لا شك بأن العالم العربي يتعرض لواحدة من أدق وأشرس التغيرات السياسية حالياً، وهي التغيرات التي باتت واضحة منذ الغزو الأميركي للعراق وما تلا ذلك من تداعيات سياسية منها ثورات ما يعرف بالربيع العربي والدعم الإقليمي لها غير المحدود فضلاً عن الدعم الدولي، إضافة إلى وقوع الكثير من الاعتداءات على الأراضي العراقية وسورية الحبيبة، إضافة إلى توتر الموقف برمته في فلسطين التي تدخل في مخاض تطورات إستراتيجية صعبة للغاية حالياً مع اشتعال الحرب الإسرائيلية على غزة وشعبها.
الخلاصة حالياً أن عام 2024 بات بالتأكيد غير حقبة الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، الأمر الذي يدفعنا إلى مناقشة قضية حساسة للغاية تتعلق بالوجود العسكري الأجنبي في الدول العربية.
وأتذكر أن القائد الراحل حافظ الأسد ومع حديثه مع الرئيس الراحل محمد أنور السادات قبل زيارة السادات إلى إسرائيل قال له صراحة إن أي اتفاق أو معاهدة مع إسرائيل ستتطور مع الوقت والزمن بصورة دراماتيكية تقوض سلطة الدولة، وما قاله حافظ الأسد يحصل حالياً بالضبط بين مصر وإسرائيل، حيث تطالب الأخيرة بتعديل بنود في المعاهدة من أجل السيطرة على محور فيلادلفيا، وهي الخطوة التي باتت واضحة تماماً في ظل التجاذبات بين مصر وإسرائيل.
لا أعتقد حالياً أن وجود القواعد الأجنبية في الدول العربية يمكن أن يمثل قضية عادية أو طبيعية أو تقليدية، لكنها بالفعل قضية دقيقة وصعبة من عدة جهات ومنها:
1- إن هناك ثقلاً وعبئاً استراتيجياً تتحمله الكثير من الدول العربية حالياً بسبب هذه القواعد.
2- إن هذا العبء بالفعل بات يمثل أزمة صعبة ليس علي الصعيد السياسي فقط، ولكن الصعيد العسكري أيضاً.
3- هناك الكثير من التطورات والأعباء الاقتصادية على الدول العربية التي تعاني الأمرّين بسبب هذا الوجود.
عموماً ومهما كان الأمر والتطورات الحالية، أعتقد أن التطورات الإستراتيجية في العالم العربي تدفع الكثير من الحكومات حالياً إلى دراسة الآثار والانعكاسات الخاصة والمتعلقة بهذه الخطوة.
ولاشك بأن لدول الخليج خصوصية خاصة في التعاطي مع هذه المسألة، حيث تعتبر هذه الدول وجود القواعد الأجنبية على أراضيها أمراً ضرورياً لحماية أمنها القومي، وهو أمر لا يمكن وبأي حال من الأحوال الاعتراف به مع دول أخرى خاصة في ظل التطورات الحاصلة على الساحة، غير أن الوضع في الشرق الأوسط برمته بات محل أزمة تتجدد بلا توقف، وهو ما يزيد من دقة المشهد على الصعيد السياسي خلال الفترة الأخيرة.
كاتب مصري مقيم في لندن