رياضة

بعد خروج منتخبنا الأولمبي من مولد آسيا بلا حمص … أسباب كثيرة مباشرة وغير مباشرة وكرتنا تنتظر الحلول

| ناصر النجار

خرج منتخبنا الأولمبي من العرس الآسيوي بخفيّ حنين، وكان لهذا الخروج أثر سلبي لدرجة أنه شكل صدمة لكل عشاق الكرة السورية.
وبادر الجميع إلى تحليل أسباب الخروج وفق منظور شخصي استند إلى العاطفة حيناً وإلى الموقف الشخصي أحياناً، ورغم أن هذه التحاليل بمجملها اقتربت من الحقيقة بعض الشيء إلا أنها جانبت الصواب في الكثير من الأمور.
فكرة القدم لا تبنى على المواقف الشخصية، لذلك من لا يعجبه اتحاد كرة القدم والقائمين عليه وجدوا الفرصة لجلد المدرب ولاعبيه، ومن بنى موقفه على العاطفة سار حسب تيار هواه.

الحزن هو الشيء الوحيد الذي أجمع عليه المحللون، فكلنا حزنا على هذا الخروج المبكر، وعلى صورة الخروج الذي دلت على (إفلاس) كرتنا، أمام نظرائها الآخرين، فتبين لنا كم التطور الكروي التي تعيشه دول الجوار أمام المراوحة بالمكان الذي تعيشه كرتنا.
ولا أجد أن الأزمة سبب، لأننا لم نفلح في مناسبات سابقة في تخطي الأدوار الأولى في النهائيات، فما أشبه خروج منتخبنا الأولمبي اليوم بخروج منتخبنا الأول من النهائيات الآسيوية قبل خمس سنوات وفي قطر أيضاً.
ربما تشبيهنا هذا نقصد به شيئين اثنين، أولهما: أن كرتنا ما زالت على ما هي عليه، والأزمة ليست مبرراً رئيساً في هذا الخروج، وثانيهما: أن كرتنا تدور في حلقة مفرغة لأنها تعتمد الارتجالية والعشوائية بكل شيء، بدءاً من المسابقات والنشاطات وصولاً إلى طريقة إعداد المنتخبات.

الإعلام
في الأسباب المباشرة التي اعتقدها البعض أنها سبب خروج منتخبنا، هو التهويل الإعلامي، فالنفخ الإعلامي بنظر البعض أدى إلى غرور لاعبينا أولاً، وإلى وضع الجمهور بحالة إيجابية كانت خيالية أكثر من أن تكون واقعية.
وأنا هنا غير مخول بالدفاع عما كتبه الزملاء، لكن المنطق يفرض التفاؤل، ومؤازرة المنتخب وتشجيعه واجبان، وخصوصاً أن المنتخب الأولمبي فرض على الجميع محبته من خلال أدائه ونتائجه، وأي كلام عكس التيار سيتم تفسيره على أنه إحباط للمنتخب وتكسير لمعنوياته.
وسائل الإعلام المحلية مارست دورها الصحيح بأمانة، وإذا كان البعض من لاعبينا أصيب بداء الغرور، فهذه مشكلته، ومشكلة إدارة المنتخب.

الإعداد النفسي
الأداء العام لمنتخبنا في البطولة كان غير سار، ولم يقدم لاعبونا نصف ما عندهم، حتى إن المراقبين لم يلفت نظرهم من الأداء إلا شوط واحد من ستة أشواط لعبها المنتخب كان هو الشوط الثاني في المباراة أمام الصين، وذهب البعض بالقول: إن التفوق في هذا الشوط كان على حساب النقص العددي للفريق الصيني.
وإذا أضفنا إلى ما سبق تصريحات مدربنا وبعضها كانت غريبة، لأدركنا أن منتخبنا (إدارة- كادراً- لاعبين) يفتقدون الإعداد النفسي والثقافة الكروية، وهذه مسألة مهمة يجب إيلاؤها العناية التامة، فالمنتخبات الوطنية تفشل في المباريات الحاسمة في البطولات القوية وأمام المنتخبات المرموقة، وهذا له دلالات سلبية تشير إلى سوء الإعداد النفسي أولاً، وضعف الثقافة الكروية ثانياً، وتأتي بعدها بقية مراحل الإعداد.
لم يعد الفوز على منتخبات آسيا من الصف الثاني وما بعده مقياس التطور الكروي، لأنها أثبتت أنها منتخبات مبتدئة في كرة القدم، إنما المقياس هو كيفية التعامل مع الدول المتطورة كاليابان مثلاً، ومن في حكمها من الدول المتطورة، والمقياس هنا ليس الفوز عليها بقدر طبيعة الأداء وشكل وأسلوب اللعب.

فوضى
من قلب الحدث سمعنا عن الفوضى العارمة في المنتخب، وهذا الأمر منقول عن أكثر من مصدر، هذه الفوضى أوحت لنا بعدم وجود انضباط داخل البعثة، ما أدى إلى تشتت ذهن اللاعبين بقضايا خاصة وعامة، إضافة إلى ما نقل لنا عن وجود خلافات بين لاعبي الفريق، فلم يكن المنتخب على قلب رجل واحد، ما أدى إلى ضعف الأداء على أرض الملعب وتشتت القلوب، ولا ندري مدى صحة هذا الكلام، ولكن نتساءل، ما دور إدارة البعثة في عملية الضبط، وهل وجود أكثر من مسؤول وإداري بجسم البعثة أدى إلى هذه الفوضى.

الأسباب غير المباشرة
إذا كان ما سبق يعتبر من الأسباب المباشرة لخروجنا المبكر من النهائيات، فما الأسباب غير المباشرة؟
نعتقد أن الفساد الكروي هو علة كرتنا، وهو أحد المواقف التي تقف أمام التطور الكروي المنشود، وهذا الفساد ليس وليد اليوم، إنما هو استمرار للمصالح الخاصة التي تهيمن على العمل الرياضي بشكل عام وكرة القدم بشكل خاص.
والقضية مختصرة بكلمات بسيطة فلكي تبني كرة قدم متطورة، يجب أن تملك البناة المطورين، وأن يتفق الجميع على استراتيجية عمل واضحة وصريحة، وأن تقدم الإمكانيات والمستلزمات لتنفيذ هذه الاستراتيجية.
كل هذه الأمور نفتقدها في كرتنا، فالخلاف بين أقطاب اللعبة قائم، وأهل اللعبة وخبراؤها غائبون أو مغيبون، والإمكانيات المقدمة تكون حسب المتاح أو المتوافر!
إذا كانت أنديتنا الكروية ومسابقاتنا الكروية في خبر كان، فأي شيء يمكن أن تأمله من المنتخبات التي هي حصيلة الأندية والنشاطات!
السؤال الأهم: هل كان اهتمامنا بالمنتخب الأولمبي وإعدادنا له يوازي ما تم تقديمه لمنتخبات آسيا؟
السؤال المطروح اليوم: هل سيواجه منتخبنا الأول المصير ذاته، أم إننا سنعتبر وسنعمل ونجتهد، ونتلافى كل تقصير؟ لا أظن ذلك، لأن فاقد الشيء لا يعطيه!!

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن