولايات المتحدة بحق سيادة سورية ووحدة أراضيها وسلامة شعبها، لتثبت مجدداً أنها المصدر الرئيس لحالة عدم الاستقرار العالمي، وأن قواتها العسكرية تهدد الأمن والسلم الدوليين عبر اعتداءاتها ضد الدول وشعوبها وسيادتها، وأن ما ارتكبته يصبّ في تأجيج الصراع في منطقة الشرق الأوسط على نحو خطير للغاية».

وتابعت: «ليس غريباً أن هذا الاعتداء استهدف المنطقة الشرقية من سورية، حيث تحارب قواتنا ضد بقايا تنظيم داعش الإرهابي فيما تعمل الولايات المتحدة لإحياء نشاطه الإرهابي»، وأعربت عن القلق البالغ إزاء حالة الشلل التي يعاني منها مجلس الأمن الدولي جراء إعاقة الولايات المتحدة الأميركية قدرتَه على تحمل مسؤولياته في وقف كل هذه الانتهاكات الخطيرة لأحكام ميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي، وشددت على أن هذا الانتهاك الجديد للسيادة السورية يندرج ضمن سلسلة الانتهاكات التي دأبت الولايات المتحدة الأميركية على ارتكابها في سورية.

الحكومة العراقية من جهتها نددت أمس بالقصف الذي نفذته طائرات أميركية لمواقع تواجد القوات الأمنية وأماكن مدنية ما أسفر عن ارتقاء 16 شهيداً بينهم مدنيون، ووصفته بأنه عدوان جديد على سيادة العراق، ونفت ما أعلنته واشنطن عن وجود تنسيق مُسبق مع بغداد لارتكاب العدوان، مشددة على أن الجانب الأميركي عمد إلى التدليس وتزييف الحقائق، عبر هذا الإعلان الذي وصفته بأنه ادعاء كاذب يستهدف تضليل الرأي العام الدولي.

وبينما أعلنت الخارجية العراقية استدعاء القائم بأعمال السفارة الأميركية في بغداد لتسليمه مذكرة احتجاج رسمية بشأن العدوان، أكدت رئاسة الجمهورية أهمية عقد اجتماع طارئ للرئاسات والكتل السياسية لبحث العدوان، على حين توعدت حركة «النجباء» بالرد على القصف الأميركي بما تراه مناسباً.

روسيا من جانبها أدانت العدوان، وأكدت في بيان لها أنه غير مبرر ويظهر الطبيعة العدوانية للسياسة الأميركية، ودعت إلى عقد اجتماع عاجل لمجلس الأمن الدولي، قائلة: «نسعى إلى النظر بشكل عاجل في هذا الوضع الناشئ من خلال مجلس الأمن الدولي»، وأضاف البيان: إن واشنطن تواصل زرع الدمار والفوضى في الشرق الأوسط، ما يعني أن الغارات الجوية الأميركية مصممة خصيصاً لزيادة تأجيج الصراع في المنطقة.

إيران بدورها أكدت على لسان المتحدث باسم وزارة خارجيتها ناصر كنعاني أن العدوان على سورية والعراق مغامرة وخطأ استراتيجي من جانب واشنطن، لن يكون له نتيجة سوى تفاقم التوتر وعدم الاستقرار في المنطقة.

في الأثناء أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن قلقه من خطر التصعيد في المنطقة بعد العدوان الأميركي على سورية والعراق، داعياً إلى اتخاذ تدابير للحد من التوترات فيها، وقال المتحدث باسمه ستيفان دوجاريك لوكالة «سبوتنيك»: «الأمين العام يشعر بالقلق إزاء مخاطر المزيد من التصعيد، ويدعو جميع الأطراف إلى اتخاذ إجراءات ملموسة للحد من التوترات ومراعاة التكاليف الاقتصادية والبشرية للصراع الأوسع في منطقة هشة بالفعل».

وفي السياق أعلن مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل «أن بروكسل تقيم الوضع في الشرق الأوسط بعد الضربات الأميركية على سورية والعراق على أنه حرج، وتخشى أن يخرج عن السيطرة وتدعو إلى وقف التصعيد»، حسب ما ذكرت وكالة «تاس».

وقال بوريل لدى وصوله إلى اجتماع غير رسمي لوزراء خارجية «الأوروبي»: «نكرر دائماً أن الشرق الأوسط خزان يمكن أن ينفجر في أي لحظة، وندعو الجميع إلى خفض التصعيد، فنحن نشهد وضعاً حرجاً».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن