من دفتر الوطن

كيفك؟

| عبد الفتاح العوض

في الحديث النبوي الشريف «ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم.. أفشوا السلام بينكم».

في كتاب للكاتبين عمر وبشر الدقاق ذكرا أن أقدم تحية مكتشفة في البرديات الفرعونية هي «تحية لك أنتِ التي تشرقين في الأفق».

هذه زاوية بسيطة المضمون ناتجة عن ملاحظة شخصية عن حالات يسألك فيها أحدهم كيفك؟ ولا ينتظر أن يسمع الجواب.

وبشكل مؤكد أيضاً أننا لا نجيب أيضاً عن السؤال إلا أنه مجرد بداية حديث.. تشبه خطابات المسؤولين عندما يقولون في بداية حديثهم.. أيها المواطنون الأعزاء.

السلام ليس مجرد كلمة.. هو فعل يقرب أو يبعد وثمة مرحبا تنفر أكثر مما تحبب.

كلمة كيف حالك.. كيفك.. ليس مجرد سؤال مجاملة نبدأ به محادثتنا،

لكن معظمنا يتصرف على أنه تحية لا أكثر ولا أقل ويرد على السؤال بعبارة مجاملة معتادة.

الذي يحدث أحياناً أن من يسألك كيفك لا ينتظر حتى تجبيه ومثل هذا لا يعني أنه غير مهتم بل يعني أن السؤال مجرد كلمة باردة بحروف خالية من الروح.

التحية عند الشعوب هي ثقافة.. وكل تحية لها معنى ودلالة خاصة وما استقرار أشكال التحية عند الأمم إلا لأنها جزء منها وما اختلاف أشكال التحايا بين الشعوب إلا لأنها مرت بتجارب مختلفة.. كل أمة لها تحيتها هي نتاج ما مرت به.

الناس يسلمون على بعضهم بالمصافحة وهي بالأساس رسالة سلام أن اليد لا تحمل سلاحاً وفي ثقافات كثيرة هناك أنماط مختلفة من التحية وبعضها يكون غريباً.. هناك تحية بالانحناء وتحية بالأنف وتحية بشد الأذن– تذكروها تحية شد الأذن- و..

لكن الأشهر هي تحية المصافحة وجاءت كورونا لتخفف منها إلى حد كبير وبدأت عادات جديدة قد تستمر فلا يكفي أن تكون اليد خالية من السلاح بل أيضاً خالية من الفيروسات.

هذا الاستطراد عن سؤال «كيفك» هو فقط لإدراك أن التحية هي ثقافة وأن طريقتنا بالتعامل معها تعبر عن حالنا فعلاً.

هي ملاحظة لا أدري إن كانت عامة أو مجرد ملاحظة عابرة أن السوريين لا يسمعون جواب سؤالهم.. ربما هي مجرد تحية وليست سؤالا… والرد عليها هو رد سلام وليس جواباً.

أو هي قدر كبير من اللامبالاة لا بالسؤال ولا بالجواب.

فهل أصبح السلام في ثقافتنا تعبيراً عن اللامبالاة وعدم الاهتمام بالآخر.

أبعد من ذلك.. لو سألت السوري التقليدي.. الآن «كيفك» وانتظرت فعلاً أن يجيب وكنت فعلا تريد أن تسمع الجواب الحقيقي على هذا السؤال فما الإجابة التي تتوقعها منه؟

قلت لكم تذكروا تحية بعض الشعوب التي تسلم على بعضها بشد الأذن… معقول الحكومة تعلمت هذه التحية من ثقافات أخرى؟

أقوال:

• من بدأ بالكلام قبل السلام فلا تجيبوه.

• إني أحيي عدوي عند رؤيته.. لأدفع الشر عني بالتحيات.

• سلام مثل رائحة الغوالي..

• ضعفت عن التسليم يوم فراقنا…. فودعتها بالطرف والعين تدمع.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن