رحيل الفنان التشكيلي عبد القادر عزوز … شرع في معالجة الملامح الإنسانية عبر صيغ تشكيلية تميل إلى التبسيط والاختزال
| وائل العدس
رحل يوم أمس الأول الفنان التشكيلي السوري عبد القادر عزوز عن عمر ناهز السبعة والسبعين عاماً.
ونعاه الناقد سعد القاسم عبر مواقع التواصل الاجتماعي كاتباً: «عبد القادر عزوز، خسارة إنسانية وتشكيلية كبيرة، لروحك الرحمة، ولذكراك الدوام ولعائلتك ومحبيك أحر العزاء».
ولد الراحل في محافظة حمص عام 1947، درس في مركز صبحي شعيب للفنون التشكيلية في حمص، وتخرج في قسم التصوير بكلية الفنون الجميلة في دمشق.
درّس مادة الفنون في معاهد الفنون في حمص، كما درّس مادة الرسم في معهد إعداد المدرسين في حمص أيضاً.
وتم اقتناء أعماله من وزارة الثقافة السورية، ووزارة الثقافة الأردنية، والمتحف الوطني في دمشق، ودار الندوة في بيروت في لبنان، وعرضت أعماله في بينالي الشارقة الدولي، وله معارض فردية وجماعية، محلية وعربية ودولية.
زار عدداً من الدول الأوروبية وتعرف على متاحفها، واستطاع من خلالها أن يطّلع على الفن الحديث والقديم أيضاً، ما شكل عنده زاداً غنياً في تجربته التصويرية.
من معارضه الفردية نذكر: معرض في صالة الشعب بحمص وفي المركز الثقافي الفرنسي في مدينة عنابة الجزائرية عام 1977، ومعرض في قاعة المسرح البلدي في مدينة عنابة الجزائرية عام 1978، ومعرض في صالة الأتاسي في حمص عام 1991، صالة نصير شورى في دمشق عام 1996، ومعرض في صالة فندق شهباء الشام في حلب عام 1997، ومعرض في صالة الأسد في حلب عام 2000، ومعرض في المركز الثقافي الفرنسي في دمشق عام 2001، ومعرض في غاليري مصطفى علي في دمشق عام 2006.
دأب الراحل على ثلاثة مواضيع في لوحاته، وهي الاهتمام بالموضوع الإنساني والطبيعة الصامتة والطبيعة الخلوية، لكن بقي الموضوع الإنساني هو الذي يشغله.
واعتمدت أغلب أعماله على الثنائيات، رجل وامرأة، والأم والأخت ضمن المفهوم ذاته.
في حمص
أحب حمص بحاراتها وأزقتها العتيقة وأسواقها، حتى أصوات بائعيها جاب بين جنباتها، عرف أن وراء الجدران قصص وحكايات جميلة لزمن ولّى ولن يعود، وترك لريشته العنان كي ترش ألوانها على الورق والقماش منتقلاً بين مدارس فنية.. التعبيرية حيناً والتجريدية في أخرى كي يعبّر عن مكنوناته.
كانت نشأته في حي شعبي ميزاته أن بيوته متراكبة متلاصقة تنحني على بعضها تعكس الحالة الاجتماعية المعيشة للمجتمع المحلي، وتمتاز بعلاقات طيبة افتقدناها بين الجيران والأهل والأصدقاء.
حين التحق عبد القادر بالمدرسة وجدها غنية بالنشاطات الكثيرة التي ساهمت في تكوينه، وكان مغرماً بزوايا الدفاتر وهوامش الكتب يرسم عليها كل شيء، حيث تتحول إلى أشكال ورسوم، وحين افتتح مركز الفنون التشكيلية في حمص انتسب إليه فوجد فيه بيتاً يعلم الرسم والنحت والحفر بالإضافة إلى المعرفة النظرية.
في عام 1967 انتسب إلى كلية الفنون الجميلة في دمشق فاكتشف عالماَ جديداً في عالم الفن ووفرت الكلية له عالماً غنياً من النشاط الثقافي والاجتماعي، فتفرغ للعمل الفني، وتدرج من الدراسة الواقعية إلى البحث العميق الشامل، وشرع في معالجة الملامح الإنسانية عبر صيغ تشكيلية تميل إلى التبسيط والاختزال، وقد ترك هذا المفهوم أثره في أغلب نتاجه، فارتبط الشكل الفني المبتكر بالمضمون الإنساني.
تحدث عن حارته في أحد اللقاءات الصحفية فقال: «إنها حالة خاصة بتكوينها وتركيبها تعبِّر عن حالة أخلاقية واجتماعية وإنسانية مهمة في حين يختلف كلياً عن الأحياء المحدثة ففيها تختفي العلاقات الحميمية الصادقة، تعتبر تلك الدروب والأزقة حياة قائمة بذاتها، وكم أشعر بالحنين عند عودتي من سفري إلى حمص تتسارع بي الخطا لأتجول في أسواقها وحاراتها وأزقتها، وكم يطربني صوت مناداة البائعين، وتعيدني ذاكرتي إلى أيام الطفولة بين جنبات المكان، وأيام الشباب وأصدقاء الدراسة الجامعية عندما كنا نقضي نهاراً كاملاً متابعين حركة الشمس والضوء والظل لإظهارها في لوحاتنا نتفاً من الدروب والأزقة العتيقة».
الجوائز التي نالها
حصد الراحل عديداً من الجوائز، منها الجائزة الأولى في معرض الفنانين الشباب بدمشق عام 1971، والجائزة الأولى في معرض نقابة المعلمين المركزي الخامس في اللاذقية عام 1993، والجائزة الثانية في معرض نقابة المعلمين المركزي السابع في دمشق عام 1995، والجائزة الأولى في معرض نقابة العلمين المركزي الثامن في دير الزور عام 1997، الجائزة التقديرية في معهد ثربانتس الإسباني في دمشق عام 2002، والجائزة الأولى في معرض نقابة المعلمين المركزي التاسع في حماة عام 2003.