بعضهم فارق الحياة وبعضهم أسنَّ… هل اعتزلوا أم أنهم منسيون؟ … يأتون بهم لتشخيص إنسان يلفظ أنفاسه الأخيرة فقط! … تماضر غانم: فدوى محسن غير منسية وسيتم تكريمها
| مصعب أيوب
فنانون كثيرون غادرونا بصمت وألم وحسرة، وفنانون ما زالوا على قيد الحياة باتوا يصارعون النسيان، ويحاولون ما استطاعوا لإثبات أنفسهم وإبقاء أسمائهم في أذهان الجمهور، ولكن منصات التواصل الاجتماعي وربما الذائقة الفنية تحول دون ذلك، فربما يذكر اسم أحدهم بعد أن تجاوز الستين من العمر أمامك وتحتاج لبرهة من الزمن لتتعرف إليه، وهو منسي لدى المخرجين وشركات الإنتاج، إلا في بعض المشاهد التي تحتاج لشخص يعارك الموت ويلفظ أنفاسه الأخيرة، وإن تم اختيار أحدهم فربما لا يأخذ الأجر المادي الذي يستحقه أو كما يتم الاتفاق معه، على حين أن بعض الوجوه الشابة الجديدة التي لمعت في عمل أو عملين باتت اليوم مطلب جميع شركات الإنتاج وتدفع لها مبالغ طائلة وتتحكم في النص وساعات التصوير وما إلى ذلك.
جرح عميق
قبل عدة أيام وعلى خشبة مسرح الحمراء بدمشق قامت نقابة الفنانين بتكريم عدد من الفنانين القديرين وأصحاب الزمن الجميل الذين تجاوزوا سناً متقدمة في مبادرة اعتبرها بعضهم ممتازة وتجبر خاطرهم وتثلج صدورهم، ولكن هذا التكريم لم يرق للبعض الذين اعترضوا على عدم استدعاء بعض الأسماء التي نسيت، فكان للفنان الشاب هامي البكار المشهور بشخصية معروف ابن الإدعشري في باب الحارة تعليق لافت على الفيديو الذي شاركته الفنانة شكران مرتجى عبر حسابها على انستغرام فيما يخص هذا التكريم الذي اعتبرته تكريماً يستحق التقدير والشكر وأن تكريم هؤلاء العظماء هو تكريم للفنانين جميعاً، وقد اعتبر البكار أيضاً أنها مبادرة جيدة وترفع لها القبعة وأنها لفتة متميزة في جبر الخواطر ولاسيما أن كثيراً منهم طعنوا في السن وباتوا عاجزين ومنهم والدته الممثلة فدوى محسن التي حمد اللـه أنها غير محتكة بمواقع التواصل الاجتماعي، لم تطلع على مشاهد التكريم ولم تلحظ أنها همشت ونُسيت كي لا يولد لها ذلك جرحاً عميقاً، مبيناً أنها همشت سابقاً إلا من بعض الاتصالات والمبادرات الفردية والنادرة.
«الوطن» تواصلت مع رئيس فرع دمشق لنقابة الفنانين تماضر غانم التي أكدت أن اسم الفنانة فدوى محسن موجود ضمن القائمة والنقابة على علم بوضعها الصحي ولذلك قامت قبل التكريم بيوم بإخبار ابنها ماجد بأنهم سيزورون الفنانة فدوى محسن في المنزل وسيتم تكريمها هناك وهي غير منسية أو مهمشة، ولفتت إلى أنها أنشأت في وقت سابق مجموعة للتواصل عبر تطبيق واتساب موجود فيه معظم هؤلاء الفنانين ومن تعذر وجود التطبيق لديه أو صعوبة استخدامه فقد تمت إضافة أحد أعضاء عائلته المقربين منه.
زيت وزعتر
إلى هنا الأمور تبدو على ما يرام ومن الجميل أن توضح الصورة للناس، ولكنها ليست المرة الأولى التي نشهد فيها حالة كهذه، فالفنان القدير هاني شاهين إلى جانب عمله في إدارة الإنتاج هو ممثل عريق وقدير وصاحب مسيرة فنية طويلة من مرايا مروراً بالعريف نوري في المسلسل الشهير باب الحارة، والذي ظهر سابقاً مطلع العام الفائت في مقابلة صحفية ليصرح من خلالها أنه منذ نحو ثلاثة أسابيع لا يتناول سوى الزيت والزعتر هو وزوجته وأنه منذ عام لم يذق طعم الفاكهة وأن وضعه الصحي ليس على ما يرام ولاسيما بعد أن تجاوز الثمانين من عمره ليغدو عشية اللقاء حديث منصات التواصل الاجتماعي وتنتشر مقاطعه في المقابلة بسرعة شديدة بين رواد الموقع الأزرق، وهو ما لفت انتباه المنتجين والمخرجين إليه ويتلقى عدة عروض للعمل.
تجاهل وتأخير
كما ظهرت قبل عدة أشهر الفنانة قمر مرتضى في لقاء صحفي تنتقد فيه أسلوب تعامل شركات الإنتاج معها وموجهةً عتباً كبيراً على مخرج مسلسل العربجي سيف سبيعي الذي ذكر اسمها في شارة المسلسل الختامية وأفادت أنه تجاهل عرض اسمها ضمن قائمة أبطال العمل، ليأتي رد الأخير بالاعتذار في إحدى المقابلات الصحفية ويعزو ذلك إلى توجهه بشكل عام في المرحلة القادمة إلى إلغاء شارات المسلسلات بالعموم والاستغناء عنها تباعاً.
وقد أفاد الراحل سعيد عبد السلام في لقاء سابق أن عدة أعمال درامية شارك بها لم يذكر اسمه أبداً في الشارة، وأنه في بعض الأعمال يجتزأ أجره ولا يأخذ مستحقاته كاملةً على الرغم من أن الرقم والمبلغ الذي يتقاضاه لا يعتبر شيئاً مقارنةً بما يدفع لأشخاص أقل منه سناً.
على الجانب الآخر الريجيسر «الشخص الذي ينسق بين المخرجين وجهات الإنتاج وبين الممثلين» الراحل عبد اللـه حصوة أكد في لقاء صحفي سابق قائلاً: «جميع من تعاونت معهم سابقاً قطعوا علاقتهم وتواصلهم معي وعملوا لي حظراً».
فهل يضطر هؤلاء الفنانون إلى طرق أبواب المنتجين بشكل مستمر للتذكير بهم وبحقوقهم؟ أم إنهم بمرور الوقت يصبحون في صفحات التاريخ ولو ذكرت اسماً فإنك بحاجة إلى تقديم العديد من مقاطع الفيديو للأعمال التي شارك بها للتعريف به؟
ولماذا هذه الأسماء تهمش على الرغم من المسيرة الفنية الطويلة لهم؟