منتخب الوطن بعد خروجه من البطولة الآسيوية.. في عيون الكرويين والنقاد.. نواة لهوية جديدة إن حَسُن استثمارها وتفعيلها
| الحسكة- دحام السلطان
أنهى منتخبنا الوطني استحقاقه الآسيوي بخروجه من الدور ثُمن النهائي أمام المنتخب الإيراني بضربات الترجيح، وهذا الخروج يُسجّل في حسنات المنتخب، باعتباره الدور الذي وصل إليه للمرة الأولى بعدما كان يودّع من الدور الأول، وخروج منتخب الوطن أمام المنتخب الإيراني بهذا الشكل رغم الفوارق الفنية والرقمي وتصنيف الفيفا يعد مفخرة، وطرد مهاجم إيران «الطارمي» أدى لضياع وشرود نسبي في خطوط المنتخب الإيراني، ويؤخذ على منتخبنا عدم استغلال النقص العددي، نتيجة لاعتماده في جميع مراحل البطولة على ضبط رتم الخط الخلفي للفريق فقط، وكان الأجدى التعامل أفضل مع الحالة التي طرأت على اللقاء! ما أدى إلى أن تذهب المباراة لضربات الترجيح التي أرادها الإيرانيون.
عبور المنتخب إلى هذا الدور فتح جميع الأبواب على مصاريعها أمام مستقبل هذا المنتخب والنظر فيه مطوّلاً، الذي أنجز تقنية مهمة ولكن في جانب أحادي مفرد، يرتبط بانضباط خط الظهر، وربط جميع الخطوط والمواقع الأخرى لمؤازرته على حساب المهام الاعتيادية التي تُسند إليها بحسب المفهوم الفهمي لكرة القدم في الجانبين التكتيكي والخططي، فكان النجاح في هذا الجانب لافتاً للنظر ومتفوقاً أيضاً وعلى خلاف وعكس كل المرات الماضية التي كانت مقتلاً مؤلماً للفريق في جميع المناسبات الودية والاستحقاقات الرسمية التي يخرج فيها المنتخب وترافقه معها أكثر من علامة استفهام، الأمر الذي بات يتطلب متابعة السير في الطريق الفعلي لمتابعة الشق الأول من النجاح، والعمل من أجل متابعة الشق اللاحق المرتبط بمبادرة انتزاع زمام مبادرة الفوز من الخصم بالشكل الطبيعي، ورسم الخطوط العريضة لمستقبل منتخب النسور من أجل إتمام طرف المعادلة الثاني الخاص بالنجاح الذي يطمح إليه السوريون، لعلاج النقص والثغرات والشواغر، ووضع حد للعواطف التي انتهت بانتهاء آخر صافرة من بقائنا في المنافسة، ولم يعد لها قيمة فعلية من وجهة النظر إلى الحالة المرحلية والإستراتيجية بعقلانية وموضوعية وفق منهج التخطيط الفعلي لمنتخب رسم مستقبلاً مجبولاً بالإعجاب والتقدير.
رياضيو الحسكة أدلوا بدلائهم نحو الارتقاء بالرتم الفني للمنتخب، عبر المساحة التي أفردتها «الوطن» لمنتخب الوطن عبر الاستطلاع التالي:
الخروج من الحلقة الضيّقة
بيّن خبرتنا الإدارية والكروية الجهادية فؤاد القس «شوقي» أن المنتخب استطاع أن يخرج من الحلقة الضيّقة امن خلال المغتربين الوافدين الجدد أو من جانب اللاعبين المحليين «مقتضبي العدد»، الذي لم يجد كل منهما صعوبة في التفاهم والاندماج مع الآخر وفي الملعب رغم ضيق الوقت وقصور يد الفرصة المناسبة للتعارف بالشكل الصحيح وهذه واحدة تُحسب للجهاز الفني، مؤكداً أن المنتخب استطاع الخروج من عنق الزجاجة وإنجاز مرحلة مهمة وبخطا متسارعة يشار إليها للوقوف مطوّلاً أمام الموقف الفني للكرة السورية والمطلوب منها في المرحلة المقبلة النهوض بالحالة التكتيكية التي تحتاج إلى فرص مناسبة وهامش تجريبي واسع لوضع اليد على الجرح الغائر المطبق على طموح وآمال الكرة السورية من أجل مواكبة التطور الإقليمي والقاري المحيط بها، لافتاً إلى أن هذا يبداً من الدوري الكروي الذي لم يرتق إلى المستوى، ولم يجد ضالته بعد في تطوير اللاعب الذي اعتمد على الاحتراف الشكلي فقط والمحصور بقيمة ما يتقاضاه اللاعب من المال، والذي بدوره دمر وهدم أنقاض ما بقي من الكرة السورية التي خسرت بناء القاعدة الكروية واكتشاف الموهبة بالشكل العلمي التربوي المنهجي المدروس قبل الرياضي، وهذا ما انعكس سلباً على أداء منتخبنا الذي لم يكن بوسع المدرب «كوبر» إلا أن يُقدّمه للبطولة بهذا الشكل المبالغ به في الحالة الدفاعية الصرفة، على حساب مصادرة الواجب الهجومي بالكثافة العددية المطلوبة، مضيفاً إنه ينبغي العمل على استقطاب النوع المطلوب من اللاعبين الذين يلعبون في الدوريات الأوروبية خلال هذه الفترة واستثمارهم بالشكل الأنسب والأفضل مع الأخذ بعين الاعتبار تقليص حجم الأعمار الكبيرة.
على حين أشار خبرتنا الإدارية والكروية «الجزراوية» ملك شارستان إلى أن المنتخب أنجز الوصول والانتقال من حالة سلبية متواضعة إلى هوية جديدة تبدو مؤشراتها إيجابية بفوارق نسبية ملحوظة، إنما في جانب واحد فقط لا يتماشى مع الأداء الهجومي والتهديفي الذي يُشكل المتعة والجاذبية الحقيقية لكرة القدم، وبالتالي فإننا طموحنا لا يزال مؤجلاً إلى الآن بالصورة التي نريدها كمتابعين من خلال ما ظهرت عليه خصائص منتخبنا في البطولة الآسيوية، داعياً إلى إعادة النظر في رفع مستوى الدوري السوري إذا أردنا مواكبة ركب جميع المنتخبات التي تطوّرت كروياً والتي كانت دون مستوى طابقنا، قبل أن تسبقنا اليوم بأشواط بعيدة! فالمقدّمات التي تجري بالطرق الصحيحة تكون مخرجاتها سليمة مثلها وهذا من ناحية، وفي الناحية الأخرى ينبغي العمل على إعادة النظر في جانب تفريغ المدرب للمنتخب بالفترة الصحيحة، لا أن يكون العمل عمل مناسبات يسبق الاستحقاقات بفترات قصيرة لا جدوى منها!
مكاشفة لابد منها
وكشف الناقد الكروي الزميل ملكون ملكون، أن «كوبر» لم يأت بجديد وهذا هو أسلوبه المتعارف عليه فيه والمرتبط به في جميع الفرق التي درّبها، وعلى الرغم من تأهلنا إلى الدور الثاني ومجاراة منتخب له اسمه الموصوف بالخصم الكبير والعنيد الذي يمتاز بتاريخه الكبير ولم نخرج أمامه إلا بضربات التوفيق وعدمه الترجيحية، ومن هنا فإنه بالفعل يمكن أن نقول إننا شكلنا نواة وهوية حقيقية جديدة، نستطيع البناء عليها في المستقبل، من خلال إجراء خلطة وتوليفة جديدة من اللاعبين المغتربين والمحليين وفق إمكانات فنية عالية يمكن استثمارها بالشكل السليم والخروج بها وفق منهج جديد للمدرب «كوبر» الذي استطاع الخروج بالفريق من العقلية البدائية إلى العقلية المنضبطة النظامية التي نريد ونطمح أن يكون شكلها وأداؤها ممتعين على غير المظهر التي ظهرت على المنتخب الذي تأهل لأول في مرة في تاريخه إلى الدور الثاني من بطولة أمم آسيا، ومع ذلك فإننا كنا نمنّي النفس أن يكون طعم ومذاق التأهل ممتعاً لا نمطياً جافاً! من خلال بعض التحفظّات الفنية التي يمتاز بها المدرب «كوبر» الذي لم يعط مساحة من الحرية المناسبة للاعبين، ولاسيما في المباراة الأخيرة التي كان من المفترض فيها اتباع أسلوب المغامرة، لأن الحلول الإجرائية في القسم الأخير من اللقاء لا سبيل إليها إلا بالمغامرة الهجومية التي كان من الممكن استثمارها بشكل أفضل، تجنباً للأخطاء و«الزلّات» التي وقع فيها «كوبر» وطاقمه المساعد، وإذا أردنا الوصول إلى صورة طموحة لمنتخبنا، ينبغي العمل على إعادة ترميم وتأهيل العقلية الكروية في ملاعبنا والشغل على الاحتراف الحقيقي لا الشكلي التي قضت على مستوى الدوري عندنا، ومن ثم الجلوس على طاولة حلول مع المدرب «كوبر» لضمان بقائه بتصورات جديدة يكون العمل فيها مباشراً لا عن بعد! وكذلك الانتهاء من عقلية النجم الأوحد الذي لا يجوز أن يُبدل ويغادر الملعب، لأن هذه الحالة بحد ذاتها مشكلة، ولذلك ينبغي العمل بقرارات حكيمة ستضع في حسابنا أننا أنجزنا نواة منتخب عصري للمستقبل ونحن لدينا القدرة على ذلك.
بدوره انتقد الزميل جمال عبود الخطة الدفاعية النمطية التي تعتبر من أسهل طرق اللعب، ولا اجتهاد فيها ولا تأثير لها داخل صندوق منطقة الخصم! وبالتالي فإن المنتخب لم يخلق لدى متابعيه سوى حالات مضاعفة من التوتر والقلق والشد العصبي غير المبرر أمام خصوم ليسوا «بالعبع» ولم يكن بعضهم أفضل منا، وجاءت كلها على حساب إغلاق جانب المتعة المرجوة والمفيدة في البطولات الجمعية خلال منافسات البطولة، مبيناً أن المنتخب من خلال إدارته الفنية بوساطة «كوبر» وطاقمه المساعد لم يخلق جانباً في الخطورة أو إحراج للخصم داخل صندوق اللعب، كما أنه لم يكشف لنا كرة القدم الحقيقية التي نريدها لمنتخبنا، حيث كان من المفترض أن يكشف لنا عن هويته وإمكاناته الفنية الحقيقية في الخط الأمامي للفريق والاستفادة من الفرص الثمينة التي جاءتنا بالمسطرة وعلى القياس ولاسيما زمن الـ40 دقيقة الأخيرة مع المنتخب الإيراني «الناقص الصفوف»، واستطاع أن يجرنا إلى ضربات الترجيح التي أرادها! موضحاً أن المدرب الذي يلعب على المصادفة والاحتمالات واقتناص الفرص منها هو ليس بالمدرب الذي نطمح إلى كسوريين، لأن الخطط الدفاعية لا تصنع الفوز ولا تحققه، والدليل على ذلك أن الخصم في جميع المباريات التي خضناها، كان لحارسنا «المدنية» الدور الأكبر في إبطال مفاعيل محاولات هجومه التي كانت لها اختراقات وجولات تمكنت من النفوذ عبر تكتل الحصون الدفاعية التي بناها «كوبر» من العمق ومن الأطراف، وفي معظم اللقاءات التي خضناها، مضيفاً: أين نحن من اللاعب السوبر الذي سيحسم بأدائه أو بحلوله الفردية وسط عقلية فنية كهذه لا هوية لها إلا بالاعتماد على المصادفات والاحتمالات على حساب هوية المنتخب الذي نريده.